ضغط العمل اليوم لا يُحتمل، مديركِ لا يكفّ عن إرسال طلبات ومهمات العمل إليكِ، أما زميلتك فلديها تطورات مثيرة عن الشاب الذي تواعده تريد إخبارك بها، لكن كل ما تريدينه أنت هو قراءة مقالة فَتحتِها سراً بعنوان «كانت ليلة جامحة، هل وصلتي فعلاً للأورجازم؟»، وذلك لأنه وياللمصادفة سألك شريكك البارحة السؤال ذاته. يمكننا أن نتوقع المحادثة التي تلت هذا السؤال، ونعرف أنه غالباً شَكّكَ في إجابتك أياً كانت، لأننا ببساطة نعرف نحن وهو وأنتِ أن احتمالات الكذب تصل إلى 70% أو 80% في جواب النساء عندما يَسألهنّ الرجال عن وصولهنّ للنشوة الجنسية.

لماذا تضطر النساء للكذب؟ ولماذا لا تستمتعنَ بالقدر ذاته في اللقاء الجنسي بالرغم من الرغبة الشديدة به؟

فجوة الأورجازم

الفجوات الجندرية هي التعبير الإحصائي عن التفاوت بين الرجال والنساء من ناحية فرص العمل والتعليم، والتفاوت في الأجور وفي التمثيل السياسي وغيرها من الاختلافات، لكن خلف هذه الفجوات والأرقام، يوجد شعور عارم بغياب العدالة واللامساواة بين النساء، وشعور دائم بعدم الرضى حتى في أبسط حقوقهنّ، مثل أن يبلغنَ النشوة الجنسية مع شركائهنّ الجنسيين.

قد يكون الرضى الجنسي عند النساء وأصحاب الفرج عموماً شأناً شخصياً، لكن الفجوة الهائلة في بلوغ النشوة الجنسية بين الرجال والنساء هي قضية اجتماعية وثقافية، وهي كغيرها من الفجوات الجندرية تجسد بُنىً أبويةً متكاملة، ومتصلة مع غيرها من القضايا التمييزية ضد النساء في البيت ومكان العمل والمساحات العامّة وغرف النوم.

يمكننا تعريف الفجوة في بلوغ النشوة الجنسية بأنها التفاوت الكبير بين فُرص بلوغ النساء وأصحاب الفرج للنشوة الجنسية مقارنةً بالرجال وأصحاب القضيب خلال اللقاء الجنسي المشترك بينهما.

بحسب إحصائيات أُجريت في الولايات المتحدة، كانت قد أشارت إليها الكاتبة والبروفسورة في مجال علم النفس والجنسانية لوري منتز (Laurie Mintz) في كتابها لنصبح بظريين (Becoming cliterate)، فإن نسبة النساء اللواتي بلغنَ الأورجازم في آخر لقاء جنسي لهنّ مع رجال تصل إلى 64% مقابل نسبة 91% من الرجال. و55% من الرجال تمكنوا من بلوغ الأورجازم في اللقاء الجنسي الأول (first time hookup sex)، مقابل 4% فقط من النساء.

يمكن لهذه الأرقام  أن تكون أسوأ بكثير خارج الولايات المتحدة في سياقات أخرى، وهو ما سنناقشه لاحقاً، لكن الأهم في هذا أنكِ لست وحدكِ، وهذه غالباً ليست مشكلتكِ الشخصية أو بسبب عائق بيولوجي (مع العلم أنها قد تكون كذلك في حالات محددة مثل حال النساء اللواتي يتعرضن للختان)، بل هي في غالب الأمر إشكالية ثقافية اجتماعية يكمن حلّها خارج غرف النوم والمساحات الحميمة ودوائر الصمت. لنحدث بعض الضجة حول هذا.

لا مرئية البظر

مراحل بلوغ النشوة عند الرجال أكثر وضوحاً وهي متشابهة إلى حد كبير بين معظم الرجال وأصحاب القضيب، وهي تبدأ من التحفيز القضيبي ثم الانتصاب ثم القذف معلناً  الوصول إلى الأورجازم. الأمر مختلف عند النساء وأصحاب الفرج، أو بكلمات أكثر دقة، أقل مرئيةً، وذلك  لأسباب تتعلق بالتشريح وشكل الأعضاء التناسلية عندهنّ، ولأسباب أخرى ثقافية واجتماعية مرتبطة بمفاهيم وتصورات عن النشوة الجنسية عند النساء وأصحاب الفرج وشكل العلاقات الاجتماعية والجنسية في المجتمعات الأبوية.

