قصفت قوات النظام المتمركزة على خطوط التماس بالقرب من ريف حماة الشمالي قرى اللطامنة وكفرزيتا بالرشاشات الثقيلة وقذائف المدفعية يوم أمس الأربعاء، وذلك بعد فترة هدوء منذ منتصف يوم الثلاثاء، حسب ما أفاد ناشطون من المنطقة للجمهورية، فيما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار القصف على بلدات جرجناز والتح التي تستهدفها عمليات قصف مستمر منذ نهاية الشهر الماضي.

بالتوازي مع ذلك، تتحدث فصائل المعارضة في المنطقة عن استمرارها في رصد زيادة في أعداد حشود الميليشيات والقوات التابعة للنظام في محيط محافظة إدلب، وتحديداً على خطوط التماس مع ريف حماة وريف إدلب الجنوبي الشرقي، ومنطقة جبل التركمان في ريف اللاذقية. ولكن الحديث عن عمليات عسكرية من قبل النظام في المنطقة قد تراجع في الوقت نفسه، وقد نقلت صحيفة القدس العربي عن مصادر مقربة من النظام، أن الأخير سيؤجل أي عمليات في إدلب، حتى حسم الملف في الجزيرة السورية بعد التصعيد المتوقع هناك من قبل أنقرة.

كذلك فإن العمليات في إدلب ستحتاج غطاءً جوياً روسياً لن تحصل عليه قوات النظام في الوقت الحالي، خاصةً أن موسكو لم تعلن حتى اللحظة وفاة اتفاق سوتشي، الذي يتعرض لضغوط من قبل طهران عبر الخروقات التي تنفذها الميليشيات التابعة لها في محيط إدلب. وعلى الرغم من تجاهل موسكو لتلك الخروقات، إلا أن الدخول في معركة واسعة في إدلب على المدى القريب ستكون نتيجته انهيار التفاهمات مع أنقرة، وهو أمر ليس في مصلحة روسيا خاصةً بعد عودة العلاقات التركية-الأميركية إلى مستوى جيد في الفترة الأخيرة.

على صعيد الأوضاع الإنسانية، فإن عمليات القصف قد أدت إلى أوضاع كارثية في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وقد وثق فريق منسقوا الاستجابة في شمال سوريا أوضاع المدنيين في المنطقة ضمن تقرير نشره بداية الأسبوع، وقد أظهر التقرير أن العمليات العسكرية قد أدت إلى حركة نزوح ضخمة من مناطق ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، خاصةً من بلدات وقرى جرجناز والتح وأم جلال وأم الخلاخيل والفرجة وسحال، حيث وصل عدد العائلات النازحة من تلك البلدات إلى 3500 عائلة، فيما تم توثيق نزوح أكثر من 2800 عائلة من بلدة التح.

وأضاف التقرير أن معظم العائلات خرجت من البلدات والقرى دون اصطحاب أي مواد معها، وهي بحاجة إلى استجابة سريعة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها، وناشد فريق تنسيق الاستجابة في نهاية التقرير المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة للتحرك الفوري والعاجل لمساعدة النازحين.

من جهة أخرى يبدو أن المفاوضات بين «الجبهة الوطنية للتحرير»، وهي تحالف يضم معظم قوات المعارضة في منطقة إدلب ومحيطها، مع «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) قد توقف دون الوصول إلى اتفاق. وصرّحَ أبو جابر الشيخ القائد السابق للهيئة والعضو الحالي في الجبهة الوطنية للتحرير، عبر بيان على حسابه في تطبيق تلغرام أمس الأربعاء أن المفاوضات بين الطرفين قد وصلت إلى طريق مسدود، مما يؤشر إلى توتر جديد، خاصة وأن الاشتباكات بين الهيئة وفصائل منضوية في الجبهة الوطنية للتحرير لم تتوقف إلا منذ فترة قصيرة.

وتسعى هيئة تحرير الشام إلى السيطرة على المواقع الاستراتيجية في المحافظة، خاصةً النقاط الحيوية على الطرق الدولية المارة من إدلب، لتحتفظ بدورها في أي اتفاقات سياسية دولية حول المنطقة، إلا مثل هذه التحركات ستصطدم في النهاية بقرار دولي بإنهائها، سواء بعمليات عسكرية واسعة أو من خلال تفكيكها بشكل متدرج. بالمقابل، فإن تجاهل طرفي اتفاق سوتشي لتوسّع الهيئة في عدة مناطق من إدلب، وفرضها لوجودها في مناطق لم يكن لها وجود سابق فيها، قد يعطي انطباعاً برضى الطرفين على تلك التحركات في الوقت الحالي على الأقل.

مع استمرار عمليات القصف التي توسعت لتشمل ريف حماة الشمالي بشكل أوسع نطاقاً، وتفاقم الخلافات بين فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام في إدلب، فإن ثمة أوضاعاً قد تسمح لقوات النظام بالقيام بعملية محدود جنوب وشرق إدلب لتوسيع مساحة سيطرتها هناك، عملية قد لا تطال الخطوط الرئيسية لاتفاق سوتشي، لكنها يمكن أن تؤدي إلى نهايته في آخر المطاف.