لأيامٍ جلستُ أفكرُ في جملة البداية اللائقة، فكرتُ مثلاً أن أبدأ باستشهادٍ جذابٍ ولاذع عن الكتابة، مثل ما قاله ديستويفسكي «الكتابة هي الروح في شكلها المادي»، أو شيء من هذا القبيل. حقيقةً ديستويفسكي لم يقل ذلك، لكن مجرد تخيله يتكلم عن الكتابة سيكون هكذا، واسمه بالتأكيد يعطي ثقلاً للجملة فارغة المعنى. لا أحب الجمل المجزوءة، الحِكَم، المقولات الشائعة، التي «تبدو» جميلة، ثم نفتش في ذواتنا عن قيم مضافة لها، لمجرد أنها جملة لاذعة، ولمجرد أن قائلها صاحب منجز كبير، فليكن ديستويفسكي هو قائل الجملة أو لا يكون، لا فرق، أريد هنا أن أتحدث عن الكتابة، أي أن أتحدث عن نفسي.

قبل عام ونصف تقريباً، شرعتُ في كتابة سلسلة نصوص أسميتها «الناظم»، أتحدثُ فيها عن علاقتي باللغة والشعر والكتابة، كنتُ في حالة نفسية متردية تماماً، أواجه مخاوفَ تضخمت وتعاظمت وسيطرت عليَّ تماماً، لا من باب «لماذا أكتب؟» ولا من باب «ما جدوى ما أكتبه؟»، لكن بشك قاتل عن جودة ما أكتبه. أعرف عن نفسي منذ فترة طويلة حسم الأسئلة الوجودية حول الكتابة «والحياة نفسها»، أنا أكتب لأحبَّ نفسي، لا ليحبني أصدقائي، لأن أصدقائي من ممتهني الكتابة أصلاً، وهذا هو المشترك الأساس بيني وبينهم، أصدقاء أعرف أن أقول أمامهم «إفيه» متعلق بكاتب، أو نميمة ثقافية ما، دون حاجة إلى شرحها. أنا أكتب لأنني أريد أن أحبَّ نفسي، أن أجد نقطة تميزها. أكتب لأنني عرفت منذ الطفولة أنه الأمر الذي سوف أكمل جهدي فيه دون ملل، ودون أن يستلزم مني مجهوداً عضلياً، وكم أكره المجهود العضلي.

***

في كل حين نرى ميتاً** فأين أنت يا إنسان

أيامك في الدنيا معدودة** محسوبة تعد على البنان

فإما نارٌ مؤججة** وإما خلود نعيم الجنان

قبل أن تضحك من تفاهة المكتوب وركاكته وفقدانه الوزن العروضي والمنطق، هذه هي أقدم أوراقٍ عثرتُ عليها لأولى محاولاتي الشعرية، كنتُ في الثامنة من عمري. في ذلك الوقت أتممتُ أكثر من شطر القرآن حفظاً وتلاوة، وكنتُ أحب اللغة العربية بضراوة، اللعبة الوحيدة التي أستطيع أن ألهو بها دون عواقب، أو احتمالات «تكسير». القرآن عرَّفني على اللغة أكثر، ثم فُتِنتُ تماماً بذلك الشيء الموسيقي المسمى بالنشيد، لم أكن أعرف ماهو الشعر، لكنني أحببت الأناشيد للغاية، وفي سرّي كنت أحبها أكثر من القرآن، على الأقل هي ذات بناء «مفهوم» نسبياً، كلام بإيقاع، وقافية، حاولتُ تقليدها، مستغلاً المعرفة الدينية التي لدي، فكانت الأبيات الساذجة السابقة هي النتيجة. لم أجرؤ أن أعطي هذه الأبيات إلى أبي أو أمي، توجهت فوراً إلى مدرس اللغة العربية، ما أن قرأها حتى طار بها، واحتفى بي حفاوة ما بعدها حفاوة، وجعلني أقرأ هذه الأبيات في الإذاعة المدرسية. أذكر كيف نقرت على الميكروفون عدة مرات، تنحنحت عدة مرات، ثم خرج صوتي مرتعشاً كأني في مشهد القيامة، التصفيق في نهاية القراءة زاد من خجلي وانطوائي على ذاتي، لكن معلمي الذكي لم يتركني وحدي على المنصة، صعد بسرعة والتقط الميكروفون وبدأ بالحديث عن الموهبة الوليدة، والشاعر القادم إلى «عزّ هذه الأمة». كانت المرة الأولى التي أسمع فيها كلمة «شاعر»، واستوقفتني، أنا أعرف عن نفسي أنني «كاتب أناشيد»، ما هو هذا الشاعر ياسيدي العزيز؟ أريد أن أكون كاتب أناشيد، أريد الإيقاع المقفى أن يكون لعبتي التي أجيدها، وبدأت في تنفيذها. بعد انتهاء «فضيحة» الإذاعة المدرسية، أمسكني المدرس من يدي وبدأ يشرح لي ما هو الشعر، وماهي الكتابة. هذه المرة سمعته كالمسحور، الأناشيد ليست إلا شكلاً بسيطاً من أشكال كتابة الشعر، اللعبة سوف تتسع إذن. بدأت أغزو مكتبة المدرسة لأبحث عن كل ما يقال عنه شعراً وأحفظ، حفظتُ مئات الأبيات. كنتُ أقرأُ رجل المستحيل وملف المستقبل والشياطين الـ 13 وسوبر مان وباتمان وسبايدرمان باليسرى، وأقرأ الشعر وأحفظه باليمنى. ثم أغرق في خيالاتي عن تحولي إلى سوبرمان يقول الشعر لمجموعة من الغرباء على قمة إيفيرست. أو سبايدر مان الذي وضعَ معلّقته بخيوط العنكبوت على أعلى ناطحة سحاب ليقرأها الجميع. كنتُ شاعري الخارق.

