كانت الحياة تحت الأرض إحدى نتائج الحملات العسكرية التي شنّها النظام السوري وحلفاؤه على الغوطة الشرقية طوال خمس سنوات، والتي أجبرت السكان مراراً على العيش في الأقبية واستخدام الأنفاق كطرقاتٍ يسلكونها للتنقّل من مكانٍ إلى آخر، لتكون هذه التجربة الجماعية حكاية رئيسية من حكايات العيش تحت الحصار والقصف في غوطة دمشق.
العيش في الأقبية
بدأت قصة النزول المتكرر إلى أقبية الغوطة الشرقية منذ الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام على منطقة المرج في العام 2013، وما هي إلا أشهر حتى سارَ سكان زملكا وعربين وعين ترما وجوبر على طريق أهالي المرج، حين اضطروا للنزول للأقبية بشكلٍ متكرر باعتبار أن مناطقهم قريبة من العاصمة وكانت تتعرّض للقصف بشكلٍ مستمر.
تتفاوت تواريخ بدء النزول الكثيف والمتكرر إلى الأقبية من منطقة إلى أخرى في الغوطة الشرقية، وذلك بحسب قرب وبعد المناطق عن الجبهات وبحسب المجريات العسكرية. في حرستا مثلاً، بدأت تجربة السكان المتكررة مع الأقبية بشكل فعلي في منتصف 2017، عقب معركة إدارة المركبات مع قوات النظام. أما باقي مناطق الغوطة، ولاسيما دوما وسقبا وكفربطنا وجسرين وحمورية، فقد أصبح العيش في الأقبية أكثر حضوراً في حياتهم منذ أواخر 2017 ثم مطلع 2018.
منذ 2013 وحتى أواخر 2017، كان نزول الأهالي في عموم الغوطة إلى الأقبية يحدث لدقائق، أو لساعات طويلة نسبياً أحياناً، ريثما تخف وتيرة القصف. وما أن تتوقف الغارات الجوية والقصف المدفعي، حتى كان الناس يعودون إلى بيوتهم. لكن منذ مطلع 2018، أصبحت الأقبية بيوتاً فعلية لسكان الغوطة حتى التهجير القسري في شهري آذار ونيسان، وخاصة منذ مطلع شباط نتيجة الحملة العسكرية الأعنف التي استمرت حوالي شهر، حين لم يكن بإمكان أي شخص الخروج من القبو تقريباً.
كانت بعض الأقبية التي استخدمها سكان الغوطة خلال سنوات القصف والحصار مبنيةً مسبقاً، فيما تم إنشاء بعضها الآخر يدوياً من قبل السكان خلال الحصار، عندما نزلوا إلى الأقبية وحفروا أنفاقاً بشكلٍ أفقي لتكون بمثابة ملاجئ، فهي بالنسبة لهم أكثر أمناً كونها مخفية تحت التربة، على خلاف باقي الأقبية التقليدية التي تكون أسفل الأبنية وقد تتعرض للدمار بمجرد استهداف البناء الذي يقع القبو تحته.
كان أنس ربّوع يعمل في البناء في الغوطة، وساهم في حفر بعض الأقبية، وهو يؤكد أنها لم تكن تشبه الملاجئ المتعارف عليها، وبالكاد تحمي من شظايا القنابل والصواريخ، إذ لم تكن مؤهلة لمقاومة القصف المباشر ولاسيما عبر الصواريخ الفراغية والارتجاجية، بدليل أن الكثير من الأقبية تعرّضت للدمار وحدثت مجازر فيها، اضافةً إلى تسرّب الغازات الكيماوية إليها كما حصل في دوما.
ربّوع من مهجري عين ترما، ويضيف أثناء حديثه للجمهورية.نت: «يتطلب بناء ملجأ قادر على مقاومة القصف والغازات السامة استخدام الطوب والخرسانة والألواح الخشبية، ومن ثم طبقة من الحصى والخرسانة بسمك 2 إلى 3 متر، إضافةً إلى إنشاء فتحات للتهوية ومداخن قابلة للفتح والإغلاق ومضخة لشفط الغازات السامة ودفعها خارج الملجأ، الى جانب ضرورة تجهيز حمامات وخزانات مياه. لم تكن هذه الشروط متوافرة في الأقبية التي تم إنشاؤها في الغوطة».