الوصول إلى النشوة الجنسية متشابه فيزيولوجياً بشكل عام بين النساء وأصحاب الفرج والرجال وأصحاب القضيب، حيث يزداد تدفق الدماء إلى الأعضاء التناسلية لدى الطرفين، وتتقلص العضلات ويزداد معدل ضربات القلب عند الرجال والنساء، وفي لحظة الوصول يحدث الانفراج ويزول التوتر العضلي وينتظم التنفس وضربات القلب تدريجياً. لكن شكل الأعضاء التناسلية عند النساء وأصحاب الفرج مختلف من حيث الشكل والوظيفة، فلا تُرى بوضوح أعضاء تنتصب وتقذف، خاصة وأن الجزء الأهم المسؤول عن الوصول إلى الأورجازم عند النساء وأصحاب الفرج هو البظر، وما يرى منه بالعين ليس إلا جزءاً صغيراً جداً مقارنة بحجمه الكامل خلف جدار الشفاه الخارجية للفرج.

لا مرئية البظر، واحدة من الأسباب التي تجعل الأورجازم أمراً ضبابياً عند النساء والرجال معاً، لأنه عضو جنسي لا يمكن رؤيته وظلّ مغموراً ومحاطاً بالصمت في فترات طويلة عبر التاريخ، مقابل التركيز على الإيلاج القضيبي واكتشاف نقطة G داخل المهبل. مع العلم، وبحسب ما تذكر منتز في كتابها، أن التسمية الانجليزية للبظر (cliterus) تنحدر من كلمة يونانية معناها المفتاح. فربما كان البظر معروفاً لشعوب أقدم أكثر مما هو معروف الآن، وكانوا على علم بمركزيته في أورجازم النساء أكثر من مراحل لاحقة، فهو العضو الوحيد في جسم المرأة الذي إلى يومنا هذا لم تُكتشف له وظيفة سوى المتعة الجنسية، وذلك لاحتوائه على آلاف النهايات العصبية التي تجعل منه نقطة بالغة الحساسية وشديدة النشاط في حال تحفيزها.

وبحسب مشاهدات ومقابلات أجرتها مينتز مع طالباتها، توصلت إلى أن 96% منهنّ بحاجة للتحفيز البظري للوصول إلى الأورجازم، و 19% منهنّ نادراً ما تمكنَّ من بلوغ الأورجازم مع الشريك الجنسي. 

لكن ماذا عن نقطة G التي أمضت كثيرات من النساء وقتاً طويلاً يبحثنَ عنها؟ 

يؤسفنا إخباركنّ أنه لا وجود فعلياً لها، أو على الأقل بيولوجياً هي ليست موجودة، فكما نرى في الشكل التشريحي التالي، أن نقطة G ليست موجودة على جدار المهبل، بل هي منطقة ذات نسيج خشن انتصابي تحيط بالإحليل وتلامس جدار المهبل من الأعلى والجزء الداخلي من البظر، ويُطلق عليها اليوم اسم CUV اختصاراً للأحرف الأولى لكل من البظر والإحليل والمهبل باللغة الإنجليزية. أما تسمية النقطة G، فهي الحرف الأول من كنية الطبيب إرنست غريفينبرغ  Gräfenberg الذي كتب عنها لأول مرة عام 1951، ومنذ ذلك الحين والنساء والرجال يبحثون عنها! حتى أنه بدأت عمليات تجميلية طبية لحقنها بالكولاجين، لعلّ ذلك يمكن أن يساعد النساء على الوصول للنشوة الجنسية أسرع. كل هذا في تجاهل أعمى لنقطة أكثر قرباً وأشد تأثيراً وهي ببساطة البظر. 

هيمنة ثقافة الإيلاج

قد يكون الجزء الذي يُرى من البظر شديد الصغر، لكن هيمنة ثقافة الإيلاج جعلت المتعة البظرية مدفونة تحت سابع أرض. تناقش مينتز أن العملية الجنسية بين المغايرين جنسياً متمحورة حول لحظة إيلاج القضيب داخل المهبل، وكل ما عدا ذلك هو مداعبات قبل الجنس أو foreplay. في حين أن هذه المداعبات هي تماماً ما يمكن أن يوصل النساء وأصحاب الفرج إلى النشوة الجنسية، وهي ليست مرحلة ثانوية أو تمهيدية للإيلاج. 

