لم تنجح العقوبات الغربية في فرض تغيير مهم على الوضع السياسي القائم في سوريا حتى الآن، فهي لم تدفع النظام إلى تغيير سلوكه ولم تدفع حلفاءه إلى التخلي عنه أو ممارسة ضغوط عليه من أجل حل سياسي. وبعد أعوام من فرض هذه العقوبات، وبعد أكثر من عام على دخول نسختها الأقسى (عقوبات قيصر) حيز التنفيذ، لا يزال النقاش مستمراً بشأن فعاليتها والهدف منها وآثارها على النظام وعلى عموم السوريين، وهو جزء من نقاش عالمي أوسع حول العقوبات الاقتصادية والجدوى من استخدامها في الصراعات السياسية.

يشارك وائل علواني وكرم شعار في هذا النقاش عبر دراسة مفصّلة نُشرت مطلع الشهر الجاري على موقع معهد الشرق الأوسط في واشنطن، تضمنت مراجعة شاملة للعقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على النظام السوري، بما يشمل تقييمَ آثارها ومحاولة تحديد مكامن القصور فيها، ثم تقديم توصيات لرفع مستوى فعاليتها مع تخفيف أضرارها على عموم السوريين.

وائل علواني هو باحث في مجال البيانات الرقمية وتحليل الجرائم المالية، وحائز على ماجستير في الذكاء الصنعي، وكرم شعار هو دكتور في الاقتصاد وباحث زائر في معهد الشرق الأوسط، ورئيس قسم الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات. وتعتمد الدراسة التي أجراها الباحثان على تحليل البيانات المتوافرة عن الأفراد المعاقبين أميركياً وأوروبياً نتيجة تورطهم في انتهاكات وجرائم ذات صلة بالشأن السوري، وعلى معالجة المعطيات والأرقام والمعلومات المتوافرة حول العقوبات في المصادر المفتوحة ومصادر خاصة.

أوجه قصور في العقوبات بشكلها الراهن

يأخذنا الباحثان معهما في مسار يستعرض تاريخ العقوبات الأوروبية والأميركية ضد النظام السوري مع مقارنة بينها، ليُقدما نتائج أبرزها أن الاتحاد الأوروبي اعتمد على العقوبات بشكل أكبر من الولايات المتحدة، خاصة في وقت مبكر بعد الثورة، ربما بسبب العلاقات الاقتصادية القوية مع سوريا قبلها، وهو ما يعني معرفة أوروبية أعمق بالاقتصاد السوري ويفترض تأثيراً أقوى لهذه العقوبات على مسار الأحداث في البلد. ثم يمضي الباحثان في تحليل البيانات المتوافرة عن الأفراد المشمولين بالعقوبات، مستخدمين قاعدة بيانات مزودة بأداة تحليل تفاعلية، الأداة التفاعلية لتحليل بيانات الأفراد المشمولين بالعقوبات متاحة باللغة العربية على هذا الرابط، وتختلف الأرقام الواردة فيها عن الأرقام المعتمدة في الدراسة نتيجة تحديثات تم إدخالها لاحقاً على قاعدة بيانات الأداة التفاعلية. ليستخلصا نتائج أساسية تُعين على تحليل هذه العقوبات وتقييمها.

