أُضيِعُ الوقت. يكسب بعضاً من الوقت. تأخذ وقتها. ليس لديها الوقت. في سباق مع الوقت، أو في صراع. يعطيني بعضاً من وقته. ينقصه الوقت أو يلزمه. أقتل الوقت أو يقتلني. نفذ الوقت. الوقت كالسيف. الوقت من ذهب. انتهى وقتها. يسيل الوقت. الوقت بطيء. طار الوقت. توقف الوقت. الوقت يتمدد… وما إلى ذلك من أفعال وصفات ترتبط بالوقت، ونقولها ونسمعها في كل مكان ومن كل شخص تقريباً، نتحدث عنه في الشعر والفن والأدب، في العلوم والأمثال الشعبية والأهازيج، في الفيزياء والفلسفة والطب. إن مفردات كـ الشيخوخة والشباب والطفولة، الأبدية واللحظية، الخلود والبقاء، الماضي والحاضر والمستقبل، النمو والحركة، التوقع والتذكر والتخطيط، وغيرها من المفردات ذات الثقل، ترتبط بالوقت، وتعكس أهميته ومكانته ومفهومه. هذه المكانة لا تقف عند المستوى الفردي، بل تتجاوز ذلك لتلمس الحياة بمفهومها الجوهري، الحياة في مختلف أشكالها وأنواعها، فإنّ تَوقُّفَ الوقت يعني توقف الحياة عن استمرارها، يعني الثبات وبالتالي الموت. لذا يمكن أن نفهم الوقت على أنه حركة بيير فان-دام، مقال العلاج الجشتالتي وباثولوجية الوقت، في مجلة Gestalt، رقم 47، 2/2015.، تتابع واستمرارية.

إن القصص في التاريخ الإنساني والوعي الجمعي مليئة بأمثلة عن الصراع مع الوقت، ولعل أبرزها إكسير الخلود، وحتى يومنا هذا، لا نزال نشاهد الكثير من الأمثلة الأخرى، عمليات التجميل ومحاولات القضاء على الشيخوخة وما إلى ذلك. ودعونا نقول إنه «غالباً» ما ينتهي هذا الصراع لصالح الوقت! ولكن أيضاً كانت هناك دائماً محاولات وأحلام الرائعة حول ترويض الزمن والسفر عبره. اجتماعيّاً، يضغط المجتمع علينا في سباق محموم مع الوقت، المرأة «العانس» هي التي «فاتها الوقت»، عبارة «اللي قدك صار عندو ولاد» تعني أنك متأخر، وغيرها. في النهاية، نحن نفهم الوقت بشكل خاص فردي ونتعامل معه بطرق مختلفة، ونمر معه بأزمات وجودية قوية. فكيف ندركه إذاً؟ وما هو أثر الوقت على داخليتنا وصحتنا النفسية؟