وإذا سألنا النساء والرجال عن تعريف اللقاء الجنسي، غالباً سنصل لإجابات أن كل ما هو ليس إيلاجاً بالمعنى الفعلي هو مجرد مداعبة. هذا المعتقد يجب تغييره، وعلى أساسه تغيير سيناريوهات اللقاء الجنسي بين المغايرين جنسياً، ومعها ستتغير احتمالات الوصول إلى الأورجازم، وهذا ما يجب أن يصبح مقبولاً، ومخالفاً لما تروج له أفلام البورنو.

تكذب أفلام البورنو على المشاهدين في أغلب تفاصيلها ومراحل صناعتها، وأكبر أكاذيبها هي الأورجازم المشتركة، التي تنتهي بوصول الرجل للأورجازم، في حين أن هذا لا يمكن أن يكون واقعياً إذا لم تحصل النساء على التحفيز البظري الكافي، والذي ليس بالضرورة أن يتزامن مع الإيلاج القضيبي.

هيمنة ثقافة الإيلاج تجعل من متعة النساء ونشوة أصحاب الفرج الجنسية غير ملحوظة عندما تطبق عليها المعايير ذاتها، مثل الانتصاب والقذف. ومنه نشأ لدينا سؤال الرجال للنساء: «هل يمكنك التدفق؟»، فالرجال هم في رحلة بحث عن النساء اللواتي يمكنهنّ أن يقذفن بالمعنى الذي يعرفونه وعندها يمكنهم الوصول للدليل أن شريكاتهنّ بلغنّ الأورجازم فعلاً. في واحدة من القصص التي ذكرتها مينتز في كتابها عن ممثلة بورنو، أنه من أجل أن تتدفق الممثلة في المشهد يُملأ مهبلها بالسائل إما عن طريق الحقن أو باستخدام الدوش. تقول ممثلة البورنو: «عبّأ المخرج الدوش بالماء وجعلني أستلقي على ظهري، وبدأ بتعبئتي بالماء. وعندما اعتقدَ أن هذا كافٍ، أخرج الدوش وقناني المياه من الكادر، ومن ثم سجّلَ المشهد».

هذه الهيمنة لا ترتبط فقط بمركزية حضور القضيب في اللقاء الجنسي، بل أيضاً تنسحب على ديناميكيات الذكورة وممارسة السلطة خارج اللقاء الجنسي، وخلاله وما يليه.

في أرقام منشورة على حساب الطبيبة لورين فوغل ميرسي، المعالجة في مجال الصحة الجنسية والنفسية، تشير الإحصائيات التي أجريت في أميركا على عينة تصل إلى 52588 من البالغين إلى أن الفجوة الجنسية بين المغايرين جنسياً أكبر بكثير مقارنة من الفجوة الجنسية بين المثليين والمثلييات، وأن نسبة النساء المغايرات اللواتي يشعرّن بالأورجازم هي الأقل بين جميع الفئات التي تشملها الإحصائية. 

أخبر الرجال المغايرون عن الوصول للأورجازم في 95٪، أما عند النساء المغايرات فبلغت النسبة 65٪، وترتفع هذه النسبة إلى 86 ٪ عند النساء المثليات.

يمكننا أن نفسر هذه الأرقام بعدة طرق، لكن بحسب معرفتنا وتجاربنا مع الرجال في مجتمعات تحكمها الأبوية، يمكننا القول إن هناك ديناميكيات موجودة في العلاقة بين الشركاء المغايرين جنسياً استطاع الشركاء المثليون تجاوزها أو تطوير علاقات جنسية أكثر عدالة. أما الديناميكيات الموجودة بين المغايرين جنسياً حتى اليوم، فهي تعطل من إمكانية النساء للوصول إلى الأورجازم بالقدر ذاته.