أقبية تفتقر لأدنى مقومات الحياة
لم يقتصر سوء واقع الأقبية على رداءة إنشائها، بل كانت تفتقر أيضاً لأدنى مقومات الحياة. يتحدث أسامة عوّاد، من مهجري عربين، للجمهورية.نت: «لا أحد من سكان الغوطة ينسى الأيام الأخيرة التي سبقت التهجير، حيث أمضيناها داخل الأقبية التي كانت أشبه بالمعتقلات أو المستودعات المهجورة، فليس هناك أي وسائل للحياة فيها، فلا كهرباء ولا مياه ولا تدفئة ولا أبواب ولا صرف صحي. الجدران ما زالت على الهيكل، والأتربة والأنقاض والرطوبة والروائح الكريهة تملأ المكان، وتشعر كأنك على وشك الاختناق». يقول عوّاد أيضاً إن بعض الأقبية كانت تضم حوالي 120 شخصاً، يتجمعون في مكان ضيّق، فيما «وضعت بعض العائلات ستائر حولها للحصول على جزءٍ من الخصوصية، وبالكاد كنا نستطيع تناول وجبة طعام واحدة في اليوم في تلك الظروف».
وللحصول على بعض الضوء في الأقبية، قام الأهالي بتمديد مصابيح للإضاءة موصولةٍ بألواح للطاقة الشمسية على أسطح الأبنية، أما الطعام فيكون بالتشارك بين العوائل على سبيل التكافل الاجتماعي، وكان يقوم في الغالب على البرغل الذي تم توزيعه ضمن المساعدات الإغاثية، إلى جانب بعض المؤونة التي تم تجفيفها في الصيف، ولا سيما الفول والحمّص والفاصولياء والباذنجان والكوسا والبامية.
يصف عوّاد سوء الحال في الأقبية: «لا مجال للنوم تقريباً، إذ يجلس عشرات الأشخاص في أماكن ضيّقة، فيما لم يكن القصف يهدأ في آخر شهر من الحصار. حين تتوقف أصوات الانفجارات والاشتباكات لبرهةٍ من الزمن، تأتي الفرصة لغفوة سريعة غالباً في وضعية الجلوس. أما الاستحمام والغسيل فكان شيئاً منسياً، حتى أن البعض لم يستحموا لأكثر من شهر حتى أصبحت أجسادهم مغطاة بالأتربة».
كانت رؤية ضوء النهار بمثابة رفاهية بالنسبة إلى كثير من الأهالي طوال شهر القصف الأقسى، فلم يكن أحد يجرؤ على الخروج من القبو، وكثيرون ممّن خرجوا كانوا يتعرضون للإصابة أو الموت بسبب القصف المتواصل. مياه الشرب كانت كلسية ورملية يتم تأمينها من آبار بجانب الأقبية، التي كانت شديد البرودة في ظلّ غياب التدفئة وقلّة الأغطية.
أضواء وسط العتمة
رغم الواقع القاسي، استطاع بعض السكان إضفاء شيء من السعادة والتفاؤل، ومنهم أم غزوان التي كانت تجمع الأطفال داخل القبو وتحكي لهم بعض القصص الطريفة والمسلية، وتقدم لهم بعض المعلومات المفيدة.
أم غزوان (42 سنة) معلّمة من سكّان دوما، وهي تقول للجمهورية.نت: «في الشهرين الأخيرين قبل التهجير اضطررنا للمكوث طوال الوقت داخل القبو، لذا كنت أحاول قدر الإمكان أن أساعد الأطفال على نسيان أجواء الحرب والهلع وحتى الجوع والعطش والبرد لبعض الوقت، وذلك من خلال رواية الحكايات وإجراء بعض المسابقات والألعاب المسلية. كنت سعيدةً جداً حين أسمع أصوات ضحكاتهم وأرى الابتسامة على وجوههم، وسط جحيم القصف الذي لم يكن يتوقف».
تضيف أم غزوان: «خضعتُ سابقاً لعدة دوراتٍ في الدعم النفسي، لذلك حاولت تسخير خبرتي في مساعدة الأطفال الذين يعانون من حالات الخوف من الطائرات، حيث كنت أجلس مع كل طفلٍ على حدة، وأحاول رفع معنوياته وتخفيف آثار الهلع التي يشعر بها. كان أطفال كثيرون يصرخون ويرتجفون ويتبولون بشكلٍ لاإرادي عند سماع أصوات القنابل والغارات الجوية».
كذلك شهدت مدن وبلدات الغوطة الشرقية، على مدار سنوات الحصار والقصف، نشاطاتٍ ترفيهية ونوادٍ لألعاب الأطفال تحت الأرض، وكان أبرزها مشروع الأرض السعيدة في مدينة دوما، الذي افتتحته منظمة البشائر الإنسانية داخل الأقبية في أيلول 2016، وكان الأضخم والأول من نوعه في المنطقة، إذ ضم أكثر من خمس وأربعين لعبة منها عشرون كهربائية تناسب جميع الأعمار، ومتجراً صغيراً لبيع الألعاب.
