إلى الصامتة الشاعرة: غادة بوبو.
إلى أروى صالح: ما زلتُ معلّقةً معكِ، أُحدّقُ فيكِ تتهاوين من شرفة اللانهاية.
هي تتّهم!…. هي تكتب!
أنا أتّهم«أنا أتّهم» J’accuse هو عنوان مقالةٍ كتبها الروائي الفرنسي إميل زولا سنة 1898 في جريدة لورور ووجّهها على شكل رسالة مفتوحة لرئيس الجمهورية الفرنسي فيليكس فور، وتدور حول؛ رفضه ظلم حكمٍ بالسجن للنقيب بالجيش الفرنسي ألفريد دريفوس، وقد خاطر إميل زولا باسمه كروائي، وجعل من هذه القضية هدفاً له، وخاض حرباً، كما قال عنها من أجل العدالة، وقد استطاع أن يعيد فتح قضية دريفوس، وحوكم زولا في شباط 1889 بتهمة الإساءة الى الرأي العام، وحُكم عليه بالنفي خارج فرنسا، وما يزال مقال «أنا أتّهم» لإميل زولا مثالاً يُحتذى لعلاقة الكاتب والمثقّف بالقضايا العامّة وأثر الإعلام والصحافة والكتابة، في تحقيق العدالة للمظلومين والضحايا.
المرأة التي نجتْ من المحارق ما زالت تتنفس! مَنْ مرّرت سبوت الساحرات، صامتة، تسمع الرياح، تُحرّك جثتها لِتَهوي بعد الشنق في المحرقة. مِن محرقةٍ إلى محرقة تمضي، محمولةً على هتاف حشودٍ متجدّدةٍ متبدّلةٍ مطالبةٍ بشنقها مرّةً ومرّة. لم تمُتْ الساحرة، لكنّها شهدت موت كثيراتٍ، ضِعْنَ في العَدم.
سمر يزبك، المرأة التي كانت، أنا، عاشت، ثمّ ماتت مرّاتٍ ومرّات. سأكتب عنها بصيغة هي؛ الضمير المُغيّب! ولأنّ الأنا؛ هي هنّ، ولأنّ أنتِ أنتنّ! ولأنّ هي؛ هي كلّ النساء اللواتي مُتْنَ حرقاً وشنقاً في التاريخ، ويمُتْنَ، وسيمُتْنَ، وهي أنا، ونحن، وهنّ! كلّ النساء اللواتي سيخرجن من موتهنّ، ويروينَ الحكاية.
تشيرُ بثباتٍ لوجه الشرّ، لن تقبل تمجيد الضحايا الوحشي، والإعلاء من شأن الموتى، والحطّ من قيمة الأحياء، قد يأتي يومٌ ربما؛ ليكتبَ عنها أحدٌ، ويذرفَ الدموع، أو يقولَ، كما فعل مع كاتبات وشاعرات ومتمرّدات: «لقد جزّت شعرها»، «لقد ابتلعت السمّ»، «لقد رمَتْ نفسها في بحيرة»، «لقد قفزت من الطابق التاسع»، «لقد انتحرت بالغاز»، وتُؤَلَّفَ في ذلك كتبٌ ناجحةٌ رائجة مستجديةٌ للتعاطف.
طبعاً لن يحدث هذا، لأنّ الحكاية هنا معكوسةٌ، والميّتة تعود من عالم الآلهة السفلي، وهذه المرأة لا تحكي لكِ من الفراغ، أو فقط لتُبدي رأياً، أو ترمي وجهة نظر، إنّها تحكي لكِ عن معنى التوق للحرّية، وهي إذ تنطق هنا بمفردة حرّية، فهي تريد إخراجها من سياق الابتذال، إذ إنّها ستخبرك عن طعم السكّين وهي تلامس الرقبة، وهي امرأةٌ تمقتُ الشجاعة، وتجدها اختراعاً للمنتصرين والطغاة، مفردتها المفضّلة في معضلة التراجيديا البشرية هي الخوف.
