شكراً جزيلاً لموافقتك على المقابلة في هذه الأيام الحافلة والصعبة. سؤالي الأول، هل يمكنك أن تتحدث عن نفسك؛ من أنت، ومنذ كم سنة تعمل مع حزب هي دي بي، وماذا كنت تفعل من قبل، إلخ؟

شكراً جزيلاً. مهنتي قبل الانضمام للعمل السياسي هي الأنثرولوجيا الثقافية. كنت أدرس في الولايات المتحدة، في جامعة ميشيغان. منذ 2015 أنا عضو في البرلمان التركي، كجزء من حزب الشعوب الديمقراطي (هي دي بي). كما أَشتغلُ كنائب رئيس الحزب ومسؤول القضايا الخارجية. كان لي نشاطٌ في عدد من البرلمانات العابرة للدول، مثل الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وغيرها. وشغلي الأساسي هو السياسة الخارجية والدبلوماسية.

شكراً جزيلاً. هذه تضحية كبرى ومثيرة للتقدير أنك غادرت العمل الأكاديمي واتجهت للسياسة. حسناً، أريد أن نتحدث بشكل وجيز عن الانتخابات القادمة التي ستجري خلال أيام. ماذا يتوقع حزب الشعوب من الانتخابات، ولماذا يرى الانتخابات مهمة. لقد تابعنا أخبار الانتخابات التركية عن كثب ضمن حزب الشعوب، لكن يبدو أن الحزب لا يحظى بتغطية واسعة في الإعلام العالمي ولا سيما العربي. هل يمكنك أن تُخبرنا بسرعة عن أهمية هذه الانتخابات وتوقعات حزب الشعوب منها؟

شكراً على السؤال الممتاز. في البداية دَعيني أُشير إلى قضية مرفوعة ضد الحزب اليوم لإغلاق الحزب بشكل نهائي. ولهذا يشارك الحزب في الانتخابات إلى جانب حزب اليسار الأخضر. وبالتالي، رسمياً فإن حزب الشعوب غير مشارك في هذه الانتخابات. أما الانتخابات فهي مهمة جداً لأنها تأتي في الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية. نحن بعد مئة سنة بالضبط الآن، وهي لحظة مفصلية في تاريخ الديمقراطية التركية. ستُعقَد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يوم 14 أيار (مايو). وهدفنا في حزب الشعوب الديمقراطي أن نَحظى بأكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية. هدفنا المعلن هو 100 مقعد. من الضروري جداً أن تنال المعارضة أكثريةَ المقاعد، ونحن نريد أكبر عدد ممكن من المقاعد لكي نؤمن على 300 صوت.

مثالياً نحن بحاجة إلى 360 مقعد لكي نتمكن من إجراء استفتاء على التعديلات الدستورية. كما أننا سنخوض الانتخابات الرئاسية في اليوم نفسه. ليس لدى حزب الشعوب مرشح رئاسي لذلك سيدعم السيد كمال كلِجدار أوغلو، المرشح الرسمي لما يسمى الطاولة السداسية، أي الأحزاب الستة المتحالفة ضمن تحالف الأمة المعارض. بالنسبة لحزب الشعوب فهو جزءٌ من تحالف العمل الحرية، والذي يضم عدة قوى تقدمية. وبالتالي ضمن الانتخابات البرلمانية لدينا مرشحونا وحزبنا الخاص وهو اليسار الأخضر، لكن بالنسبة للانتخابات الرئاسية فإن مُرشَّحنا هو كمال كلِجدار أوغلو، وهو نفسه مُرشَّح المعارضة بشكل عام.

ونحن على مفترق طرق الآن، فإما أن ينجح الرئيس أردوغان في نيل خمس سنوات إضافية لترسيخ حكمه السلطوي، المعادي للديمقراطية والعدواني بشدة والعسكريتاري إلى حد كبير، أو تنجح المعارضة في فتح صفحة جديدة في السياسة التركية. وبالتالي قد نتمكن في إعادة صناعة أو إعادة بناء المشهد السياسي بطريقة تعددية، ومن ثم نتحدث عن مشاكلنا. بالطبع المسألة الكردية مهمة بالنسبة لنا، ولكنها ليست الوحيدة. لم نتمكن من مناقشة أي مسألة وأي قضية في تركيا بطريقة ديمقراطية وسلمية وذات مغزى. وبالتالي فنحن نأمل في وضع حد للنظام الرئاسي الحالي واستعادة الأكثرية البرلمانية لإعادة بناء المؤسسات التي دمرها أردوغان. نأمل في استعادة حد أدنى من معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون.