تقول أم غزوان: «رغم أن الوضع الأمني كان أفضل حالاً والناس كانت تعيش حياةً شبه طبيعية في الفترة الأولى من الحصار، إلا أن بعض المنظمات حرصت على جعل أماكن ألعاب الأطفال تحت الأرض، كما كان الحال في (الأرض السعيدة) بمدينة دوما، لأن أي قذيفة مدفعية طائشة أو غارة جوية تطالهم قد تتسبّب في حصول مجزرة مروعة ضحيتها أطفال».
تجربة مدينة الملاهي في دوما لاقت استحساناً كبيراً، ما دفع عدد من الناشطين والمتطوعين لتصميم مدينة ملاهي في عربين في تشرين الأول 2017، وأطلقوا عليها اسم «أرض الطفولة»، أقيمت ضمن قبوين تحت الأرض يصل بينهما نفق لحماية الأطفال من القصف، كما أن هذا المكان كان يقدم للأطفال دروساً وتدريباتٍ نفسية تبعدهم عن أجواء الحرب والقصف.
الأنفاق: طوق النجاة
رغم الظروف التي مرّت بها الغوطة الشرقية من حصارٍ وقصفٍ، إلا أن السكان والفصائل المعارضة استطاعوا التأقلم مع الواقع المفروض عليهم، عبر حفر أنفاقٍ لأغراضٍ متنوعة مدنية وعسكرية.
كان لتلك الأنفاق دورٌ حاسمٌ في حياة سكان الغوطة، إذ تم استخدامها في تهريب المواد الغذائية والبضائع والدخول والخروج من وإلى الغوطة عبر أحياء دمشق الشرقية (القابون وبرزة)، وكان لها دورٌ حاسمٌ في التنقّل تحت الأرض وتخفيف مخاطر الانتقال بين المراكز الطبية والنقاط الحسّاسة أثناء القصف، حتى أن طول بعض الأنفاق امتدّ إلى 12 كيلو متراً. وقد وصلت الأنفاق في الأيام الأخيرة لتواجد فصائل المعارضة في الغوطة إلى مستوياتٍ متقدمة جداً، وباتت تمتد من بلدة حمورية مروراً بسقبا وكفربطنا وحزّة وعين ترما حتى جوبر، وبالتالي كان بإمكان الأهالي الوصول إلى مناطق أو نقاط طبية بعيدة عن بيوتهم عبر تلك الأنفاق.
يقول الصحفي غياث الذهبي، من أبناء سقبا: «تركَّزَ الاعتماد على الأنفاق في الجهتين الغربية والشمالية من الغوطة الشرقية، نظراً لعمق المياه الجوفية (25 متر وسطياً)، بعكس الأطراف الجنوبية للغوطة المحاذية لنهر بردى، والحدود الشرقية ذات التربة الزراعية الرخوة والمياه الجوفية السطحية التي تصل في بعض المناطق لأقل من مترين، وبالتالي لم تُستخدم الأنفاق في تلك المناطق».
وكان للأنفاق أيضاً استخدامات عسكرية، إذ استعملتها فصائل عديدة في معاركها مع قوات النظام. ولعلّ أولى محاولات الاعتماد على الأنفاق في المعارك كانت على يد جيش الإسلام أثناء اقتحام الفوج 39 على أطراف مدينة دوما في 2013، ولكن لضعف الخبرة لم يصل النفق إلى المكان المطلوب، واكتشفته قوات النظام وقامت بتفجيره. مع مرور الوقت، اكتسبت فصائل عديدة خبرة في استخدام الأنفاق والخنادق، واستعملتها بفعالية في بعض المعارك كما حصل في معارك جوبر وإدارة المركبات بحرستا ومعمل تاميكو في المليحة.
بعد سيطرة النظام وحلفائه على الغوطة، نشر موقع سبوتنيك الروسي تقريراً حول الأنفاق التي كانت موجودةً في الغوطة، قال فيه إنه توصل إلى معلومات بناءً على وثائق حصل عليها مراسله تعود إلى هيئة الأشغال والخدمات العسكرية التابعة لجيش الإسلام. وذكر التقرير أنه يوجد في 118 نفق في قطاع دوماً و13 نفقاً في قطاع الريحان و9 أنفاق في النشابية و18 نفقاً في أوتايا، كما تحدث التقرير عن مئات الخنادق الطويلة على سائر الجبهات.
هكذا تم حفر الأنفاق
منذ عامي 2014 و2015 بدأت فصائل الغوطة، وأبرزها فيلق الرحمن وجيش الإسلام وحركة أحرار الشام، بحفر الأنفاق التجارية نحو حييّ القابون وبرزة، مع اختلاف كبير في طول الأنفاق والأساليب المستخدمة في الحفر. ووصل طول بعض تلك الأنفاق إلى حوالي سبعة كيلومترات، وأغلبها تتسع لمرور الشاحنات الصغيرة، وأصبحت هذه الأنفاق المنفذ الوحيد الذي تدخل منه المواد الغذائية والمحروقات والمستلزمات الطبية للغوطة الشرقية.