سيّدةٌ تحترم خوف البشر، وتقدّره، ولذا فهي هنا ليست في سياق التنظير أو تنميق الكلام، لقد فاتَها الوقت على ذلك. هي التي تمرّدت على كل أشكال السلطات المجتمعيّة؛ دينيّة وسياسيّة وثقافيّة، فُطرت على ذلك، اكتسبته مع نبَاتِ جسدها مُبكّراً جدّاً، حتّى قبل أن تقرأ عن الغضب، بعد خمسة عقودٍ من عمرها تدعوكِ؛ لتكتبي، اكتبي معها. أكملي هذا النصّ، كما تكتب هي، المرأة الهامشيّةمقاومة الهامش: وهو مصطلح نادت به بل هوكس، واسمها الحقيقي جلوريا جينز واتكينز، كاتبة نسوية وناشطة أميركية كتبت عن مفهوم الهامش، بوصفه مركزاً للمقاومة ومحوراً لها، هذا التصوّرُ للهامشِ تقول عنه بل هوكس: «لم أكُن أتحدّثُ عن هامشٍ قد يرغبُ المرءُ أن يفرّطَ فيهِ، أو يتنصّلَ منه، أو ينصرفَ عنه مرتحِلًا إلى المركز، بل عن هامشٍ يقيمُ فيه ويتمسّكُ به، ذلك لأنّه من شأنه أن يعزّزِ دوافعَ المرءِ للمقاومة، وأن يطرح آفاقًا راديكالية يمكن للمرء من خلالها أن يرى، ويصوّر، بل ويستبصر عوالم بديلة». بل هوكس كانت ترى في المقاومة شكلاً متمايزاً، فقد رفضت إسكاتهم كأميركيين أفارقة، وطلبت من السود أن يتحدّثوا هم عن أنفسهم، كانت تقول: «تكلّم من ذلك المكان في الهامش، الذي يحمل علامة الحرمان والجرح والحنين غير المشبع. تحدّث فقط عن ألمك».، كما تحبّ أن تعرّف عن نفسها. لا تريد لأحدٍ أن يروي حكايتها. حدّقي في الحكاية، كما حدّقت، واقرأي: ما فَعَلَتْهُ هي؛ كان البحث عن طوق نجاةٍ في قراءة الماضي والحاضر، الكلمات والقراءة كانت وما تزال بالنسبة لها مَعبراً للنجاة.
مَنْ تتّهم ستمتلك نور الكلمة، ستكون مِحرقتها برداً وسلاماً، لن يوقفها لا تعليق المشانق، ولا تركيب المحارق.
ضمير أنتِ يهمُّ أيضاً في الكتابة، فأنت وهي الحكاية. امرأةً كنتِ، أم امرأةً تحمل رجلاً في داخلها، أم الاثنين معاً، موجودةٌ أنتِ في الحاضر، وفي المستقبل، ومن الماضي تأتين، تكملين النصّ يوماً عنكِ، اتّهمي!… اكتبي!
أنتِ…
جلّادة النساء؛ لأنّ علاقتك بالرجل أشدّ أشكال السلطة ثباتاً وتعقيداً، بجلْدِك إياهنّ تبخسين ذاتك.
مُلحقَةٌ به أنتِ، أمّاً وأختاً وبنتاً وشرفاً.
أنتِ…
القبيحة، ربما كارهة الجميلات.
الجميلة، ربما خاشيةُ الجمال، خائفةُ التصريح بالعقل تحت خصلات الشعر الطويل.
ناكرةُ الرغبة، خائفتها، بعيدة التفكير عنها.
المرجومة صُبحاً وعشياً.
أنت…
التي لا تعتقدين أنّ السياسيّ شخصيّ، وأنّ الشخصيّ مجالُ حرام.
أنتِ التي تحملين عذاباتٍ في الفؤاد، وتَصْمُتين.
تحبيّن…
تكرهين…
تصرخين…
لا تعرفين التأمّل في دواخلك.
