الشامية اللاجئة في الشام وابنتها
ما الذي بقي لنا لنحكيه هذه الأيام إذا التفتنا إلى الوراء، وألقينا نظرة إلى تاريخنا القاسي؟ ما الذي ظل بين أيدينا من ذكريات بلادنا؟ من أيام الطفولة الأولى ومحاولات اكتشاف العالم؟ من الصور والأصوات والحكايا؟ من الهوامش التي تحطمها الحروب ولا تذكرها كتب التاريخ؟
إنها قصص الجدات اللواتي شهدن على قرنين تأسس فيهما ما نسميه «تاريخنا المعاصر»، الذي رسم شكل حاضرنا اليوم، وفاض بـ«انتصارات» الدول وهزائم الجدات.
نحاول في هذا العدد استعراض سير عدد من الجدات، وأرشفة وجوههن وآلامهنّ وحكاياتهنّ، حيث حضرن كصانعات للتاريخ، أو ضحيّات له، أو شاهدات عليه.
يعرض هذا الملف قصصاً لجدات شهدن نزوحات متتالية، وأخريات شهدن الحروب وتحولات الأرياف والمدن، وهي قصص تحضر فيها فلسطين وسوريا ودير الزور وحلب ودمشق وباريس. حيث تعكس حكاية كل جدة روح البيئة التي عاشت فيها وخلقتها، وكانت فيها مركز الثقل.
كُتبت المواد بأقلام أحفاد يتذكرون البيوت الطينية وبحة الصوت والعكازات والوشوم والتجاعيد والصور العتيقة، لإحياء ما حطمته الحرب وأكلته النيران وأوشكت على طيّه الذاكرة. هي محاولة لتجميع الرماد وفكّ الأحاجي وإيجاد التقاطعات مع الحاضر، في واقع نعيشه اليوم، ويجبرنا ازدحامه وكثافة أحداثه على النظر إلى الأمام، ليكون فعل الالتفات إلى الخلف، بذلك، فعل مقاومة وتأمل، في مواجهة محاولات قتل المكان وشطب الذاكرة، وتزوير التاريخ، وخطف الحكاية أو إحلالها في الهامش. هي محاولة لسوق الهامش وتصديره إلى المتن، وقلع عين القتلة بإصبع الحبّابة.
إعداد: مصعب النميري
رسوم وإخراج فني: ياسمين فنري
مجلة الجمهورية الأسبوعية