يُخيّم المساء منهياً اليوم الثاني ما بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، ومعه يخيّم البرد القارس على مختلف المناطق المتأثرة بالزلزال، مُزيداً بذلك من تعقيد أوضاع آلاف السوريين والأتراك القابعين في الهواء الطلق بسبب خسارتهم لبيوتهم، أو لخشيتهم من الهزّات الارتدادية التي ما انفكّت تتكرر حتى ما قبل غياب شمس هذا اليوم.
وفي آخر تحديثات حصيلة الخسائر البشرية، أعلن الدفاع المدني السوري أن عدد الوفيات قد بلغ 1020 في المناطق خارج سيطرة النظام التي ينشُط فيها، في حين أعلنت وزارة الصحّة السوريّة، في إحصائية غير محدّثة منذ ساعات الصباح، أن عدد الوفيات في مناطق سيطرة النظام 812، ليصل مجموع الوفيات في سوريا 1832. في حين أعلنت السلطات التركية أن عدد الوفيات في تركيا قد بلغ 4544.
ومع مرور الساعات، تتكشّف الآثار الكارثية للزلزال أكثر، ومعها الاحتياجات الإنسانية الهائلة، لا سيما في سوريا، حيث أتى الزلزال ليكمل فداحة أوضاع منهارة أصلاً. تضجّ مواقع التواصل الاجتماعي بنقاشات حول دور العقوبات الدولية المفروضة على النظام في عزل سوريا عن تلقّي الدعم الدولي، وعن التمييز الذي يعنيه التبرّع لمنظماتٍ دون أخرى حسب مناطق نشاطها ضمن التشظّي الجغرافي السياسي السوري، وبمعزلٍ عن هذه النقاشات الغاضبة، يبدو جليّاً أن فداحة الأزمة الإنسانية الطارئة أكبر من قدرة أي منظمات أهلية أو تحرّكات محلّية، وأن الاستجابة الدولية، حجماً وتنسيقاً، ما زالت بعيدة جداً عن المطلوب لمواجهة الكارثة. وقد عبّر رائد الصالح، مدير الدفاع المدني السوري، في تصريح إعلامي له صباح اليوم عن الحاجة الماسّة للدعم الدولي قائلاً: «الوقت ينفد وما تزال مئات العائلات في شمال غربي سوريا محاصرةً تحت أنقاض المباني المدمرة، ونحتاج إلى مساعدة عاجلة من الجماعات الدولية لمواصلة جهود الإنقاذ في المنطقة» ليُلحقه بعد ساعاتٍ بتغريدة محتجّة على غياب تواصل الأمم المتحدة مع المنظّمة لتقييم الاحتياجات الإنسانية بعد مرور أكثر من 40 ساعة على الزلزال.
عبّرت كل من الولايات المتحدة، في تصريح صحفي للرئيس جو بايدن؛ والاتحاد الأوروبي، عبر بيان مشترك للمفوّض السامي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل ومفوّض إدارة الأزمات ينس لينارجيتش، يوم أمس، عن تضامن القطبين الدوليين مع ضحايا الزلزال، معلنين عن إطلاق التنسيقات مع تركيا لإرسال فرق الإنقاذ إليها، ولكن مُكتفيات بوعود دعمٍ غير محددة للسوريين، إذ تحدّث البيان الأوروبي عن «دعم المتضررين في سوريا عبر برامج المعونة الإنسانية»، في حين أشار تصريح بايدن إلى «الشركاء الإنسانيين الذين تدعمهم الولايات المتحدة» كجهة معنيّة بمواجهة تبعات الزلزال في سوريا.
وفي بيان، أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش إلى أنه يعوّل «على المجتمع الدولي لمساعدة آلاف العائلات المتضررة، والتي كان العديد منها قبل الزلزال بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية وتعيش في مناطق يشكّل الوصول إليها تحديّاً». في حين صرّحت وزيرة الخارجية الألمانية، آنالينا بيربوك، أنّ على روسيا وعلى جميع الجهات الدولية الفاعلة الضغط على النظام السوري للسماح بدخول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عقبات إضافيّة.
وخلال اليوم، أعلنت وسائل الإعلام عن وصول طائرات معونات إغاثية من الإمارات والجزائر إلى مطار حلب، كما أرسلت كل من روسيا والصين والعراق معونات إلى المؤسسات النظاميّة.
تنهمك حسابات الرئاسة السورية على وسائل التواصل الاجتماعي في نقل أخبار الاتصالات والبرقيات التي تلقّاها بشار الأسد تباعاً خلال اليوم من رؤساء وملوك وأمراء، في لحظة عودةٍ لزخم التواصل الدبلوماسي طال غيابها عن دمشق. في حين لم تُعلن سلطات النظام السوري الحِداد على ضحايا الزلزال المدمّر حتى الآن.