لقد أجبت على سؤالي القادم جزئياً، والذي يتعلق بمطالب حزب الشعوب في الانتخابات القادمة. كيف يتحدث حزب الشعوب مع المجتمع التركي، ومع قواعده الشعبية، ومع غير الداعمين له بشكل عام. ما هي مطالبه، وما هو خَطُّهُ السياسي؟ لعلّك ذكرتَ جزءاً من ذلك، لكن هل يمكنك التوسُّع أكثر في مطالب حزب الشعوب الديمقراطي؟

بصراحة علينا أن نكون واقعيين. هذه مرحلة انتقالية، ونحن نحاول الانتقال إلى مرحلة ما بعد أردوغان. وتحالف الأمة الذي يمثل الأحزاب الستة يضم عدة توجهات، من الديمقراطيين الاجتماعيين، إلى الأحزاب القومية، إلى اليمينية، إلى الإسلامية. هناك تنوع كبير إيديولوجي وسياسي. وحتى تحالف العمل والحرية أيضاً يمثل منصة متنوعة. لذلك من أجل الانتقال إلى مرحلة جديدة علينا بناء سياسة قائمة على التوافق. والتوافق يعني جزئياً أن يكون الجميع سعداء، وجزئياً ألا يكون أحدٌ راضياً تماماً. نحن بحاجة لقدر من الإجماع، لأرضية مشتركة. وهكذا يمكننا الانتقال لمرحلة جديدة. ومن هنا فإن مطالبنا ليست عالية على الإطلاق. ما نطلبه الآن في هذه الانتخابات، من الحكومة القادمة، هو ضمان أن تمتلك البلاد حداً أدنى من الحياة الديمقراطية الاجتماعية السياسية. 

بالتالي لا نتوقع من الحكومة المقبلة حلَّ القضية الكردية، ولا الإجابة على تحديات بنيوية أكبر تعاني منها البلاد. هذه مرحلة انتقالية هدفها إعادة صناعة المشهد السياسي العام، بما يُمكِّنُنا من إعادة التموقع والنضال بطريقة ديمقراطية. وهكذا فلا أحد يطرح مطالب عالية. من حزب الشعب إلى سائر الأحزاب الأخرى، بما في ذلك حزب اليسار الأخضر. كلنا متواضعون في الطرح الآن. هدفنا هو إنهاء النظام الرئاسي، واستعادة حكم القانون، وضمان فصل السلطات، وربما إعادة هيكلة القضاء ليكون مستقلاً تماماً، والسماح للمجتمع المدني بالعمل، وضمان حرية الإعلام والحياة الأكاديمية، بالإضافة لبعض اللامركزية ربما لتمكين الحكومات والولايات المحلية. باختصار إيقاف سياسات أردوغان العدوانية والقمعية، هذا ما نريده. نحن لن نحلّ كل مشاكلنا الآن، ولكن سنبني المجال السياسي الذي يُمكِّنُنا من السعي نحو حلّ المشاكل الأخرى.

واضح. لكن من جهة أخرى، ما نراه في حملة أردوغان أنه يستعمل المسألة الكردية لبناء زخم خاص به وحشد قاعدته الشعبية. هو يستعمل المسألة الكردية بعدة طرق، أحياناً يدعو للعسكرة، أحياناً يُماهي بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني. هل يمكنك التعليق على هذا الجانب؟