لم أعش كثيراً خيالات الشاعر الخارق، وبدأ الشعر وحده يحتل مساحة خيالي، تصفيق المرة الأولى شجعني على تكرار التجربة، بنضج أكبر ووعي أكبر بالإيقاع، كنت أكتب شعراً موزونا دون أن أعرف الوزن، أصعد على المنصة وأقول جديدي وأنتظر التصفيق. بعد مرات أدمنت فيها المنصة، صرتُ أوقع على قصائدي بـ «أعظم شاعر في العالم». ومن غيري يا تُرى من الممكن أن يكون أعظم مني ونوبل على بعد خطوتين؟ والشعراء الذين أراهم أفضل ماتوا جميعاً، المتنبي والمعري وأبو نواس لن يقوموا من قبورهم ليزاحموني على منصة تتويج نوبل، هكذا عشتُ أكتب قصائد لأحب نفسي، لأتخيلها في مكان أفضل، تخلّيتُ تماماً من الرجل الخارق الذي أريده لأنني لا أطيق أن أخبئ شخصيتي، أريد أن يعرفني العالم.

***

أحد أقسى سوءات التقدم في السن، هو أن تتحول الأحلام الكبرى إلى سذاجات، الطموحات إلى كليشيهات، كل شيء يتمنطق بوعي متأثر بالمجتمع والمعرفة والمحيط، حتى تصير دهشة التعرف الأولى أمراً عادياً، وكم أكره أن أكون عادياً.

في المرحلة الإعدادية (المتوسطة) وقعتُ على كتاب «أهدى سبيل إلى عِلمَي الخليل: العروض والقوافي»، وصرت كالمجاذيب، أريد أن أتعلم كل ما فيه. جربتُ الوزن العروضي وعرفتُهُ وحدي باللعب والممارسة، لكن الأوزان المركبة مثل معلقة امرئ القيس لم أعرف كيف أمسك وزنها، حتى علمني الكتاب، صار قرآني الجديد، أحمله معي كل يوم، وقررت ألا أعيده إلى مكتبة المدرسة وهو ما كان، ما زلت أملك الكتاب حتى اليوم، هذا الكتاب يجب ألا يترك للغبار والأعين الغبية، تعلمتُ منه كل ما ابتدعه الخليل، وزاد طموحي إلى ماهو أكبر من العالم، ربما لو كانت هنالك مجرات في شعراء آخرين، لكنت أكبرهم.