ولعلّ أبرز نتائج هذا التحليل أن توزُّعَ الأفراد المستهدَفين بالعقوبات على مكونات الشعب السوري الأهلية يتوافق مع التصورات المتوافرة حول بنية النظام. مثلاً، نحو 97 بالمئة من المعاقبين هم من العرب بما يتوافق مع حقيقة إبعاد المنحدرين من القومية الكردية عن مراكز صنع القرار في النظام، وأكثر بقليل من 42 بالمئة من المعاقبين ينحدرون من الطائفة العلوية (نسبة السوريين المنحدرين من الطائفة العلوية أقل من 15 بالمئة) ونحو 68 بالمئة من هؤلاء مرتبطون بأجهزة أمنية وعسكرية، بما يتوافق مع التكوين الطائفي لنواة النظام الأمنية. يعتبر الباحثان أن هذا يشير إلى أن العقوبات «لم تتحدى الوضع الراهن لمراكز القوة في النظام»، بل «لعلّها عززته». كذلك تفيد نتائج التحليل أن معظم الأفراد الذين طالتهم العقوبات سوريون ومقيمون في سوريا ويحتلون مواقع أساسية في هيكلية النظام، ما يعني أنه ليس هناك استخدام فعّال للعقوبات الثانوية (أي التي تطال داعمين للنظام أو متعاملين معه دون أن يكونوا أعضاء فعليين فيه) ولا العقوبات العابرة للحدود (التي تطال أشخاصاً أجانب أو سوريين يمارسون أنشطتهم الأساسية خارج سوريا)، في حين أن النظام «صمّمَ عبر السنوات شبكات دولية فاعلة لمساعدته على التهرب من العقوبات»، ما يفترض ضرورة التوسّع في استهداف هذه الشبكات عبر هذين النوعين من العقوبات، وهو الأمر الذي شهد تحسناً طفيفاً بعد فرض عقوبات قيصر، لكنه يبقى دون المستوى المطلوب.

تنتقل الدراسة بناء على ما تقدم إلى الحديث عن أوجه القصور في العقوبات الغربية، وأبرزها أن معظم الخاضعين للعقوبات «متأصلون بعمق في نظام الأسد»، ما يعيق الهدف الأساسي للعقوبات الذي يُفترض أنه «تغيير السلوك». تؤدي العقوبات على هذا النوع من الأشخاص إلى «تقوية موقعهم داخل النظام بدل إضعافه»، وربما تؤدي إلى تحسين فرصهم الاقتصادية داخل سوريا «لأنهم لم يعودوا موضع ترحيب دولياً». يعتقد الباحثان أن العقوبات «لا ينبغي أن تتوقف عند المتجذرين بعمق في النظام»، بل يجب أن تطال أيضاً الأفراد الأقل تجذّراً، وذلك «أساساً لأنهم أكثر عرضة لتغيير السلوك»، وينتقدان مراراً استهداف العقوبات لـ«قمة جبل الجليد»، ويدعوان إلى مزيد من العمل على استهداف الشبكات والروابط غير الرسمية الداعمة للنظام.

تشير الدراسة إلى أوجه قصور أخرى أساسية منها عدم وجود منظومة حوافز تدفع الأفراد إلى التبليغ أو تقديم شهاداتهم بشأن أنشطة النظام، وأبرز الحوافز الغائبة في هذا السياق هو تأسيس برامج لحماية من يقدمون معلومات عن النظام. ومنها أيضاً أن ثمة أخطاء شملت كيفية كتابة أسماء بعض المستهدفين بالعقوبات، وتبايناً في أعوام ولادة بعضهم بين العقوبات الأوروبية والعقوبات الأميركية، بالإضافة إلى تناقضات من قبيل عدم معاقبة قادة أمنيين معروفين للعموم بارتكاب انتهاكات، ما يطرح علامات استفهام حول غياب مشاركة المعلومات بين الأوروبيين والأميركيين، وحول كيفية جمع المعلومات وتقرير العقوبات. كذلك تتحدث الدراسة عن غياب الشفافية، إذ لا يتم الإعلان عن مبررات إدراج أشخاص معينين في العقوبات مثلاً، بل «تكون العقوبات مدفوعة بترتيبات تتم في الكواليس غالباً»، وهو ما يسبب غموضاً يُلحق الضرر بفعالية هذه العقوبات ومصداقيتها أمام السوريين والمراقبين، ويساعد النظام على ممارسة التضليل والتهرب من العقوبات، ويغذي دعايته التي تهدف إلى صرف الانتباه عن الأسباب الأساسية لتعثّر الاقتصاد السوري من فساد وسوء إدارة وغيرها.