الرئيس أردوغان وحلفاؤه القوميون المتطرفون جميعاً مُعادون للكُرد. لديهم ميثاق يُعادي القضية الكردية، وكلنا يعلم ذلك منذ 2015 حين أنهوا العملية السياسية مع العمال الكردستاني، وهو الجناح المسلّح للحراك الكردي. ثم بدأوا يهاجمون كل ما يتعلق بالكُرد والهوية الكردية. هذا ما جرى منذ 8 سنوات. والرئيس أردوغان بدا عدوانياً جداً تجاه الكُرد. هو يرى أي مكسب كردي في الشرق الأوسط تحدياً لمؤسسته السياسية. الكُرد في سوريا يراهم تهديداً كبيراً، الكُرد في تركيا طبعاً تهديد، الكُرد في العراق أيضاً حين كانوا يحاولون تنظيم استفتاء وكان أردوغان عدوانياً تجاههم. طبعاً لكي يبني قاعدة قومية متماسكة ولكي يقنع جمهوره القومي، بل والقومي بشدة، هو بحاجة لتجريم وترهيب حزب الشعوب الديمقراطي. هذا لا يحدث فقط على مستوى الخطاب السياسي فحسب، بل أيضاً بشكل قضائي. لدينا قضية لإغلاق الحزب الآن كما ذكرتْ، وهناك تحريض متواصل ضد قادة حزب الشعوب بسبب دعمهم لسكان كوباني عام 2014. تقريباً كل قادة الحزب تمت مقاضاتهم بتُهم مضحكة، ومع أحكام بالسجن المؤبد لعدد منهم.

هناك حملة قمعية عامة ضد الكُرد وضد حزب الشعوب. وأردوغان صنعَ تحالفاً مع القوميين المتطرفين عام 2015 كما ذكرت، وكل ما يجري هو جزءٌ طبيعي من هذا التحالف. وهو سيواصل فعل ذلك حتى النهاية. لكن رغم كل القمع الذي يطال حزب الشعوب، والذي يشارك في الانتخابات الآن تحت مسمى اليسار الأخضر، أظن أننا سنبقى «صانع المَلِك» أو الصوتَ المُرجِّحَ الذي يُطلَبُ رضاه. فمن دون دعم كردي كبير من شبه المستحيل أن يفوز أي رئيس في الانتخابات. وهذا أحد أسباب عدوانية أردوغان تجاه الكُرد، فهو يريد تحطيم المؤسسات والأحزاب قبل الانتخابات. وقد نجونا حتى الآن في حزب الشعوب، ولم يعد هناك الكثير من الوقت. لدينا أسبوع واحد، صح؟ إذن استطعنا البقاء كفاعل سياسي مهم وفعّال. وأعتقد أن أصوات حزب الشعوب، أو أصوات اليسار الأخضر، ستكون حاسمة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. سيكون رداً ساحقاً على سياسات أردوغان المعادية للكُرد.

تمام. سؤال آخر يتعلق بالمسألة الطائفية والإسلامية. بعد عام 2016 قام أردوغان ضمن تحالفه المعادي للكُرد بزيادة الجرعة الطائفية ضمن حزبه الإسلامي، وهو أمرٌ مستمرٌ منذ بداية الحرب في سوريا. ومؤخراً قام رئيس تحالف المعارضة كمال كلِجدار أوغلو بالظهور العلني وتقديم نفسه كعَلَويّ. وهذا أمر راديكالي في السياسة التركية، أن يعلن قائد سياسي أنه غير سني وأنه من أصول علوية. ما هو موقف حزب الشعوب من مسألة الإسلام والطوائف؟

لقد رأينا رئيسنا أردوغان يستعمل نسخة محددة من الإسلام السُنّي، أو الخطاب الإسلامي السُنّي، كجزء من مُحاججاته السياسيّة العامة. ويمكن الإشارة إلى المخاطر التي خلقها ذلك. في سوريا مثلاً رأينا كيف أضرّت السياسات الطائفية بالشعب السوري. وما يزال أردوغان مستمراً. والحقيقة أن أردوغان يقوم بترويج نسخة محددة وخاصة من الإسلام السُنّي، وليس الإسلام السُنّي ككل. هو يروّج نسخة توسّعية بشدة، عسكرية إلى حد كبير، وقمعية للغاية. هذا تفسيره للإسلام. وهو يتدخل في مناطق مثل ليبيا وسوريا والعراق. ونحن نرى ذلك خطيراً.