أنتِ التي لا تشعرين بوجودٍ؛ إلّا إذا صرتِ أمّاً.
أنتِ التي تحدّقين في دواخلك، وتعرفينها.
أنتِ…
يا مَنْ قد ترى في الأمومة دوراً نمطياً.
خزيّ الرجل وأخته.
فخر الأب وابنته.
أنتِ…
النسويّة، ما تظنّينه تجمّعاً نسائياً، ما هي إلّا حركة تحرّرٍ سياسيّ
ذاك ما تشعرين منه بالنقصان والسخرية، إذا ما قيلَ عنك نسويّة.
أنتِ التي لا تجرؤين على كتابة الحكاية، وتدفنيها في قهرها، مخافة الملامة.
تحملين الشعور بالإثم؛ لأنّ لكِ جسد امرأة، وجودك بذاته هو عارك! كينونتك هي ذنبك!
أنتِ التي تخافين من قلم أحمر الشفاه!
أنتِ التي تنفخين صدرك تارة، وشفاهك تارة بالسيلكون والفيلر.
أنت المُطمئنّة في حجابك، المستغفرة لربّك قياماً وقعوداً، لكِ أكتب.
تستهويك حدَّ الجنون التنانير القصيرة والكعب العالي، أنتِ.
يا ذات الألقاب العلمية والأكاديمية التي تخشى تقوّلات المجتمع.
يا بنت الشارع الأُميّة، يا مَنْ تركل مؤخرات الآخرين، عابثةً هاربةً من كلّ قيودها.
محجّبة العقل سافرة الرأس.
سافرة العقل محجّبة الرأس.
خارجة عن النمط والتعميم.
بأصابعك الرقيقة تَلْكمين جداراً، فتتحطّمين.
ويا لَسوء الطالع! ويا لَسواد الوجه! إذا ما أنجبت بنتاً، ذكراً تريدين، ما يمنحك سلطةً على مَنْ حولك.
ما تخفيه بسخريتك المُعلنة؛ ما هو إلّا خجلك وحساسيّتك المؤلمة تجاه بؤس العالم.
أنت التي تكرهين النساء.
أنت التي تحبّين النساء.
الغاضبة…
الهستيريّة…
الوادعة…
المُطيعة…
الثرثارة…
الصامتة…
النزِقَة…
أكتب لكِ أنتِ، يا بلسم الجراح.
يا فقّاءة العيون…
أنت الكاتبة؛ كارهة الكاتبات.
مُحبّة الكاتبات.
التي تظنّ أنّ الحبّ هو الجنس.
وأنّ الجنس هو مَقتلةُ الحبّ.
أنت التي لا يرغب فيها الرجال، فتكره نفسها والنساء.
تشعرين أنّك عاهرة إذا تَبِعْتِ رغبة جسدك
الحالمة بالزوج والأطفال.
آنفة الزواج.
مُصادقة الرجال، مُقلدّتهم.
ماقتة الرجال.
مكذّبة النساء.
مكذّبة نفسها.
أنت المَحمية بعباءة العائلة والقبيلة.
أنت التي طارت من تحت عباءة العائلة والدين والمجتمع.
المُخلصة…
الخائنة…
أنت التي لا يرفّ لها جفنٌ لرؤية أشلاء طفل.
والتي تذرف الدموع حين تصادف قطّاً يموء جوعاً في شارع!.
القوية القادرة…
المُستلبة الخانعة…
المتمرّدة…
العصية…
المُتاحة…
الهاربة…
السجينة…
المختفية…
الظاهرة…
مُدركة هشاشتها.
مُدركة صلابتها.
التي لا تعلم أنّ حياتها الشخصيّة مجال انتهاكٍ عامّ دائمٍ.
التي تنتظر بياض شعرها، وشيب حواجبها؛ لتنظر إلى ذاتها العميقة.
الشرسة، التي لا تعرف سوى الصراخ، ولا تفعل، ولا تتحرّك.
الشرسة ملتزمة الصمت، مَنْ تفعل، وتتحرّك، وتُجابه.