قد تُترجم هذه الديناميكيات إلى سلوكيات يمكن ملاحظتها مباشرة، مثل جودة التواصل بين الشريكين، القدر والوقت الذي يخصصه الرجال لاكتشاف أماكن المتعة الجنسية في أجساد شريكاتهنّ، وسلوكيات أخرى لا يمكن دائماً ملاحظتها مباشرةً مثل الاستحقاق الذي يطالب الرجال به خلال العلاقة الجنسية وخارجها، والذي هو في جوهره إثبات الفحولة واستحقاق كامل الاهتمام وتلبية الرغبات، وذلك نتيجة تربية الرجال في مجتمعات أبوية تعطي لحاجات الرجال أهمية خاصةً مقابل الأهمية التي تعطيها لحاجات النساء. جميعها أسباب يمكن أن تؤثر بشكل مباشر وملحوظ على فرص وصول النساء إلى النشوة الجنسية، وهي لا تقل أهمية عن السلوكيات المباشرة أثناء اللقاء الجنسي، لأن الجسد يمكن ببساطة أن يلحظ ويتذكر لحظات عدم الارتياح والسيطرة، وأحياناً قبل أن نعي وجودها وندركها بشكل عقلاني.

استعادة الجسد والجنسانية 

في كتاب لنصبح بظريين، تقترح الكاتبة في أحد الفصول رحلة لاكتشاف الجسد، وكل ما تحتاجه هذه الرحلة مرآة وأنتِ. تفتحين ساقيك وتضعين المرآة بينهما لتشرح لك الكاتبة عن كل جزء من أجزاء العضو التناسلي. هذه الرحلة لاكتشاف الجسد واكتشاف ما الذي يمتع كل امرأة وصاحب-ة فرج، هي رحلة ضرورية فعلاً لمعرفة ما الذي يثير المتعة في الجسد وكيف تطلب ذلك خلال اللقاء الجنسي.

هذه الرحلة هي دعوة للنساء اللواتي لا يمارسنَ العادة السرية، لأن يبدأن بذلك. حقيقة أن النساء يمارسنَ العادة السرية جرى إخفاؤها وسحبها إلى الظل، لتصبح جنسايتهنّ لا وجود لها إلا بحضور عنصر الرجل. هل تذكرون مثلاً عدد الأفلام أو المشاهد التي في السينما أو التلفاز عن نساء يمارسن العادة السرية مقارنة بهذا المشهد عن الرجال؟ ما هي احتمالية أن نسمع قصص النساء عن الأماكنّ والمرات التي مارسنَ العادة السرية فيها؟ في الوقت التي نسمع الكثير عن النكات عن حوادث غريبة حدثت مع الرجال أثناء ممارستهم العادة السرية.

تضع لوري مينتز في كتابها أولاً الثقافة الجنسية والتعليم، وثانياً التواصل بين الشركاء الجنسيين حول طبيعة وشكل العلاقة الجنسية بينهما، من أجل زيادة فرص استمتاع النساء في العلاقة الجنسية. وهذا أمر لا غبار عليه، لكن الافتراض الذي يركز عليه الكتاب هو أن النساء يمكنهنَ استعادة جنسايتهنّ بمجرد التعلّم عنها والحديث بانفتاح بشأنها. هذه الزاوية تحد بشكل ملحوظ الأفق التي كان من الممكن للكتاب أن يصل إليه، وربما يكون سبب هذه المحدودية هو السياق الذي أُنتج الكتاب فيه والمشاهدات والعينات والقصص التي استشهدت بها الكاتبة، وهي الأمور التي جعلته محدوداً ضمن رؤية بيضاء، تجد أن النساء إذا تحدثنَ بشكل صريح عن رغباتهنّ الجنسية أمام الشركاء وعرفنَ بدقة ما الذي يسعدهنّ، فهذا يضمن وصولهنّ للمتعة الجنسية. لكن الأمر قد يكون أعقد من ذلك، خاصةً بعد عقود طويلة من تدرب النساء واعتيادهنّ على غياب العدالة في النشوة الجنسية، كما اعتدنَ عليها في أمور حياتية أخرى.

كما أنه في سياقات أخرى ومجتمعات أكثر محافظة، لا تكفي عملية تثقيف النساء عن أعضائهنّ الجنسية وتسميتها بأسمائها الصريحة لأن تمتلك النساء جنسانيتهنّ. وهذا بسبب الكثير من العوائق، وأولها إمكانية الوصول للمعلومات. تقترح مينتز في كتابها مجموعة متاجر إلكترونية لشراء ألعاب جنسية، وأخرى لمواقع تصنع محتوى بورنوغرافي نسوي، تصل قيمة الاشتراك فيه إلى 200 دولار لضمان الوصول مدى الحياة لهذه المواقع، بالإضافة إلى متاجر أخرى لشراء مزلّقات وواقيات ذكرية مناسبة للفرج. لكن ماذا يعني الكلام عن كل هذه الوسائل والتثقيف الجنسي في بلدان لا تزال الفوط النسائية تباع فيها بأكياس سوداء، والنساء لا يتجرأن على طلب حبوب منع الحمل إذا لم يكنّ متزوجات؟ ماذا يعني تثقيف النساء عن جنسانيتهنّ إذا كانت لا تزال حدود القبول والرضائية الجنسية غير واضحة لدى شريحة واسعة من الرجال والنساء؟