معنى الوقت

ما هو الوقت؟ إن الإجابة الأبسط ستكون أنه ما تشير إليه ساعة الحائط، وأن الوقت يتجه أبداً من الماضي إلى المستقبل عبر الحاضر، وأنه يتكون من السنوات والأشهر والأسابيع والأيام. في الحقيقة، إن هذا الوصف هو تمثيل الوقت، ولكنه ليس الوقت في حد ذاته، وقد أوجده الإنسان اعتماداً على حركة القمر والشمس وتتالي الفصول، وذلك في سياق محاولة حساب الوقت وفهمه. وهذا الوصف ينطبق على شكل واحد من أشكال الوقت، وليس جميعها. ولن نغوص في معنى الوقت وماهيته، لكن يهمنا هنا شكل معين للوقت نلمسه ونحسه بشكل يومي، وهو ما يسمى بالوقت البيولوجي. شرحت المختصة النفسية والبروفيسورة في علم النفس سيلفي دروا-فوليه في مقالها المعنون «إدراك الوقت والوهم الزمني»، والذي نشر عام 1999 في مجلة Cerveau et Psycho، هذا الوقت: «يعتمد الوقت البيولوجي على التغيرات الفيزيولوجية الدورية، كالتركيزات الهرمونية، والذي يعبر عن ذاته عبر مجموعة من الإيقاعات البيولوجية. أشهر هذه الإيقاعات هو دورة يقظة-نوم، التي تعتمد على ساعة بيولوجية موجودة على مستوى النواة التصالبية في الهيبوثلاموس (تحت المهاد). وتختلف الساعات البيولوجية، وهي المسؤولة عن الإيقاعات البيولوجية المختلفة، عن الميكانيزمات المجمعة تحت ما يسمى بالساعة الداخلية، والتي بدورها تساهم في تقييم مدة الحدث أو الفاصل الزمني بين حدثين». فالوقت البيولوجي يتكون من الساعات البيولوجية والساعة الداخلية، وهذه الأخيرة هي المسؤولة عن تقييم الوقت وعن إطلاق الأحكام الزمنية، فنحن نقدر مدة الوقت خلال يومنا باستمرار، نقدر تقريبياً مدة انتظارنا على الهاتف، أو مدة الغفوة الصغيرة قبل النهوض إلى العمل عندما يرن المنبه صباحاً، أو المدة التي تأخذها إشارة المرور الحمراء لتصبح خضراء. ما يعني أن حدوث سوء تقدير الوقت، أي الشعور بالوقت بشكل مختلف عن الواقع، سيكون ناتجاً عن هذه الساعة، كما عندما نقول: «الوقت معك يمر بسرعة كبيرة، لقد انقضت الساعة وكأنها دقيقة»، أو «شعرت بالخوف الشديد لدرجة أنني شعرت بأن هذه أطول دقيقة مرت علي في حياتي، وكأنها عُمر!».

إذاً يمكن فهم الوقت مبدأياً على أن له تمثيلين؛ الأول، ولنطلق عليه اسم الموضوعي، هو الذي يظهر على ساعة اليد والذي نعيشه بشكل ملموس، والثاني هو الوقت الذاتي، أي هو الوقت الذي يدركه كل فرد بشكل خاص يختلف عن الآخر. وهذا هو الوقت الذي يهمنا هنا. تؤثر حالتنا الداخلية على الساعة الداخلية، وبالتالي تؤثر على إدراك الوقت، فشعور كالخوف مثلاً أو حالة كالتوتر يسببان تسارعاً في الساعة الداخلية، الأمر الذي يترك انطباعاً بأن الوقت (الموضوعي) يمر ببطء شديد. وذكرت دروا-فوليه أن الساعة الداخلية تتأثر بعوامل أخرى مختلفة كتناول بعض المواد كالكوكائين والاكستاسي والكافيين، والتي تسبب تسارع الساعة الداخلية. يتعلق أيضاً بالمرحلة العمرية التي يمر بها الفرد، فالساعة الداخلية عند المراهق تكون أسرع من تلك عند المسن. كذلك تتأثر بالجو المحيط بنا، وقد نشعر أحياناً بذلك حين نستمع لموسيقى ذات إيقاع سريع، بصوت مرتفع جداً، بأن الوقت ودقات قلبك يتماشيان مع إيقاع الموسيقى. كما تتأثر بالمؤثرات الخارجية، مثل التعرض لنبضات ضوئية بصرية أو صوتية سمعية سريعة، وأخيراً تتأثر كذلك بالتواصل الاجتماعي، حيث أكدت دروا-فوليه أن الساعات الداخلية تتزامن عند الأفراد، وخاصة عندما يشعر أحدهم بالتعاطف مع الآخر.

