الحياة تحب أن تمنح للدراما معنى من وقت لآخر.

الطوف الحجري، خوسيه ساراماغو

الزلزال بين الحدث الجيولوجي والتأويل الرمزي

يَفرِضُ الزلزال الذي تعيشه الطبقات الأرضية، بوصفه حدثاً جيولوجياً طبيعياً، احتمالات تعبير وتأويل على الفكر الإنساني، ترتبط بعديد المجالات العلمية والثقافية الأخرى، فيفرض أسئلةً في التعبير والرَوْي والسرد تتزامن معه. وكما فرض وباء كوفيد 19 قاموساً من المفردات العلمية على مجالات دراسة الظواهر الاجتماعية والحكايات الإنسانية والرمزيات السياسية المرتبطة به، فرض الزلزال أيضاً، على الكتابة والتعبير، البحث في قاموس العلوم الطبيعية والسياسية، وحتى التأويل الرمزي.

يتخيّل الروائي خوسيه ساراماغو في روايته الطوف الحجري زلزالاً يضرب شبه الجزيرة الإيبيرية، التي تضُم إسبانيا والبرتغال، ليَفصلها عن القارة الأوروبية. فتُبحر شبه الجزيرة في المحيط الأطلنطي، وبهذا الحدث التخييلي، تناقش الرواية على طريقتها وباستخدام موضوعة الزلزال علاقة كل من إسبانيا والبرتغال بالاتحاد الأوروبي. يكتب طلعت شاهين، مترجم الرواية، في مقدمتها:

«جاءت هذه الرواية تحديداً بعد انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي في ظل معارضة من جانب العديد من المتطرفين الأوروبيين الذين يرَوْن في البرتغال وإسبانيا عالماً مختلفاً لا يجب أن ينتمي إلى أوروبا، ولتلك المقولة الأوروبية الشهيرة لبعض مُتطرفيها: أوروبا تنتهي عند جبال البرانس، وما هو جنوبها ينتمي إلى أفريقيا».

كما في الرواية، ضرب الزلزال في الحالة السورية بقعةً تشمَل دولتين، في واقعة كثّفت بطبيعتها الطارئة واقعَ العلاقات السياسية المأزومة في محيطهما، وأعادت أسئلة الانتماء والانفصال في رمزية الحدث وفي الجهود التي كُرِّست للاستجابة للكارثة. يدفع الزلزال، في الحقيقة كما في الأدب، بأسئلة سياسية وعسكرية وثقافية إلى واجهة الأحداث.

الزلزال والإنسان الأخير على وجه الأرض

كما سمح زلزال رواية الطوف الحجري رمزياً بتناول فرضيةٍ سياسية، يأتي الزلزال في فيلم الأرض الهادئة (1985) ليعالج فكرةً أكثر فردانية، فكرة بقاء إنسان-فرد وحيداً على وجه الأرض. في الفيلم، زاك هوبسون هو عالِمٌ يعمل على تجربة إنشاء شبكة طاقة عالمية لاسلكية لتشغيل المعدات العسكرية. يستيقظ بُغْتةً ليكتشف أن المدينة تعرضت لزلزال، وحين يقود سيارته في المدينة المهجورة يكتشف اختفاء كل حيوان حي وكل إنسان. يدخل زاك إلى مختبره، لكنه يفشل في الاتصال بأيٍّ من المعامل الأخرى حول العالم، ليَعي أنه الشخص الوحيد المتبقي على الأرض. بعد أسبوع من محاولة الاتصال بشخص آخر، ينتقل زاك إلى قصر فارغ، وتبدأ حالته العقلية بالتدهور. يلبَس ثوب نوم امرأة ويتقلب مزاجه بين البهجة واليأس، يهتف من مكبرات الصوت الكبيرة، ويخطب من الشرفة بجمهور غير موجود، ليعلن نفسه «رئيس هذه الأرض الهادئة»، ثم تصيبه نوبةٌ من الهياج المدمر، فيقتحم الكنيسة، ويطلق النار على تمثالٍ ليسوع على الصليب، ويعلن أنه الله، وبعد أن يسحق عربة أطفال فارغة بجرافة عملاقة عن طريق الخطأ، يضع ماسورة البندقية في فمه، مُقدماً على الانتحار.