آثار العقوبات وفلسفة الأطراف حيالها

من أجل تقييم آثار العقوبات، يستعرض الباحثان عدداً من الدراسات المتعلقة بهذه المسألة، التي يرجع أقدمها إلى العام 1925 وينتهي أغلبها إلى أن «العقوبات الاقتصادية ليست فعّالة بشكل حاسم في تحقيق التغييرات المطلوبة». ورغم التباينات بين هذه الدراسات، إلا أنها تتفق على أن العقوبات لن تكون فعالة ما لم تكن مترافقة مع وسائل ضغط أخرى، وما لم تكن مدروسة وموجهة بشكل جيد وفقاً لطبيعة النظام المستهدف.

ثم تنتقل الدراسة إلى تبيان الآثار الإيجابية والسلبية للعقوبات في الحالة السورية. ويمكن تلخيص الآثار الإيجابية في: (1) دفع الكيانات الاقتصادية المستهدفة إلى تغيير سلوكها أو تقديم تنازلات في حال كان لهذه الكيانات أنشطة اقتصادية في أوروبا أو الولايات المتحدة، (2) وإعطاء النظام وداعميه في موسكو وطهران سبباً إضافياً للسعي إلى حل سياسي، (3) وتشكيل عامل ردع لجهات تنوي أن تنخرط في أنشطة اقتصادية داعمة للنظام السوري، (4) وتشكيل عامل ردع لأنظمة استبدادية أخرى عبر إرسال رسالة مفادها أن الانتهاكات لا تمر دون عواقب.

أما عن الآثار السلبية، فتلخصها الدراسة في: (1) آثار إنسانية تلحق المدنيين السوريين والمنظمات غير الحكومية السورية العاملة داخل سوريا وخارجها، إذ تطال العقوبات بشكل غير مباشر تعاملاتهم وحساباتهم البنكية دون مبررات، وذلك نتيجة تفضيل جهات كثيرة عدم التورط في تعاملات مع سوريين، أو ما تسميه الدراسة «الإفراط في الامتثال للعقوبات». (2) وهناك أضرار فادحة تلحق بمجمل الاقتصاد الوطني، تطال آثارها الكارثية قطاعات الأعمال الصغيرة والمتوسطة الأقل ارتباطاً بالنظام أكثر مما تطال رجال الأعمال الكبار المرتبطين بالنظام والأقدر على الوصول إلى الموارد، حتى إن العقوبات أعاقت خدمات إعادة تأهيل في مناطق لا يسيطر عليها النظام. (3) والأضرار التي تطال قطاع التكنولوجيا، بما في ذلك التطبيقات الرقمية التي تستخدمها المنظمات الإنسانية مثل منصات العمل وغيرها، ما يلحق أضراراً بقدرة كثير من السوريين العاديين على العمل والتفاعل مع العالم.

ولكن ألم يكن من آثار العقوبات أنها ألحقت أضراراً سياسية واقتصادية بنظام الأسد فعلاً؟ تحدثتُ إلى الباحثَين لإلقاء مزيد من الضوء على جوانب من دراستهما، وعن هذا الجانب يقولان: «صحيحٌ أن هذه النقطة لم تُذكر بشكل مستقلّ في القسم المخصص للحديث عن آثار العقوبات، لكنها حاضرة على طول فقرات الدراسة؛ نؤكد هنا مجدداً أنه لا شك في أن العقوبات ألحقت أضراراً كبيرة بالنظام وحلفائه، ولكن هل نجحت بشكلها الحالي في إجبار النظام على تغيير سلوكه؟ هذا هو السؤال الرئيسي بالنسبة لنا، والذي تبدو إجابته واضحة تماماً».