ودخلت المؤسسات المدنية كالمشافي والمجالس المحلية والمديريات الخدمية على خط تجهيز الأنفاق المدنية، سواءً الواصلة إلى النقاط الطبية أو بين المراكز الحساسة في الغوطة الشرقية. ومع دخول المهندسين على العمل بدأت تتطور أساليب الأنفاق، حيث تمكنوا من تفادي الحفر أسفل أساسات الأبنية في المناطق السكنية، أو ضمن خطوط الصرف الصحي. وتمكنوا أيضاً من إيجاد طرق عزل محلية، إذ أشرفت نقابة المهندسين الأحرار في الغوطة الشرقية على مشاريع تحصين المشافي، وإيجاد مخارج ومداخل احتياطية لها عبر هذه الأنفاق، وتأمينها بشكلٍ هندسي يساعد على عدم تهدّمها.
ومع تباشير الحملة العسكرية الأخيرة على الغوطة، التي برزت بوادرها منذ منتصف عام 2017، استنفر السكان بحملاتٍ أهلية لحفر أنفاق فرعية تصل بين الأقبية والمراكز الطبية والمؤسسات الأخرى، ثم مع بدء الهجمة الشرسة على الغوطة مطلع 2018 زادت وتيرة العمل.
أبو ماهر من مهجري زملكا، وهو يقول للجمهورية إنه «اتفق مع سكان حيّه على حفر نفق يصل إلى النفق المركزي الذي كان يمر تحت الشارع الرئيسي، مع حفر تفريعات إضافية لكل مدخل بناء، وتجهيز أنفاق فرعية تضم غرف بحسب رغبة سكان كل بناء. كان العمل تطوعياً، ومن لا يستطيع بإمكانه تأمين شخص بديل»، مشيراً إلى أن «الأنفاق خفّفت الكثير من الإصابات بين المدنيين وسهّلت تنقلهم». وقد تم تجهيز الأنفاق المدنية بشاخصاتٍ للدلالة على الاتجاهات ومخارج الطوارئ والمسافات، واستطاعت الفرق المتخصصة بالحفر اكتشاف أنفاق النظام وتمويه أنفاقها بطرقٍ بدائية في المناطق القريبة من الجبهات وخطوط التماس.
علي «الخلد»: عن مهارة الحفر
برع بعض الأشخاص في حفر الأنفاق حتى باتت مهنةٍ بالنسبة لهم، ولعل أبرزهم علي من بلدة حمورية، الملقب بالخلد، وهو من أمهر المتخصصين في حفر الأنفاق، وأطلق عليه هذا اللقب لمهارته وسرعته في الحفر. كانت خبرته واسعة في معرفة أنفاق النظام واعتراضها وطرق التحايل عليها، ولم يكن يحمل أي شهادة أو تعليم مهني في هذا المجال، لكنه استطاع الوصول إلى درجة خبير بامتياز بعد سنوات طويلة من العمل.
يقول علي الخلد للجمهورية.نت إن «بداية عمله في حفر الأنفاق كانت بشكلٍ تطوعي بالتعاون من باقي الأهالي، لكن استمرار القصف وطول فترة الحصار حوّلت حفر الأنفاق إلى مهنةٍ يقوم بها متخصصون يتقاضون أجوراً في غالب الأحيان من الفصائل أو المؤسسات التي يعملون لصالحها».
وكانت أغلب الأدوات المستخدمة في حفر الأنفاق بدائية، لكن بعض الأشخاص استطاعوا صناعة حفّارات آلية بسيطة ساعدت بشكلٍ كبير في تسريع عمليات الحفر، خاصةً في الأماكن البعيدة عن خطوط التماس.
يقول علي إيضاً إنه «تم استخدام مضخات المياه عالية الضغط والجرافات الصغيرة أو الكبيرة في حفر الأنفاق، وتختلف الأدوات المستخدمة في الحفر تبعاً لظروف الزمان والمكان، كما أن العنصر البشري الخبير هو الطرف الأهم في الحفر، خاصةً في ظل التهديدات الأمنية وسعي النظام بشكلٍ دائم لاكتشاف الأنفاق وتفجيرها».
اليوم، بعد نحو ثلاث سنوات ونصف على سيطرة قوات النظام على الغوطة، قامت حكومة النظام بهدم أغلب الأنفاق التي حفرتها الفصائل والجهات المدنية في الغوطة، وذلك بعد أن تراجعت عن فكرة استثمارها في أمور خدمية، وهي الفكرة التي كان قد تم تداولها بعد رؤية هذه الأنفاق وانتشار صورها على نطاق واسع، حتى أن حكومة النظام طرحت الفكرة في جلساتها وشكلّت لجاناً لدراستها قبل أن تتخلّى عنها لاحقاً لصالح خيار الهدم.