بالمقابل، نجد في نص بعنوان يوم حبسنا مع زلزالنا في الشمال أن كاتب المقالة، محمد جلال، يقدّم شهادةً تُذكّرنا بالعديد من مشاهد فيلم الأرض الهادئة، مُضيفاً إليها مسحةً من السرد الكوميدي الذي يراوح شهادته الذاتية بين الواقعية والعمل الأدبي:

«إنه الزلزال إذن. كوميديا إلهية حقيقية تندّرَ الكثيرون بالدعاء لحصولها، أو لنيزكٍ أو قيامة تُوْقف شبه الحياة التي يعيشونها. بالتأكيد، لم يعنِ أيٌّ منهم تلك الأمنيات؛ لا ريب في ذلك بعد السادس من شباط. في قرية سرمدا التي بالكاد نجدها على الخرائط قبل الثورة، وتحوّلت إلى عاصمة المنطقة بعد تراكم مستودعات التجار ومخيمات اللاجئين في محيطها، لم يكن هناك وقتٌ كافٍ للتيقّن من أن هذه الاهتزازات ليست استمراراً لكابوسٍ كنتُ قد استيقظتُ عليه قبل ساعة واحدة. لم أتحرك من مكاني مُحاوِلاً الفهم، انقطع التيار الكهربائي وعمَّ الظلام. كانت سيارتي تتحرك إلى الخلف والأمام كأنَّ أشخاصاً يحاولون دفعها، توقف الاهتزاز لثانيتين، أو ربما غير ذلك، إذ لم يعد تقدير الوقت ممكناً بعد أن شعرتُ أن ما يحدث كان يجري منذ الأزل، ثم استؤنفَ مرة أخرى. بالكاد استطعتُ الوقوف، أيقنتُ أن الجميع سوف يموتون بعد قليل، وسأبقى وحدي حياً في الخارج. هدأ كل شيء أخيراً، لم يبقَ إلا صوت الأمطار الغزيرة، التفتُّ حولي إلى الظلام الممتد، هل حقاً حدث ذلك؟ هل سيأتي شخصٌ ما الآن ويسألني عمّا أفعله في الرابعة والنصف إلا بضع دقائق وسط الشارع وتحت الأمطار بلباس النوم؟ انتظرتُ أيّ إشارة».

كيف نروي الزلزال؟ اللحظات الأولى بين الفردية والكارثة

يكتب ساراماغو في داخل النص الروائي:

«الكتابة عمليةٌ صعبة جداً، إنها من المسؤوليات الكبرى، يكفي التفكير في العمل الشاق الذي يحتاجه الترتيب الزمني للأحداث، أولاً هذا، وبعده ذاك، أو، لو كان هذا متوافقاً مع الفعل المطلوب، فحدثُ اليومَ موضوعٌ قبل فصل الأمس، وألعابٌ أخرى ليست أقل خطورة، كتابة الماضي كما لو كان يحدث الآن، والحاضر كما لو كان مستمراً بلا نهاية، لكن، مهما بذل المؤلفون من جهد، هناك قدرة لا يمكنهم إعلانها، أن يضعوا في وقت واحد شَيْئين وقعا في ذات الوقت».

يتطرّق الروائي في هذه الفقرة إلى صعوبة توصيف الأحداث المتزامنة بين الحكايات الفردية والحدث الجمعي؛ أي أفعال الناس لحظة وقوع الزلزال. يكتب المترجم طلعت شاهين عن رواية ساراماغو:

«يتخيّل الكاتب عدداً من الأحداث المتوازية التي لا رابط بينها: انطلاق كلاب القرية في النباح دون توقف، وموظفٌ برتغالي يقذف حجراً في مياه المحيط الأطلنطي، ومعلم مدرسة برتغالية تتبعه الزرازير أينما تَوَجَّه، وصيدلي إسباني يشعر باهتزاز الأرض تحت قدميه، وسيدة برتغالية مطلّقة ترسم خطاً على الأرض بفروع شجرة دِردار، وأرملة جيليقية تفك خيوط جَورب صوفي أزرق وتصنع منه تلاً من الخيوط لا ينتهي. إلا أن تلك الأحداث غير المنطقية تؤدي إلى حدث واحد مرعب؛ وهو انفصال شبه الجزيرة الإيبيرية».

