لا يزال قدرٌ من الغموض يلفُّ طبيعة الضربات الإسرائيلية التي أصابت عدة مواقع في دمشق ومحيطها، في الساعة الأولى من صباح الأحد 19 شباط (فبراير) الماضي. منذ ذلك الحين؛ تضاربت التقارير الإعلامية والبيانات حول النقاط المستهدفة، هوية وأعداد الضحايا، وكذلك نوعية الأسلحة المستخدمة في هذه الهجمات. ففي حين نَسب مصدرُ النظامِ العسكري الهجوم إلى: «…عدوانٍ جوي ’برشقاتٍ من الصواريخ‘ من جهة الجولان السوري المحتل…»، أكد مركز المصالحة الروسي: «أن الهجوم قد نُفّذ عبر أربع طائراتٍ من طراز F16، أطلقت صواريخها من فوق مرتفعات الجولان»، فيما ذهب محللون إلى فرضية استخدام إسرائيل لصواريخ أرض-أرض «دقيقة» في هذه العملية، وبالتحديد، الضربة التي هزّت أرجاء العاصمة السورية دمشق ودمّرت بشكلٍ جزئي أساسات وواجهة بناء سكني في حي كفرسوسة. هذا الموقع الذي احتلّ قدراً كبيراً من التركيز الإعلامي، لا سيّما وأنه قريبٌ من المدرسة الإيرانية التي قد تُعتبر من الأهداف الإسرائيلية المحتملة دائماً، بالإضافة إلى مجاورته للبناء الذي سكنه القائد العسكري في حزب الله، عماد مغنية، قبل مقتله، فضلاً عن حجم الدمار الذي أصاب الأبنية السكنية المحيطة، وأدى بلا شك لوقوع ضحايا وسط تكتّم النظام.
في ظلّ غياب رواية موثوقة حول ما جرى، وعدم تبنّي إسرائيل رسمياً للهجوم، وإصرار النظام عبر وسائل إعلامه على عدم الاعتراف بأي ضرباتٍ تطال أهدافاً عسكرية إيرانية على الأراضي السورية؛ حاولنا البحث في اللقطات المصوّرة للتغطية الإعلامية التي قدّمتها القنوات والمنصات المحلية، بالإضافة للفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل، بُغية الوصول إلى أدلة قد تساعد على معرفة هدف الضربة، وتحديد نوع السلاح الذي استَهدفَ المبنى 153، وما إذا كان الهجوم قد حدث نتيجة صاروخ أطلقته طائرات F16 إسرائيلية كما جاء في البيان الرسمي الروسي؛ أم أنه صاروخ أرض-أرض من الشائع أن يَترُك دليلاً على هويته في مكان سقوطه، من دون استبعاد فرضية أن يكون القصف والانفجار قد نتجا عن أحد صواريخ الدفاعات الجوية السورية الطائشة، التي بات لها سجلٌّ بما تُلحقه من خسائر بشرية ومادية في صفوف المدنيين.
لم تُظهر نتائج البحث في المواقع المتخصصة بالطيران أيّ تشابه بين مواصفات وقياسات القطع السابقة والصواريخ التي تتسلّح بها طائرات F16 عادةً، وكذلك الأمر بالنسبة لأشكال ومواصفات صواريخ الدفاع الجوي المستخدمة في جيش النظام، أو صواريخ أرض -أرض المزعومة التي لا يدخل «الفايبر غلاس» في تصنيع أجنحتها إن وُجدت بهذا الحجم. وبالتالي، قد نكون أمام فرضية أن الأجزاء التي وُجدت في الموقع يُحتمل أن تنتمي لسلاح آخر، لم يَسبق الإشارة إليه في البيانات الرسمية، ولم تأتِ على ذكره وكالات الأنباء والمصادر الإعلامية. سيُخبرنا محرك البحث أن أشهر الطائرات الإسرائيلية المُسيّرة رمادية اللون، والتي يدخل «الفايبر غلاس» في تصنيع هيكلها، هي: IAI Harop.
ما الهدف؟
إلى جانب قطع الطائرة المُفترضة، أظهرت الصور والتسجيلات في مكان الهجوم نقطة تجميع خاصة بالقطع والبقايا الموجودة في البناء، الصور رقم 3 و13، رجّحَ خبيرنا أن بعض هذه القطع يعود لسيارة.