أصدرت غرفة عمليات رصف الصفوف صباح اليوم بياناً أكدت فيه استعدادها لمواجهة قوات النظام إذا ما حاولت التقدم نحو المناطق المحررة في درعا، وأن التزامها باتفاق خفض التصعيد كان للحفاظ على مصالح أهالي درعا، وبما أن النظام يخرق هذا الاتفاق فإنها مستعدة للرد على هذه الخروقات ومنع أي تقدم لقوات النظام. ويأتي البيان ضمن عدة بيانات وتصريحات أصدرتها فصائل المعارضة والهيئات السياسية في محافظة درعا تدعو فيها إلى مقاومة أي تحرك لقوات النظام نحو مناطق المعارضة في محافظتي درعا والقنيطرة جنوب غرب سوريا.
ويستمر النظام بإلقاء المناشير التي تدعو أهالي درعا «للمصالحة» مهدداً بمصير مشابه لما حصل في الغوطة الشرقية، في وقت تقصف طائراته ومدفعيته عدة مناطق في درعا، وتركز القصف في الساعات الأخيرة على بلدات منطقة اللجاة وبصر الحرير، حيث تشهد المنطقة اشتباكات حول كتيبة الدفاع الجوي القريبة من بلدة مسيكة.
وكانت قوات النظام قد تعرضت لخسائر نتيجة قصف رتل في طريقه من بلدة خربة غزالة نحو مدينة درعا قبل يومين، فيما تعرضت عدة آليات تابعة للنظام للتدمير أو العطب نتيجة الاشتباكات بالقرب من بلدة مسيكة.
وتستمر قوات النظام بالحشد في عدة محاور رئيسية للجبهات مع قوات المعارضة بدرعا، رغم التحذير الأمريكي للنظام «بالرد الحاسم والمناسب» إذا ما خرق اتفاق خفض التصعيد، الذي أطلقته المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت الأسبوع الماضي.
وفي الوقت الذي تحدثت فيه عدة مصادر من الجنوب السوري عن وصول عناصر من ميليشيا حزب الله اللبنانية إلى جبهات منطقة اللجاة بلباس الفرقة الرابعة، لا يبدو أن قوات النظام السوري وحدها قادرة على بدء أي معركة واسعة في المنطقة، على الرغم من الحشد الواسع لها في عدة نقاط.
وتظهر المؤشرات الأولية للاشتباكات، وحشود النظام في محيط محافظتي درعا والقنيطرة، أن النظام سيحاول اتباع خطة عسكرية مشابهة للخطة التي نفذها في الغوطة الشرقية، والتي تقوم على محاولة عزل مناطق سيطرة المعارضة إلى جيوب أصغر وحصار تلك المناطق لإجبارها على الاستسلام. وتحاول قوات النظام من خلال الاشتباكات في منطقة اللجاة قطع الطريق بين المنطقة وباقي ريف درعا الشرقي، ويبدو أن المعارك هناك -والتي تجري بشكل متقطع منذ أول أمس- هي اختبار لمدى قدرة هذه الخطة على النجاح في المحافظتين الحدوديتين جنوب غرب سوريا.
أما على صعيد جبهات الريف الغربي، فإن الحشود في منطقة «مثلث الموت» شمال غرب درعا وشمال القنيطرة، تعطي مؤشراً على نية قوات النظام التقدم نحو تل الحارة الاستراتيجي في سبيل قطع الطرق الحيوية بين ريف درعا الغربي ومحافظة القنيطرة، في حين تستعد قوات تابعة للنظام السوري وميليشيات موالية في محيط قرية حضر المحاذية للخط الأزرق مع الجولان المحتل لمهاجمة قرى وبلدات تسيطر عليها المعارضة في القنيطرة.
وعلى الرغم من الحديث عن حشود كبيرة لقوات النظام، فإن الأرجح أن بدء عمليات عسكرية واسعة في جنوب غرب سوريا سيتوقف على مدى تغطية الطيران الروسي لتلك المعارك، كما أن عدم مشاركة الميليشيات الإيرانية في الأعمال القتالية سيؤثر على القدرة القتالية لقوات النظام على الأرض، والتي لن تستطيع لوحدها تحقيق خرق مهم في الجبهات التي تحشد لها فصائل المعارضة كافة قواتها.
وطالما أن تزاوج قوة الميليشيات الإيرانية على الأرض مع سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها الطيران الروسي هي التي استطاعت تحقيق الانتصارات العسكرية الأخيرة لطرف النظام في سوريا، فإن اختلال أحد هذه الشروط سيؤثر بالتأكيد على قدرات حلف النظام العسكرية بشكل كبير؛ في المقابل، سيشكّل انخراط الميليشيات الإيرانية والطيران الروسي معاً مواجهةً واضحةً للتحذيرات من واشنطن وتل أبيب، خاصة وأن الأخيرة تصعّد في استهدافها الميليشيات التابعة لإيران، وآخرها قصف مقرات تلك الميليشيات بالقرب من مدينة البوكمال في محافظة دير الزور.
تستمر حرب التصريحات والتهديدات، ويستمر الحديث عن مفاوضات تجري في الأردن دون أن تكون مضامينها أو نتائجها معلنة، وأياً تكن نتائج تلك المفاوضات والاتفاقات، فإنه سيكون على فصائل المعارضة السورية في محافظتي درعا والقنيطرة رفع حالة التنسيق إلى أعلى مستوياتها إذا ما أرادت مواجهة خطط النظام العسكرية، إذ أن أي خرق تحققه قوات الأسد في سبيل عزل إحدى المناطق عن الأخرى في درعا هو خطوة لتحقيق نصر عسكري، كما حدث في الغوطة الشرقية، فيما ستكون معارك اللجاة وبصر الحرير هي الاختبار الأول لهذه الخطة.