حتى جاء يوم قررتُ فيه أن «أعارض» بردة البوصيري الشهيرة: «أمِن تذكّرِ جيرانٍ بذي سلم** مزجتُ دمعاً جرى من مقلة بدم»، كتبتُ مملوءً بفخرِ من أتى على ما أنجزه أحمد شوقي والبوصيري، وسلّمتُه إلى معلمي، أنتظرُ حفاوةً مثل تلك التي لقيتها في الابتدائية، لكنه قرأ وغضب، كيف أسمح لنفسي أن أكتب كفراً صوفياً مثل ذلك المكتوب؟! صُدِمتُ، أي كفر يتحدث عنه هذا الأحمق؟! أنا أمدح النبي، ويقول عن الكلام كفر، ثم إنني أريد أن أظهر قدرتي على السبك والبناء، ويترك كل ذلك ويركز في تفاهات؟ قلتُ كل ذلك في سري، وكتمتُ دموعي بعد أن مزّقَ الورقة «ابتغاء مرضاة الله»، ومبالغات من هو على أعتاب المراهقة. تحوّلَت حديقة خيالي الشعرية إلى زقوم، لم يعد العالم كما أريده، بدأتُ أرى عقباته الشرعية والاجتماعية، بدأت تتكشفُ أشياء شديدة القبح. أنا أحب الكتابة يا الله، لماذا يمكن أن تكون هذه المحبة بهذا التعقيد؟ أسئلة كثيرة وبكاء أكثر في البيت، ثم غضبٌ هادرٌ تحول إلى هجاء ضد المدرس وضد أسرتي وضد العالم وضد الله ذاته.

في ذلك الوقت، لم تكن الكتابة مجرد وسيلة لنجومية مفترضة، بل تعويضاً عن مرارة العالم، مراهقٌ وحيدٌ في بلد خليجي بلا حياة اجتماعية، لم يكن لديه إلا الكتب لينشئ عوالم بديلة، ثم الكتابة لخلق عالم يخصه. كان الشعر هو عموده الفقري، وكتابة القصة لتعويض الحياة، كلها بضمير المتكلم، أبطالها من تسببوا في مرارتي؛ مدرسون وزملاء، وأهلي، والله، كان الله بطل كثيرٍ من قصصي ولم أكن أسميه باسمه، أكنيه أو أواريه، أما في القصائد فكنت أحب أن أذكر اسمه صريحاً، القصائد عندي لم تكن تحتمل ألعاب البلاغة حينما يكون الحديث عن الله، يكفيه ما أفعله به في القصص. لكن هذه القصص كان مصيرها إلى التمزيق بعد الانتهاء منها، أما القصائد فكانت تبقى، في كراسة صغيرة غير مسطرة بلا غلاف، ما زلتُ أحتفظ بها إلى الآن. القصائدُ كانت بالنسبة لي الطلاقةَ التي أفتقدها في الواقع. كلما سخر مني أحدهم أو نال مني بطريقة ما، أردُّ عليه في خيالي فقط، ثم عندما أعود إلى البيت أتمثل الموقف وأرد عليه شعراً، صِرتُ هجّاءً سرياً. كنتُ أشتري مجموعات كبيرة من الأقلام الملونة، الأزرق والأسود للمدرسة، الأحمر للهجاء، والأخضر للحب. أعرف أن الأمر مضحك، لكن تخيلوا ذلك المراهق البدين قليل الحركة معدوم الاتصال بالعالم إلا عبر هذا العالم البديل، لا يمكن أن يبقى محدودا بلونين. ما زالَ الأمر مضحكاً، أعرف. المضحك فعلا أنني ما زلتُ أتذكر معظم «قصائد» تلك المرحلة إن جازت تسميتها كذلك، أحفظها وأعيد تردادها للأصدقاء الآن، من باب الطرافة لا أكثر.