بناء على مجمل ما تَقدَّم، يعرض الباحثان ما يعتقدان أنه فلسفة الأطراف المعنية بمسألة العقوبات، فيقولان إن الأسد يرفض الانخراط في تسوية سياسية بهدف إنهاء العقوبات لأن نتائج التسوية السلبية بالنسبة له أكبر من تلك التي تفرضها العقوبات، فالانتخابات المفتوحة ستكون «بداية نهاية النظام»، وبدون الحماية التي يوفرها له موقعه في الرئاسة، فإنه «من المحتمل أن يتعرض الأسد للتهديد طوال الوقت»، سواء داخل سوريا أو خارجها، وسواء كان التهديد هو الاغتيال أو المحاكمة. أما الأطراف الغربية التي تفرض العقوبات، فهي «تعرف الآن أن العقوبات وحدها ليست كافية لإجبار الأسد على القبول بحل عادل»، وأن «ممارسة ضغوط كافية على حلفاء الأسد للدفع نحو تغيير في سلوكهم ليست أمراً سهل المنال»، ولذلك يعتبر الباحثان أن العقوبات بشكلها الحالي ليست بالنسبة للمسؤولين الغربيين إلّا «ورقة توت تغطي عدم اهتمامهم الجدي» بإيجاد حل ينهي معاناة السوريين، و«انعكاساً لضعفهم السياسي في سوريا». أما عن فلسفة حلفاء النظام في موسكو وطهران، فيقول الباحثان في حديثهما مع الجمهورية.نت إن هؤلاء الحلفاء «يسعون إلى رفع العقوبات دون شك، وذلك لأن الوضع الاقتصادي الراهن في سوريا يشكل ضغطاً عليهم ويمنعهم من حصاد الثمار الاقتصادية لتدخلهم، ولكن الثمن السياسي المطروح مقابل رفع العقوبات كبير جداً بالنسبة لهم، لأن البدء في عملية انتقال سياسي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إنتاج نظام سياسي غير حليف لهم ما يهدد بخسارتهم جميع مكاسب تدخلهم في البلد».

نحو تحسين فعالية العقوبات وتخفيف أضرارها

يختم الباحثان دراستهما بمجموعة توصيات تهدف إلى تحسين فعالية العقوبات الغربية، وهي توصيات ينبغي تطبيقها معاً وليس بشكل مجتزأ، ويمكن تلخيصها كالآتي:

1- إلغاء الحظر الاقتصادي الواسع على الدولة السورية، وإلغاء العقوبات التي تستهدف قطاعات بأكملها مثل القطاع المالي والمصرفي، وذلك لأن ضررها أكبر من فائدتها، مع ربط إلغائها بانتزاع مكاسب من النظام مثل إطلاق المعتقلين السياسيين. بدلاً من ذلك، تقترح الدراسة التوسّع في فرض حظر السفر وتجميد الأصول المالية لأفراد بعينهم وكيانات اقتصادية بعينها.

2- تنفيذ سياسة متكاملة في الملف السوري تعتمد مزيجاً من الترغيب والترهيب، مثل تقديم حوافز لحلفاء الأسد للضغط عليه أو التخلص منه، في مقابل تسريع وتسهيل الإجراءات القانونية المتخذة ضد مسؤولي النظام وعناصره في الخارج في المحاكم الغربية والدولية.

3- تحسين فعالية العقوبات من خلال: استخدام العقوبات الثانوية على نطاق أوسع، خصوصاً ضد الأفراد الأقل تجذراً في النظام، الذين يُحتمل أن يغيروا سلوكهم أكثر من غيرهم؛ وتجاوز قمة جبل الجليد عبر استهداف الشبكات العميقة للنظام؛ ومعاقبة جميع القادة في الأجهزة الأمنية والميليشيات ورجال الأعمال الموالين للنظام؛ وإنشاء برنامج لتحفيز السوريين على كشف الأفراد المتورطين في جرائم النظام؛ وإشراك منظمات وجِهات شعبية سورية في جمع الأدلة ورسم هيكل النظام السوري لتقليل وتصحيح الأخطاء في قوائم العقوبات الحالية؛ وزيادة التنسيق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ وتحسين الشفافية والتواصل مع الجمهور؛ واعتماد عملية إعادة تقييم ومراجعة رشيقة للعقوبات.