كيف تعمل الساعة الداخلية؟

دعونا نتخيل الساعة الداخلية على أنها تتكون من قاعدة، لِنُسمِّهَا بالقاعدة الزمنية، ومن عدّاد وقاطع سيلفي دروا-فوليه، مقال الأوجه المختلفة للوقت، في مجلة Enfance and Psy، رقم 13، 1/2001، وتصدر من القاعدة الزمنية نبضات بشكل مستمر (في الحقيقة، لا نعرف بعد ماهية هذه القاعدة). لنفترض أن سامر يمر بتجربة معينة، وهي مراقبة عنكبوت على الحائط، وطُلِب منه تقدير مدة هذه المراقبة. فعند بداية المراقبة ينغلق القاطع محوّلاً بذلك النبضات الصادرة عن القاعدة الزمنية نحو العدّاد الذي سيبدأ بعد هذه النبضات، ومن ثم إرسال المعلومات نحو الذاكرة قصيرة الأمد، التي سترسلها بدورها إلى الذاكرة الطويلة التي ستخزن المعلومة لاستخدامها فيما بعد في إطلاق الحكم المتعلق بالوقت. هنا سيكون سامر قادراً على إطلاق حكم زمني، وهو تقدير مدة مراقبته للعنكبوت تقريبياً، ودون النظر إلى ساعة يده. الآن لنفترض أن سامر لديه رُهاب من العناكب، في هذه الحالة سيزيد الرهاب من عدد النبضات مما يؤدي إلى تسارع الوقت الذاتي بالمقارنة مع الوقت الموضوعي، وبالتالي فإن سامر يبالغ في تقدير المدة ويعتقد أنها أطول مما هي في الحقيقة. وإن افترضنا أن سامر يراقب هذه العنكبوت دون أن يُطلَب منه تقدير المدة، وأنه كان يفكر في شيء مختلف تماماً عن المراقبة، كتفكيره في مرض صديقه، حينها لن يكون قادراً على تقدير المدة بسبب تركيزه في شيء آخر، فعند غياب التركيز في الوقت، لا يغلق القاطع وبالتالي لا يتم تحويل النبضات إلى العداد، هنا سيتم تقدير المدة اعتماداً على معلومات أخرى غير زمنية في الذاكرة، وغالباً ما يتم الحكم على أساس أن وجود معلومات غير زمنية أكبر يعني مرور وقت أطول. وفي المقابل فإن زيادة التركيز في المدة ومراقبته يسبب تسارع الوقت الذاتي، الأمر الذي يساهم في إثارة الشعور بالملل، فعند انتظار الموعد عند الطبيب، يكون التركيز منصبّاً بشكل كلي على الانتظار وهذا سيدفع إلى مبالغة في تقدير الوقت، ما يعطي انطباعاً أن الوقت يمر ببطء فنشعر بالملل. ولا بد أيضاً من التأكيد على أهمية دور الذاكرة، إضافة إلى التركيز، في إطلاق الأحكام الزمنية وفي التوجه الزماني، وهذا ما يشرح صعوبة إطلاق هذه الأحكام عند الأشخاص المصابين بالزهايمر، مثل عدم القدرة على تقدير المدة التي قضوها في مشاهدة التلفاز.

إدراك الوقت الموضوعي

حتى عمر أربع سنوات، يعيش الأطفال الوقت ولكنهم لا يفكرون فيهسيلفي دروا-فوليه، مقال الأوجه المختلفة للوقت، في مجلة Enfance and Psy، رقم 13، 1/2001.. هذا يعني أنهم غير قادرين على تمثيل الوقت في وحدة مجردة مستقلة عن الحدث أو الفعل. فلا وجود للزمن إن مر دون القيام بشيء ما، الوقت هنا يكون مقسماً إلى أوقات مختلفة ترتبط بالأنشطة المختلفة التي يقوم بها الطفل، مثل وقت اللعب، وقت الأكل، وقت النوم وما إلى ذلك.  أيضاً هم غير قادرين على تمييز مدتين من الوقت لحدثين يمران بالتزامن، أو فهم الفاصل الزمني بين حدثين متتاليين، وذلك لأن الوقت لا يوجد حتى هذا العمر مستقلاً عن الحدث. ولكن بدءاً من عمر أربع إلى خمس سنوات، يبدأ مفهوم الوقت وإدراكه بالتشكّل تدريجياً حتى يتم التمكن منه في عمر الثامنة.