كذلك الأمر عند الكتابة عن الزلزال السوري، مجموعة من الحكايات الفردية تجمع بين الفردي والحدث الجيولوجي، وتحت عنوان شهادات عن الزلزال والخوف في جسر الشغور يجمع كاتب المقال، ياسر محمد، مجموعة من الحكايات الفردية للتعبير عن لحظة وقوع الكارثة: حكاية الصياد الذي خسر أثناء الزلزال عدة الصيد الخاصة به والتي حصل عليها بعد بيع مصاغ زوجته والاستدانة من أحد أصدقاءه، لكن شِباك الصيد خاصّته انجرفت مع فيضان نهر العاصي لحظة الزلزال، وحكاية أم محمد التي وَضَعت مولودها الثاني قبل ساعاتٍ من حدوث الزلزال، لكنها اضطرت للنزول إلى الشارع مع رضيعها في ظل البرد والعاصفة المَطَرية التي ضربت المنطقة يوم الزلزال، وكذلك حكاية سارة وخطيبها اللذين حددا موعد زواجهما في السادس من شباط، وجهّزا كل متطلبات الاحتفال بهذا اليوم الذي وقع في فجره الزلزال، تقول سارة: «تَصادَف يوم عرسنا مع نكبةٍ كبيرة. لم أكن سعيدةً في يوم فرحي الذي كان فاجعةً لأناسٍ آخرين. كانت أسماء الضحايا تتالى، وأسرٌ كاملة تُنعى».

قاموس العلوم الجيولوجية

تتطلب الكتابة عن الزلزال أيضاً معرفةً بالعلوم الجيولوجية، وقاموساً من المفردات المتعلّقة بعلوم الأرض والجغرافيا والفوالق، أو على الأقل هذا ما فعله الروائي ساراماغو في رواية الطوف الحجري. يكتب طلعت شاهين عن الرواية: «إنها عملٌ عبقري تطلّبَ من مؤلفه أن يكون مُلّماً، ليس بجغرافيا الأرض التي حرّكها من مكانها، بل بتاريخها القديم والحديث، وبالسياسة المعاصرة وجذورها القديمة في شبه الجزيرة، وأيضاً بالنظريات والحقائق العلمية التي لم يتركها للصدفة أو الخيال لمجرد الخيال». فالأدب أيضاً يتطلّب لغة الشِعرية أو الرمزية، ففي أحد مقاطع الرواية يُشبّه الروائي الهزة الأرضية باهتزازات الآلة الموسيقية: «الأرض تتذبذب كما يتذبذب وَتَرُ الكمان بعد أن صمتت نغماته، يشعر بها بيدور أورثي في باطن قدميه، ويظل يشعر بها عندما يخرج من الصيدلية إلى الشارع، ولا يبدو أن أحداً هناك شعر بشيء، تماماً كالنظر إلى نجمة». وكذلك الحال عند متابعة النصوص التي نُشرت في المواقع والنشرات الإخبارية عن الزلزال السوري التي سعت لاستضافة ما أمكن من المختصين/ات لتطوير هذا القاموس اللغوي.