لكن سؤالاً يبرز حول مسألة رفع العقوبات القطاعية بالترافق مع توسيع العقوبات ضد الأفراد والكيانات المتعاملة اقتصادياً مع النظام: ألن يؤدي ذلك إلى نتيجة مشابهة تقريباً للعقوبات القطاعية؟ أي أنه إذا تم رفع العقوبات الشاملة عن القطاع المصرفي مثلاً، ومعاقبة كل المتعاملين مع النظام في هذا القطاع في الوقت نفسه، ألن يؤدي هذا إلى شلل هذا القطاع بما يلحق الضرر بعموم السوريين بشكل مماثل للعقوبات الشاملة؟ وخاصة إذا تذكرنا أن النظام يهيمين على كل مجالات النشاط الاقتصادي في البلد، بحيث أن أغلب المتحكمين بأي نشاط اقتصادي سيكونون من محاسيب النظام وداعميه. أيضاً، ألن يفتح رفع العقوبات القطاعية الباب أمام النظام لتجنيد مزيد من الأشخاص غير المشمولين بالعقوبات على نحو يصعب تتبّعه؟

يجيب الباحثان على سؤالي هذا بالتفصيل: «وضعنا نصب أعيننا أثناء الدراسة سؤالين أساسيين: هل نجحت العقوبات في تحقيق هدفها الأساسي وهو تغيير سلوك النظام؟ ومن هو الطرف الذي يدفع الثمن الأفدح لهذا النوع أو ذاك من العقوبات: النظام أم عموم السوريين؟ وقد وجدنا أنه بينما لا تنجح العقوبات الحالية في تغيير سلوك النظام أو حلفائه، فإن كلفة العقوبات القطاعية على عموم السوريين أعلى بكثير من كلفتها على النظام، ولهذا طالبنا برفعها. ولن تصل الأمور حدّ استهداف جميع العاملين في قطاع ما مهما تم التوسع في معاقبة أفراد بعينهم وكيانات اقتصادية بعينها، لأننا نطالب بمعاقبة من يثبت تورطهم في دعم النظام فقط، ما يخفف كثيراً من آثار العقوبات على المدنيين. وطبعاً سيحاول النظام تجنيد أشخاص جدد، ولهذا نتحدث عن ضرورة المراجعة الدورية واللصيقة لقوائم العقوبات، وتحسين وسائل جمع وتحديث المعلومات، بحيث تصبح المهمة أكثر صعوبة على النظام».

تقرّ الدراسة بأنه لا يمكن إلحاق ضرر بنظام استبدادي عبر العقوبات الاقتصادية دون إلحاق ضرر بمحكوميه، إذ تُشبِّه العقوبات في إحدى فقراتها بـ«مطرقة تُلحق الضرر بالنظام والشعب». ولكن إذا كان الأمر كذلك فعلاً، وإذا كانت العقوبات الاقتصادية لا تؤدي إلى تغييرات سياسية في أنظمة استبدادية، فلماذا ينبغي الإبقاء عليها؟ يقول الباحثان في حديثهما مع الجمهورية.نت: «لم تنجح العقوبات بمفردها في إسقاط أنظمة استبدادية أو تغييرها في أي مثال معروف، ولكنها لعبت دوراً حاسماً في إضعاف أنظمة وتغييرها، كما في جنوب إفريقيا والسودان، إنما بالاشتراك مع عوامل أخرى متشابكة. لا يمكن القول أبداً إن ثمة عقوبات تُسقِط أنظمة لوحدها، ولهذا بالضبط نتحدث عن ضرورة بناء استراتيجية تكون العقوبات الاقتصادية أحد مكوناتها. بالمقابل، ليس من الصائب في رأينا رفع العقوبات كلياً عن النظام في الوضع الحالي، لأنه يواصل ارتكاب جرائم وانتهاكات بشكل يومي، ولا ينبغي السماح له باستئناف علاقات طبيعية مع العالم تُغذيه مالياً، ولهذا يجب أن يكون رفع العقوبات مرتبطاً بتسوية سياسية تقود إلى تغيير الوضع في سوريا. ما نطرحه في دراستنا هو ضرورة تعزيز عناصر العقوبات التي تشكل ضغطاً على النظام، وبالذات على حلفائه لدفعهم إلى تغييره أو تغيير سلوكه، والحدّ في الوقت نفسه من العناصر التي تلحق ضرراً فادحاً بعموم السوريين».