تُجادل مينتز أن غالبية الرجال يريدون فعلاً أن تستمتع شريكاتهنّ معهنّ في الجنس، لذلك يجب على النساء أن يتحدثنَ بوضوح عن ماذا يرغبنَ وكيف، لكن ماذا عن النساء اللواتي لا يحق لهنّ أن يقلنَ لا إذا ما أراد الزوج أو الشريك العلاقة الجنسية؟ ماذا عن الضغط المباشر وغير المباشر من أجل إجبار النساء على الجنس؟ إما باسم الدين أو باسم الانفتاح. هذه جميعها مسائل غضت الكاتبة النظر عنها في نقاشها لفجوة الأورجازم الجنسي، وركزت بشكل أساسي على معرفة النساء لأجسادهنّ، والتثقيف الجنسي وضرورة التواصل مع الشريك الجنسي. هذه أمور ضرورية حتماً، لكنها ليست كافية لتحليل الجذور الأبوية لهذه الفجوة في مجتمعات ترخي بكامل ثقلها ومشاكلها على أجساد النساء.

مجتمعات بظرية 

من ناحية أخرى يمكن أن يكون الكتاب بداية تمهيدية جيدة للنساء والرجال اللواتي بدأوا في رحلة  اكتشاف جنسانيتهم من منظور نسوي، والذين يمكنهم القراءة باللغة الانكليزية إذ لم يُترجم الكتاب بعد، ويتطلعون لعلاقات أكثر عدالة في كافة مناحي الحياة، لأن هناك راحةً من الضروري أن تشعر بها النساء، وهي أنهنّ لسنَ وحدهنّ وأن الأسئلة التي تدور في رأسهنّ هي أسئلة مشروعة تماماً. 

تتصور الكاتبة مجتمعات بظرية بالاستناد إلى إحصائيات وشرح بيولوجي تشريحي عن أجساد النساء، وفي الفصل الأخير من الكتاب تشرح الكاتبة للرجال عن الأسباب التي تجعل من ثقافة الإيلاج غير كافية لتحقيق الرضى الجنسي للنساء وأصحاب الفرج. كما تناقش الكاتبة أيضاً كيف أن  الثقافة البظرية ستحرر الرجل أيضاً من الهوس بالأداء الجنسي وحجم القضيب. الحقيقة أن الرجال مهووسون بعمليات تضخيم القضيب والبحث عن إمكانية تحسين الأداء الجنسي ربما أكثر من هوس النساء بصورة أجسادهنّ، ومرة أخرى تشكل أفلام البورنوغرافي مصدراً أساسياً لتغذية هذا الهوس إلى جانب مصادر أخرى، لا سيما في مجتمعات كل ما فيها من معايير للذكورة قائم على حجم قضيب الرجل وجودة الأداء الجنسي. 

في المتعة البظرية هناك عوامل أخرى تريح الرجال من هوس الأداء الجنسي، ببساطة لأن المنحنى الذي تتخذه هذه المتعة يختلف بيانياً عن الشكل المعتاد لمتعة الإيلاج الذي يتوقف على الانتصاب ومحاولات تأخير القذف أو تمديد فترة الانتصاب..إلخ. ولا تقترح الكاتبة أن تحل المتعة البظرية مكان متعة الإيلاج، لكن أن تتشارك معها المساحة وليس فقط أثناء اللقاءات الجنسية بل في الحوارات التي تليها وتسبقها، لأن المتعة البظرية تحتاج فعلاً حساسية أكبر في الفهم والإصغاء لحاجات النساء، ولعل هذه المهارات تحتاج لتدريب العضو الجنسي الأكبر وهو الدماغ، وذلك من أجل امتلاك حساسية عالية ووعي بالشرط الإنساني والبيولوجي الذي يحترم جنسانية النساء والرجال وأصحاب الفرج وأصحاب القضيب على حدّ سواء.