الشِعرية في توصيف مشاعر المأساة

يصف المعتصم خلف في مقالة تحت عنوان مساعدة وقلق عبر حدود عالية بشِعرية أثر المأساة السورية على الوجدان: «كلما حاولنا أن نواجه اليقين بأسئلة الحاضر كي نُدرك مدى تأثير الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا فجر يوم الاثنين 6 شباط، نكتشف كيف حَوَّلت المأساة وجوه الذين نحبهم إلى أرقام لا تنتهي». هذه الشِعرية المتوافرة في شهادة الخلف هي أساسٌ في أدبيات التعبير عن المأساة التي تتعلق بالكوارث، فيصف الروائي ساراماغو تغيُّر المصائر الإنسانية في حدث الزلزال: «تتغير حياة الناس جميعاً، كلٌّ تسير حياته في الاتجاه الذي تدفعه إليه حركة هذا الطوف الحجري، سواء بإبحاره بلا اتجاه معين، أم بدورانه حول نفسه وما قد ينجم عن ذلك من أخطار». ويُركّز الروائي على توصيف شِعرية اللقاء مع الموت في أكثر من فقرة في الرواية: «شيوخٌ قالوا لأولادهم القلقين وأقاربهم إنه لو كان الموت من أجل الموت، فالموت هنا أفضلُ من الموت جوعاً أو نتيجة أمراض سيئة، إذا كان الإنسان مُختاراً بعظمة حتى يصل إلى الموت في عالمه الخاص، ما لم يكن بطلاً أوبّرالياً، كانوا قادرين على القول: لن أخرج من هنا، اذهبوا أنتم لو كنتم خائفين». وفي مقطع آخر يُشابه تلك المشاهد السينمائية التي صورها ستيفن سبيلبيرغ في فيلم تايتانك، يَكتب الروائي: «امرأتان تضعان مسحوق التجميل عند اللحظة الأخيرة لاستقبال الموت بشكل لائق، إلا أن هذه الحياة التي توشك على نهايتها لا تستحق أي اهتمام».

فُسيفساء حكايات فردية كأنها الأدب

تلعب الحكايات دوراً أساسياً في تشكيل الوعي الإنساني سواءً بالتاريخ أو بالأعمال الأدبية، وعلى هذا المستوى أيضاً، تقاطعت الحكايات في كل من السرد الأدبي والشهادات الواقعية. يكتب المعتصم خلف عن حكاية وردة في جيب معطفٍ نسائي بلا أزرار، وهي شهادة من ميساء، 18 عاماً: «أنا ما قدرت قدم أكثر من جاكيت كنت شاريته من البالة ما عليه زرار، شفت على الفيسبوك أنهم عم يحطوا بطاقات فيها كلمات حلوة مع التياب، أنا ما عرفت شو أكتب، عندي مزهرية فيها ورد بلاستيك أخذت وحدة وحطيتها بجيبة الجاكيت وبعثته للمساعدات». أما من النص الروائي فنختار حكاية حب يذكرها الروائي أنها تحدث في إثر أحداث الزلزال، وهي حكايةٌ عن رجل يملك بندقية صيد يحرس بيت، يُقرر ألا يفتح بابه إلا لصاحبة البيت ليقول لها، «لقد حَرَستُ ممتلكاتك، والآن عليك أن تتزوجيني».

التعاضد الإنساني كان خطاً واضحاً في الحكايات السورية المرتبطة بالزلزال، نقرأ في جنديرس المنكوبة، فداء الصالح يتحدث عن التعاضد الأهلي في إنقاذ الضحايا من الكارثة: «اعتمدت الاستجابة لتداعيات الزلزال في جنديرس على مدار يومين بعد الكارثة على الفزعة والأعمال التطوعية الكيفية، مع غياب إدارةٍ فاعلةٍ تختصّ بتوجيه المتطوعين وفرق الإنقاذ. بدأت عمليات الإنقاذ في المدينة أول الأمر بجهود الأهالي وبعض عناصر فرق الدفاع المدني في مركز جنديرس، وباستخدام آليات وبعض المعدات بسيطة». ويكتب المعتصم خلف عن تعاضد اللاجئين السوريين في لبنان مع ضحايا الزلزال في سورية:

«هذا التكاتف لم يقف عند حد معين، بل شمل كل أطياف المجتمع ومن بينهم اللاجئون السوريون في لبنان، الذين شعروا بهزة الزلزال ليلاً، وحاولوا جمع التبرعات بعد اليوم الأول من الكارثة، وواجه كثيرين منهم صعوبة بالتواصل مع عائلاتهم، كما بحث بعضهم على وسائل شرعية وغير شرعية للوصول إليهم». 