التي تتحاشى رؤية خيالها؛ خشية أن تلمح بذرة حرّيتها.
كلّ ما تجنيه بيد ذكر العائلة، وتنتظر الإذن منه؛ للسماح لها بالخروج؛ لاحتساء فنجان قهوة مع صديقاتها.
أنت التي تخشى الحديث عن متحرّشٍ بها، أو مغتصبٍ، حتّى لا يُحال جسدها بقعة تلصّصٍ جنسيّ.
الحسودة، الحقودة، حاصية هناءِ الناجحات السعيدات.
تطقّ حنجرتها، ولا تشتكي!.
البكّاءة الشكّاءة.
التي تركل بقدمها خصيتي رجلٍ غادر.
التي تتلاعب بالرجال؛ لتُشهرَ درع حماية.
التي تريد تغيير قوانين الأحوال الشخصيّة في الدستور.
التي تعتقد أنّها والرجل لا دستور يحميهما تحت سقف بلدٍ، يحكمه الطغاة والقتلة.
التي لا تأبه لمعركة الأخريات في نيل حرّيتهنّ.
أنتِ…
التي تنفخين النار في الرماد، وتعدّينَ الحرائق.
مُخمِدةُ النيران، قتّالةُ النميمة.
أنت التي تسأمين، وأنت تقرئين هذه الكلمات، فتقلّبين في صور “الانستغرام”
أنت التي تظنّين أنّ كتابة الأدب لا دخل لها في السياسة.
أنت التي تعتقدين أنّ كتابة الأدب رفاهية، وأنّ السياسية قوة، فهي من عمل الرجال!
أنتِ…
اكتبي!
أعلني فصاحة التمرّد وقوته! لقد اختلطت المعاني الآن، ونحن في نهاية عالمٍ، ينقلب بمفاهيمه المعروفة والمألوفة، نحن نذوب في سيولته اللزجة بلا معنى، نحن في خضمّ ولادةٍ إنسانيّةٍ غير واضحة المعالم، ننظر إليها، ونغرق في انقلابها، انتهت إنسانيتنا القديمة، ونحن في توقيت الانتظار، أثناء ذلك املكي مفتاح الحياة، وتجذّري: اكتبي، وتمرّدي! اكتبي الحكاية، مَنْ يكتب الحكاية، لا يرث أرض الكلام، كما يقول الشاعر، نحن لا نريد أن نرث أرض الكلام، نريد ابتداع أرضٍ جديدة للكلام، وكوكبٍ من الحكايا عمّا عشناه ورأيناه، نحن ضد مبدأ الوراثة الذي جعلنا تركةً وميراثاً، نريد أن نخترع أرضاً مختلفة للكلام، نريد قطيعةً مع ماضينا؛ قطيعة اسمها التأمّل فيه؛ لنتواصل معه؛ لنحاوره، ونسأله، ونفكّكه، كما فعلت هي، عندما أُحرقت، وشُنقت، ثمّ دخلت كهف الميدوزا وتوارت، وعاشت غضبها وحيدةً معها، ومع أخواتها الغورغونات! وعندما غافلَتْها، واقتربتْ من جسدها المرعب، وأمسكت بخصلات شعرها الثعبانية، مسّدتها، ومرّرت أصابعها بين أنياب الثعابين الطائرة، ثمّ سرّحت شعر الميدوزا الغاضبة، ونوّمت الخصلات الثعبانية على كتفيها، وحدّقت في عيني الميدوزا، ولم تتحوّل إلى حجر، كلتاهما حدّقتا لوهلة، وهي، وأنا لم نتحوّل إلى حجر!.
أمّا كيف حدث ذلك، فأنت التي ستسمعين شذرات الحكاية، هلمّي إليّ، إلى فصول المحارق والمشانق؛ لنعلن معاً مانيفستو التمرّد. فهنا لكلّ مقالٍ مقام، وهو لا يُكتب من أجل تنفيس الغضب والأسى، فقد مرّ زمنٌ طويل على هذا الكمد، حتّى انحلّ في الدم، هذه الكلمات من أجلك أنتِ، حتّى تدوّري شذرات هذه الحكاية في رأسك، لتكون ربما وصفة اختصار الألم، والتي تبدأ بمعرفة آلية الدفاع عن الذات ضد العنف الملتبس، وشديد التعقيد فينا.
