المرة الأولى التي سمعت بها عنك يا سميرة، كانت بعد زيارةٍ لياسين إلى حلب. بعد أن ودعناه، قالت لنا صديقة: «ياسين حابب». سألناها ونحن نضحك: «عنجد؟ مين؟» فأخبرتنا أن اسم المحبوبة هي سميرة، وأنها كانت معها في السجن. بعد الزواج، ذهبت لكي أبارك وأتعرف عليك، وبعد ذلك بمدة قصيرة، أصبحت أناديك «سمورة» و«أم السِّمر» أو «سمور». نعم، لقد أصبحنا أصدقاء.

حاولت أن أكتب لك عدة مرات، لكن لو تعرفين كم كان هذا صعباً بالنسبة لي! في كل مرة أحاول أن أفعل ذلك، أضيع بين ذكرياتٍ أحبها، تفاصيل عشتها معك ومع ياسين، في بيتكم، في حلب، اللاذقية، الرقة، شوارع ومقاهي دمشق، مع الأصدقاء، مع الأحلام والمخاوف. واقعة خطفكم غيرتني يا سمورة، غيرتني كثيراً، شعرت بخوف لم أشعر بمثله من قبل، ولم يفارقني منذ ذلك اليوم.

أذكر آخر مرة رأيتك فيها، لم أكن أعرف حينها أنك قادمة لتوديعنا. اتصلت بي وجد: «سميرة عندنا بالبيت وبدها تشوفك». تكلمنا يومها عن كل شيء، عن الثورة، المخاوف والآمال، عن وضع ياسين في الغوطة، ضحكنا أيضاً. في ذلك اليوم حاولت إقناعك أن تتركي بيتك في قدسيا، فهو بعيد وأنت لوحدك هناك، طلبت منك أن تأتي إلى جرمانا حيث نعيش، فنصبح قريبين منك. بعد هذا اللقاء بأيام أصبحتِ في الغوطة مع حبيبك ياسين ومع صديقتك رزان، ومع الناس المحاصرين من قبل وحوش الأسد وأشباههم في داخل الغوطة. وأنت هناك، تحت القصف والحصار، كنت تخافين علينا، تتصلين لتستعلمي عن أحوالنا، وإن كنا بخير، وأن ننتبه على أنفسنا، أو لكي تسأليني، وأنت قلقة، عن بعض الأصدقاء الذين حاولتِ الاتصال بهم ولم يجيبوا، أو لتحكي لي باختصار عن حال الناس في الغوطة. وعندما كنتُ أعبر عن مخاوفي عليكم، كنتِ تضحكين وتهدِّئين من روعي… يا لروحك الجميلة والنبيلة والشجاعة يا سمورة!

رغم خوفي الذي اعترفت لك به منذ قليل، إلا أنني لا زلت بانتظارك. الأمل موجود أيضاً في قلبي يا سمورة. سنلتقي ونحكي ونضحك ونحلم. مشتاق لكِ كثيراً.

 أريدك أن توصلي سلامي لرزان، وبأنني فخور بها وبصداقتها، وفخور بأننا كنا شركاء في عدة محطات. أخبريها أنني كل فترة أعود إلى رسائلنا القديمة وأقرأها بشغف وحب كبيرين، وبأنني لا زلت أذكر أول مرة رأيتها فيها: صبية جميلة تجلس على الدرج أمام باب منتدى جمال الأتاسي. وأنني نادم على أمر واحد. ذات يوم، اتصلت بي رزان وأخبرتني أنها ستلتحق بدورة لتعليم الرقص، وسألتني أن أسجل فيها ونكون معا كـ couple. وافقت في البداية، لكنني بعد فترة، قبل موعد بدء الدروس بقليل، اتصلت بها واعتذرت. أتحسر على هذا حتى هذه اللحظة! قولي لها أنني مشتاق لها ولوائل، حبيبها وسندها، وصديقي الرزين والشجاع.

عندما أفكر بالحياة، حياتي، اللحظات الحلوة والدافئة فيها، لا أجدها إلا معكم وبكم، أنتِ ورزان ووائل، وأحمد الشيخ، وياسين والكثير من الأصدقاء. لا أدري أي حياة لي الآن دون هذه الذاكرة الحافلة بكم. هذه الذاكرة هي كنزي الغالي والحميم. هل ستغضبين من كلامي هذا يا سمورة وتقولين لي أنه كلام الضعفاء؟ كما تشائين يا صديقتي، سنناقش هذا الأمر عندما نلتقي. ولا أنسى، بمناسبة الحديث عن الضعف، كيف أنك كنت يا سمور سنداً لي في العديد من المرات التي كنتُ فيها ضعيفاً أو خائباً. كنتِ أحياناً تشعرين بذلك من كلمةٍ أكتبها أو بعد حديثٍ لي مع ياسين، فكنت تتصلين، تسألينني، أحكي لك، فتقاطعينني قائلة: «تعال لعندنا، خلينا نقعد ونحكي… ولا يهمك يا زلمة قوم تعال يالله!ِ» ما أروعك وما أجمل روحك يا أم السِّمر!

صديقكم ناظم لم يتسنّ لي أن أتعرف عليه. لم أتشرف بذلك، لكنني سمعت وقرأت عنه الكثير، فسلامي له أيضاً.

أحبكم وأشتاق لكم، وبانتظاركم دائماً!