رواية الزلزال بين السياسة الداخلية والدولية

كانت واجهة الاهتمامات السياسية التي ارتبطت بأحداث الزلزال السوري هي العلاقة بين الدولتين اللتين شَمَلَهما الزلزال، سوريا وتركيا، وأوضاع المساعدات الدولية، ومواقف الدول العالمية، وكذلك الأمر في رواية الطوف الحجري حيث تقع أحداث الرواية على أراضي دولتين، إسبانيا والبرتغال. بعد النزاعات التي تنشُب بين حكومتي الدولتين، يتم اتخاذ القرار بتشكيل لجنة عمل مشتركة وتقرر في النهاية تشكيل لجنة أزمات؛ هدفها الرئيسي تنسيق عمليات الدفاع المدني بين البلدين، على أساس تقوية الإمكانات الأساسية للبلدين، والأدوات الفنية والبشرية لمواجهة التحدي الجيولوجي الذي فَصَلَ شبه الجزيرة عن أوروبا عشرة أمتار. ما يحدث في الرواية تعذَّر في الواقع السياسي السوري والتركي، لكن ما يتماثل بشكل مثير للاهتمام بين الرواية والواقع السوري الحقيقي، هو التماثل بين خطاب رئيس النظام السوري الذي بدا كاستغلالٍ لحدث الزلزال في ملف العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، كذلك الأمر في الرواية؛ فإن رئيس وزراء البرتغال يلقي خطاباً يضع فيه اللوم على الحكومات الأوروبية، يأتي في نص الرواية:

«تحدث رئيس وزراء البرتغالي، فقال: أيها البرتغاليون، خلال الأيام الأخيرة، وبشكل مكثف خلال الأربع وعشرين ساعة الأخيرة، تحوّلت بلادنا إلى هدف لضغوط يمكنني أن أصفها بلا مواربة بأنها غير مقبولة، مارستها ضدنا كل الحكومات الأوروبية تقريباً، خاصة تلك التي شهدت اضطراباً خطيراً في الأمن العام، ونحن لا نتحمّل أية مسؤولية عنها على الإطلاق، فالمظاهرات التي احتلت الشوارع خرجت للتعبير عن تضامنها مع بلدان وشعوب شبه الجزيرة، وهو ما يكشف عن التناقض الخطير الذي تتخبط فيه حكومات أوروبا. إن هذه الحكومات بدلاً من مسانَدَتنا طِبقاً لأبسط قواعد حقوق الإنسان، وبدلاً من أن تعبر عن الضمير الثقافي الأوروبي الحقيقي، فضلت أن تحولنا إلى كبش فداء للصعوبات الداخلية التي تواجهها».

تقاطعاتٌ عديدة حضرت بين الواقع الحقيقي السوري وبين مجريات العمل الروائي، منها استغلال وضع المنكوبين، وتعقيدات المساعدات الدولية، تداخل الجغرافيا السياسية المرتبطة بالزلزال، ومنها الأسئلة التي واجَهت الإعلام السوري والأسئلة التي واجَهت الإعلام في الزلزال الإسباني البرتغالي، والتي خصص لها النص الروائي فقرات عديدة. فقد تحول الزلزال إلى ترند عالمي في كل من الواقع والرواية، وواجهت الجهات الإعلامية في كلا الحدثين الحقيقي والروائي الأسئلة التي لخصها ساراماغو بالفقرة الهزلية الأخيرة:

«المسؤولون عن البرامج الثقافية والترفيهية في التلفزيون والإذاعة يناقشون ما يجب بثه، من الموسيقى الكلاسيكية، كما يقول بعضهم، التواؤم مع خطورة الحدث، فيما يرى آخرون، أنه من الأفضل بث موسيقى خفيفة، أو أغان فرنسية من سنوات الثلاثينيات، أو أغان شعبية برتغاليّة، وإسبانيّة وأشياء أخرى من الدفوف، والأشبيليات، وكثير من أغاني الروك، والموسيقى الفولكلورية، والأغاني الفائزة في مسابقات الأغاني الأوروبية، فيرد الكلاسيكيون، لكن تلك الموسيقى السعيدة ستفاجئ وتصدم من يعيشون الآن لحظاتهم الأخيرة، ويعلق المحدثون، يصبح من الأسوأ أن نعزف لهم موسيقى جنائزية».