شذّبت الروائية أطراف الحكاية، ولم تروِ كلّ جوانبها، ففي الوحشية العنيفة التي واجهتها ما يُخجِلُ، بحيث أنّها أحجمتْ عن نفث هذه السموم في العلن، وقد فعلت ذلك لسببٍ بسيط: “كي لا تنقطع المروءة بين الناس” كما تقول العرب، وحتّى يكون من الممكن البدء بكتابة مقام الصفح.
أنتِ مَنْ تريد أن تكمل الحكاية بعد سنوات في زمنٍ ما، أو ربما تبدَئين بعد قليل، عندما تُنهينَ قراءة هذه السطور، وربما لا تفعلين شيئاً!. أودُّ إخبارك بأنّ سرَّ وصفة اختصار الألم الأوّل يكمن في الكتابة. لا تصدّقي أنّ النساء السيّئات هنّ مَنْ يصرخنَ، ويتمرّدن، أو يكتبن! لا توجد حقيقة كاملة، هي دائماً متبدّلةٌ وناقصةٌ، وكلماتك قد تجعلها أوضح بقليل! هنا ستجدين قصّة روائيةٍ كتبت الحرب والثورة، حيث لم يكن مسموحاً لها بذلك ليس فقط لأنّها امرأة، هذا جانب كبير من القصّة، كانت امرأة! نعم، ولكن للقصّة والعنف المركّب وانتزاع السلطات، الجانب الأهمّ، وهي سلطاتٌ وحشيّةٌ متأصّلةٌ، متشابكةٌ، متشاكلةٌ، مختلفةٌ، سوف تقرَئين فصولها تباعاً! وأنت تستطيعين! أنت أيضاً تستطيعين أن تعيدي كتابة التاريخ. قصّتك هي التاريخ أيضاً، تاريخ المهزومين أمثالنا، نساءً ورجالاً!
سوف نرحل من مقامٍ لمقام، فلكلّ مقالٍ مقام، وسنبدأ بمقام الحقيقة الناقصة، ولمَ علينا أن نحدّق في آلام الآخرين، ونكتب. أمّا مقام البداهة، فسأحدّثكِ فيه عن محرقة النظام الأسدي وأشباهه، ثمّ نعبر إلى مقام الاتّهام، ولا أظنكِ ستبتسمين وأنت تدخلين هذا المقام؛ لأنّنا سنتحدّث عن محرقة المثقّفين، ثمّ ستحدّقين معي في محرقة المجتمع والتقاليد، وهو مقام التمرّد، وأظنّه سيروق لكِ، حيث أشكال العنف أكثر وضوحاً. أمّا الفصل الأخير فسيكون بعنوان: تفكيك الشرّ وألم القويّات. وهو مقام الصفْح، وما يقبله، أقول لكِ الصفْح، وليس التسامح، وعندما نصل هناك ستعرفين! والآن دعينا ندخل في الفصل الأوّل، ونحدّق في آلام الآخرين، كما نحدّق في آلامنا الشخصيّة، وفي حال قرّرتِ أن تكتبي، فسوف نفعل ما يشكّل جزءاً حيوياً من وجودنا، سنفكّك أشكال العنف والسلطات الواضحة والمبهمة، المعلنة والمضمرة، دعينا نعيد إحياء المعنى وقوة الكلمة، دعينا نبدأ بتنغيص عيش القتلة؛ على اختلاف درجاتهم وتنوّعاتهم المعنوية والمادّية! دعينا لا ننسى آلامنا أوّلاً، حتّى لا ننسى آلام الآخرين! ثمّ نركض إليها، ونصرخ: أين أنتِ أيّتها المستحيلة؟! أين أنت أيّتها العدالة؟!