في عمر الثالثة أو الرابعة، لا يكون الطفل قادراً على التوجه الزماني، ونعني بالتوجه الزماني تحديدَ الفرد لموقعه الزمني؛ أي أن يعرف الشخص موقعه الزمني في أي ساعة من اليوم، أي يوم من الأسبوع، والشهر والسنة… إلخ. ولكنه يكون قادراً على تحديد الأوقات من اليوم وفق الأنشطة التي يقوم فيها بشكل يومي، حيث يدرك أن اليوم يبدأ مع وقت الاستيقاظ وينتهي مع وقت النوم. في سن الخامسة سيكون قادراً على تحديد  النهار وبعد الظهر والليل. ولكن كل أيام الأسبوع تبدو متماثلة في هذا العمر، إلى أن يصل عمر السادسة حيث سيتمكن من تحديد أيام الأسبوع بشكل صحيح. في سن السابعة سيدرك أشهر السنة، الفصول في سن السابعة إلى الثامنة، ثم السنوات في الثامنة إلى التاسعة من العمر.

لا بد من الإشارة إلى أنه، بشكل عام، يتم تلقين الطفل وتعليمه هذا النظام اعتماداً على الحفظ «البصم»، وبالطريقة نفسها التي يتعلم بها أسماء الأشياء المحيطة (باب – كرسي – يد) أو الأحرف الأبجدية، حيث لا توجد علاقة واضحة بالنسبة للطفل حول سبب تسمية هذا اليوم باسم الأربعاء أو الجمعة، كما لا توجد علاقة واضحة بين اسم تشرين الثاني وبين الشهر في حد ذاته بالنسبة له.

الكرونوباثيا (Chronopathie)

تشير كلمة كرونوس (chronos) إلى الزمن في اليونانية القديمة. في حين يعبر مصطلح الكرونوباثيا (Chronopathie) في علم النفس عن أي شكل من أشكال الاضطرابات المرتبطة بسبب مباشر أو غير مباشر مع الوقت، وهذا المصطلح يعود إلى المحلل النفسي فالابريغا Valabrega بيير فان-دام، مقال العلاج الجشتالتي وباثولوجية الوقت، في مجلة Gestalt، رقم 47، 2/2015.. تنعكس الكرونو عبر دورتي الحياة الكلية والجزئية. دورة الحياة الكلية، وهي تشكل عمر الفرد، تبدأ من مولده وتنتهي بالموت، ودورة الحياة الجزئية هي دورة الحياة اليومية، التي تبدأ مع الاستيقاظ وتنتهي مع النوم. هذا ما شرحه المختص العيادي والمعالج النفسي بيير فان-دام في مقاله «العلاج الجشتالتي واضطرابات الوقت» في العدد 47 من مجلة الجشتالت، مسترسلاً بأنه خلال دورة الحياة الكلية، يمر الفرد بخبرات قاسية أو أزمات وجودية لا مفر منها، وسيحاول التعامل معها أو تجنبها عبر حفظ الوقت أو ترجيعه أو تجميده عند نقطة محددة، هذه الأشكال المختلفة تكون مدفوعة بِطاقة من الخوف من المجهول والخوف من الشيخوخة والموت. وفي المقابل، فإنه أثناء سعي الفرد لإشباع رغبة ما، غالباً ما يعترض ذلك معيقات محبطة، وغالباً ما يتم مقاومة هذه العوائق إما عبر الانسحاب نحو الماضي أو الارتباط المنعزل في الحاضر أو القفز نحو المستقبل.

هذه الطرق تنعكس على شكل سلوكيات ومشاعر وأفكار. تقول لينا في جلسة العلاج النفسي: «منذ وصلت هنا أعيش لوحدي، لم أستطع تكوين صداقات، لم أجد من يحبني، لقد اشتقت لأمي…. أشعرأحياناً براحة كبيرة عندما أتخيل نفسي أنني لا زلت أعيش هناك، في بيت العائلة الكبير والذي يملؤه الدفء والحنان ورائحة الطعام اللذيذة، أتمنى لو أني أعود إلى الوراء وأبقى هناك إلى الأبد». إن الصعوبات التي تواجهها لينا في المنفى، والتي تعيق إشباعها رغبة/حاجة الانتماء، وأن تكون محبوبة وأن يتم اعتبارها، تدفعها للهرب في الوقت نحو الماضي حيث كانت رغبتها مُشبَعَة وحيث شعرت سابقاً بالأمان.