في حزب الشعوب نحن طبعاً حزب علماني. نحن ندعم حقوق الاعتقاد ونرى أن من حق الناس أن يمارسوا إيمانهم بالطريقة التي يريدونها، ونرى أن واجب الدولة والمؤسسات الحكومية ضمان حرية الناس في الحياة الدينية والممارسة الدينية. لكن استعمال الإسلام أو نسخة منها لغايات سياسية أمرٌ مرفوض، ونحن واضحون في ذلك. لقد رأينا السياسات الطائفية التي اتًّبعها أردوغان ودَورها التدميري في سوريا منذ 2011. لقد كلّفت السوريين كثيراً. في تركيا هناك مسألة طائفية كبيرة. العلويون أقلية مُهمّشة تاريخياً، والسيد كلِجدار أوغلو برأيي كان مضطراً للاعتراف بهويته الطائفية. الناس لا يفعلون ذلك في العادة. لكن بسبب كثرة الحديث غير المباشر عن هويته العلَوية، وهي هوية غير نمطية وغير أورثوذوكسية. وقد حاول أردوغان وحلفاؤه استعمال هويته ضده، وبالتالي فإن اعترافه العلني بهويته العلَوية ربما وضع حداً لتلك الحجة الطائفية التي كان يستعملها الرئيس أردوغان وحلفاؤه. الآن هم يقولون بالعكس إن العلويين مثلنا وإنهم يحترمون الجميع. بصراحة هذا غير دقيق تاريخياً. للأسف نسخة أردوغان من الإسلام السُنّي فيها نَفَسٌ طائفي واضح وعدواني، في الداخل والخارج. وهذا مؤسف.

هذا يأخذنا لسؤالي الأخير حول مسألة اللاجئين في تركيا. كما تعلم هناك درجة متزايدة من العنصرية وكره الأجانب تجاه اللاجئين السوريين والأفغان. وهناك عدة أحزاب سياسية تخوض حملتها الانتخابية على أساس معاداة اللاجئين. وللأسف نشهد مرة جديدة تبني المعارضة لخطاب مناهض للّجوء، ونسمع وعودها بإرسال اللاجئين خلال سنتين. كلِجدار أوغلو ذكر ذلك بشكل علني. كيف ينظر حزب الشعوب لمسألة اللاجئين، ولا سيما السوريين الذين يعيشون في تركيا، سواء من تجنسوا أو من يمتلكون حماية مؤقتة؟

نرى كيف أن معظم النقاش حول الموضوع عنصريٌ بشكل واضح وفاضح. هذا يشمل الجميع، من المعارضة إلى الحكومة. الحكومة الحالية تستخدم اللاجئين كأداة ضد الدول الأوروبية، من باب الابتزاز والتهديد بفتح باب اللجوء. وكأنَّ هؤلاء اللاجئين ليسوا بشراً من لحم ودم، بل أدوات سياسية فقط. هناك في الواقع عدة مستويات للعنصرية تجاه السوريين. بالفعل المعارضة عُنصرية بشكل واضح فيما يتعلق بالسوريين والأفغان والباكستانيين وحتى الأفارقة الذين أتوا لتركيا لهذا السبب أو ذلك. نحن في حزب الشعوب واليسار الأخضر لا نؤمن بهذه الحدود. ثمة حرب مؤسفة جرت في سوريا، وقد جاء اللاجئون عبر الحدود إلى تركيا. ونحن نعتقد أن من حق القادمين الحصول على حقوق مثلي ومثلك. هؤلاء بشرٌ مثلنا، بلدهم مُدمَّر وعلينا أن نشارك موادنا ومؤسساتنا وأموالنا وغير ذلك. من هنا فإن مُقاربتنا للموضوع إنسانية. نحن لا نفرّق بين المواطنين واللاجئين والضيوف، هؤلاء كلهم بشر. إذا وجدت فتاة عمرها 10 سنوات أو 12 سنة أو أم لأولاد أو غير ذلك، لا يهمني إذا كان لديهنّ جنسية أو وضعية لجوء أو غير ذلك. لا يجب النظر في هذه الأمور. للأسف المعارضة عُنصرية في خطابها السياسي. هي تعلمُ إحباط الناس في بعض المناطق، ولا سيما في الجنوب التركي مثل غازي عنتاب وهاتاي ومرسين وأضنة، وحتى اسطنبول. الناس يشعرون بالغضب بشكل عام، ويعبّرون عن غضبهم تجاه اللاجئين السوريين. في الحقيقة هم ليسوا لاجئين ولا يمتلكون وضعية لجوء قانونية، بل هم «ضيوف». هذا أمر غير مفيد وخطير.