أما في الاضطرابات النفسية، تنعكس الكروناباثيا في جوهر الاضطرابمراجع هذه الفقرة هي: بيير فان-دام، مقال العلاج الجشتالتي وباثولوجية الوقت، في مجلة Gestalt، رقم 47، 2/2015. جيرمان آرس روس، مقال الاكتئابية واضطرابات الزمانية، مجلة Bulletin de psychologie، رقم 483، 3/2006.؛ ففي اضطراب الفصام مثلاً، يفقد الفرد ارتباطه الحيوي مع الواقع الحاضر، يعجز عن إدراك الوقت الموضوعي، فالوقت ميت لديه ولا يوجد لديه معنى لكلمة «أنا موجود»، فهو يعيش على مسافة بعيدة وخارج الوقت في نقطة ثابتة. تنقصه الاستمرارية، إنه يطفو في الوقت ولا يعيشه.

في الاضطراب المزاجي ثنائي القطب (اكتئاب-هوس)، تتغير علاقة الفرد مع الوقت تبعاً للدورة المزاجية التي يمر فيها، في الحالة الاكتئابية يفقد الفرد الدافع الحيوي، ويمكن ترجمة هذا بغياب المستقبل الشخصي؛ فهو «اضطراب مستقبل». يتراجع الزمن في الاكتئاب وينعكس اتجاهه، وما اليأس إلا شعور الانقطاع عن المستقبل. أما في النوبة الهوسية، فيكون الفرد في سباق محموم مع الوقت، ليس لديه الوقت الكافي، اتصاله الكلي يكون مع الحاضر بشكل لحظي، محدود، ولا يعيش إلا في الحاضر بحيث لا يوجد كذلك ارتباط مع المستقبل، أي بمعنى تنقصه الاستمرارية والانتشار مع الوقت.

في اضطراب الشخصية الحدّية يكون الوقت فوضوياً ومجزّأ، يعيش الفرد في اللحظة الحالية على شكل اندفاعات دون تفكير أو ربط مع المستقبل؛ دون استمرارية، ليكون الوقت على شكل قطع منفصلة.

يعيش الأفراد الذين يعانون من اضطرابات الفوبيا والهلع في حالة ترقب وتوجس مع الوقت، فهم يترقبون الهجمة التالية للخوف مما يعيق العمل على إيجاد الحلول والتمكن منها في مواجهة هذا الخوف، فالخوف يبدأ مع الانتظار ليبلغ الذروة في الهجمة. أما الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الوسواس القهري فهم أيضاً يعانون من علاقة مضطربة مع الوقت بحيث يسودها عدم اليقين، ويحاولون السيطرة على الوقت عبر السلوكيات القهرية. في القلق، تكون علاقة الفرد مع الوقت علاقة توجّسية، القَلِق هو في انتظار تشكّكي دائم للمستقبل والذي يحفه الخوف من الموت والمجهول؛ الخوف من التالي، ما يعيق ارتباط الفرد بالحاضر والتفاعل معه ويسبب صعوبة في أن يعيش الفرد اللحظة. أما في اضطراب الشدة ما بعد الصدمة، يحاول الفرد حذف الوقت من الماضي أو تجميده.

التصالح مع الوقت

إذاً تُحدد علاقتنا مع الوقت منظورنا للحياة في حد ذاتها، كما تنعكس على حالتنا النفسية، وتعكس فلسفتنا الخاصة في الحياة. إجمالاً يكون التوازن مع الوقت عبر الارتباط مع الحاضر مع السعي نحو التالي، أي نحو المستقبل، ودون أن تنقصه الاستمرارية، فلا انقطاع عن الماضي أو تجميد أو تثبيت، مع القدرة من العودة إليه بسلاسة دون إثارة أزمات لم يتم بعد التصالح معها. وتختلف العلاقة مع الوقت مع اختلاف الخبرات التي يمر بها الفرد، ومع تطور نظامه المعرفي ومنظوره الخاص. قد يكون من الصعب أن نَحيا الحاضر بزخمه وإحباطاته ومشاعره المتضاربة، وقد تَدفعُنا الأزمات والهزائم إلى الهرب بعيداً، وقد نحتاج إلى مساعدة خاصة، لكن ربما ما يمكننا فعله هو محاولة التصالح مع فكرة الوقت والتناغم مع الحاضر.