لنتأمل أن تتحسن الأمور بعد الانتخابات. لن يعود معظم هؤلاء إلى سوريا قريباً. قلّة ستعود. الأغلب أنهم سيدخلون في نسيج المجتمع التركي وينضمون إلى الحياة التركية في المدى المتوسط والبعيد. الكثيرون منهم يذهبون إلى المدارس، بعضهم لديه أعمال تجارية، البعض نال الجنسية. لكن إذا عاد الاستقرار لسوريا ونجح الحل السياسي في إنهاء الحرب، يمكن للاجئين أن يعودوا بِناءً على الخيار الطوعي. لكن لا يجب أبداً إجبار أحد على العودة إلى سوريا. المسألة تتعلق بالخيار، وهذا ما نُعلنه. وسواء هذه الحكومة أو الحكومة القادمة، فإن من المحظور استعمال اللاجئين كأدوات مساومة مع الدول الأوروبية. هذا وحشي. هناك مليونان أو 3 ملايين، في بلد مثل تركيا فيه 85 مليون. أعتقد أن المشكلة ليست كبيرة للغاية، وبلدنا كبير وقادر على استيعاب هؤلاء. نأمل بعد الانتخابات أن تصل المعارضة إلى السلطة وتُطوّرَ مقاربة إنسانية تجاه هذه المسألة، بدل استعمال هؤلاء الأشخاص المُهمَّشين لغايات سياسية.

هل لدى حزب الشعوب سياسة خارجية محددة فيما يتعلق بالنظام السوري، الذي يحكم البلاد منذ خمسين سنة؟

نعم وبكل وضوح. نحن نعتقد أن على الشعب السوري أن يتّحد ويقرر بشأن مستقبله السياسي. هذا يشمل العرب والأكراد والتركمان وغيرهم. هناك تنوع كبير في سوريا. للأسف سوريا القديمة انتهت، وهناك سوريا جديدة يجب بناؤها. يجب أن يتم ذلك بطريقة تعددية واستيعابية وديمقراطية. والأمر يعود للسوريين والسوريات. لكن فيما يتعلق بتركيا، فهي منخرطة بشدة في الشأن السوري، حيث تدعم قوات وَكيلةً لها على الأرض، ولديها قوات عسكرية على الأرض، وتتدخل في عدة مسائل، وتتصرف كقوة احتلال في الحقيقة. هذا الوجود غير قانوني وغير مُبرَّر. لا يجب أن يكون لدى تركيا قوات على الأرض، ولا يجب أن تكون جزءاً من الحرب السورية، ولا يجب أن تدعم قوات وكيلةً لها، سواء جهادية أو غيرها. لكن لدى تركيا القدرة على لعب دور إيجابي. تركيا مهمة جداً وهي جزء من الناتو، وقريبة للغاية من الأوروبيين، ولديها علاقات ثنائية جيدة مع دول كثيرة. بإمكان تركيا ويجب على تركيا أن تعمل على إعادة الاستقرار لسوريا. يمكن لتركيا أن تلعب دوراً بَنّاءً في جمع أطراف متعارضة في سوريا من أجل حل سياسي مُستدام. ولكنها للأسف تقوم بتقويض العملية السياسية من أجل حماية مصالح ضيقة. وبالتالي فإننا إذا وَصلنا إلى السلطة سنشجع الجميع على أخذ مقاربة سلمية وبَنَّاءة من أجل حل سياسي يجمع سوريين مختلفين مع بعضهم للتفاوض حول اختلافاتهم وإعادة بناء مجتمعهم ومؤسساتهم والتحوُّل إلى بلد من جديد. إذا أرادت تركيا ذلك فإنها تمتلك الكثير من الموارد والإمكانات والقدرة المؤسسية على دعم ذلك. هذا يتطلب تَغيُّراً في الإرادة السياسية والموقف السياسي. لنأمل أن تكون الحكومة القادمة قادرة على المساهمة في حلّ سياسي وبَنّاء في سوريا.