بقيتُ أوقع قصائدي «أعظم شاعر في العالم»، حتى الثانوية العامة، عندما وقعتُ على اختراعات جديدة هزتني تماماً، اختراعات اسمها أمل دنقل ونزار قباني وصلاح عبد الصبور وبدر شاكر السياب، يكتبون كلاماً شديد الجمال، دون شطرين، غير أنه جميل إلى درجة أنه لا يمكن أن يكون إلا شعراً. ماذا أفعل الآن، ونزار «حرام» كما علموني في المدرسة، ووزعوا علينا مقتطفات من رسالة دكتوراه بعنوان «الحداثة ورموزها الهدامة» كانت هذه الأسماء على رأسها. لكن ما يكتبه هؤلاء جميل، ويشابه طموحي في كتابة الشعر «السهل» القادر على دخول القلب دون معجم. تفصيح الكلام اليومي العادي، يجب على الشعر أن يكون من خبز اليوم ومائه، لا من كلام معجمي متحفي لن يفهمه أحد. لم أُعِر اهتماماً للمعنى «المخالف للشريعة»، الكتابة الجميلة تأكل كل نقائص معناها، هذا عالم مستقل تماماً عن القواعد والمحرمات وما يصحّ وما لا يصحّ. بعد التعرف على شياطيني الجديدة، صرتُ أخجلُ من التوقيع بـ «أعظم شاعر في العالم»، حلّ محلها «أعظم شاعر شاب»، اكتفيتُ بمرحلتي العمرية، وإلا كيف لوقاحتي أن تستمر في إحساسها المزيف بذاتها إلى جانب هؤلاء القادرين على كتابة ما طمحتُ إليه دون تنفيذه. وقتها بدأت أكتبُ قصيدة التفعيلة، خليط هجين من نزار وعبد الصبور وأمل، وجدتُ في التفعيلة حرية في الانطلاق لأسئلتي الوجودية، الشك فيَّ يتعاظم في وجود الله، القرف من الدين ككل، طلاقتي لُجِمَت قليلاً مع ارتباك الأسئلة. عوضتها بطلاقة في مشاعر عاطفية فياضة، تجاه إناث متخيلة -لم أكن قابلتُ أنثى في حياتي بعد باستثناء أمي إذا كانت تحسب منهن- أكتبُ في الحب، أكتبُ في الغدر، في الهجر. أعيشُ في قوقعة خيالي حتى أندمجَ مع الحكاية ثم أكتب، أكتب وأتخيلني ألقي القصيدة على محبوبتي المتخيلة، وأرى الانبهار على وجهها. كان ذلك قبل أن أتعرف على محمد عفيفي مطر.

***

ربما هي الثلاثين التي مرّ عامها الأول قبل أيام، لم أعد أخجل من «كليشيهاتي» في الحياة والأدب، لم أعد أبحث كالمحموم عن كل نقيض للكليشيه لأتبناه. غير أني ما زلتُ أخجل للغاية من مرحلة الغموض، على اعتبار أنها «نخبوية متوهمة» عشتها في رأسي فقط. كان ذلك عندما وقعت عيناي على قصائد من ديوان احتفالات المومياء المتوحشة لمحمد عفيفي مطر، فُتِنتُ تماماً باللغة المعجمية في سياق حداثي، تفعيلة متعالية، أستطيعُ أن أنجز مثلها، فلدي بالفعل رصيد كبير من المعجم بحكم الدراسة والنشأة ونوعية القراءات الأولى ومعظمها تراثية. كنت أتباهى أمام المرآة أنني لا أحتاج إلى الاستعانة بكتب أخرى شارحة لقراءة عفيفي مطر. أحببتُ هذا الغموض اللغوي والدلالي، فبما أن الشعر لم يعد خبزنا وماءنا، فلا يستحق أي كلب أن يقرأه، لا بدَّ من المشقة، مثل مشقة الحصول على «الإجازة» في حفظ القرآن. أنا حصلتُ على الإجازة، أريد إجازة شعرية أيضاً، في ألا أكتب ما يشق على الآخرين، طالما أنهم «مش غاويين».

طالت هذه الفترة من الثانوية حتى السنين الأولى في الجامعة، حيث مواجهة العالم للمرة الأولى، الواقع الذي سمعتُ وقرأتُ عنه، دون أن أعيشه. صار لدي نوعان من القصائد، النوع السري الغامض المأخوذ بالمعجم، وآخر «أعلّق» به بنات الجامعة، كنتُ محترفَ تسولِ مشاعر، أكتب أشياء أعرف أنها ستروق لهن. حتى وصلت إلى مرحلة لدي قصيدة واحدة أغير عنوانها باسم بنت جديدة. «نصاب»، أعرف، عذري الوحيد أنني أعوض «حرمان» سنين مراهقة وحيدة. كانت الكتابة في هذه المرحلة مصدر قوة، لعبة ألعبها منذ زمن بعيد، أعرف كيف أتكسب من ورائها لأقصى درجة. أما التي أعتبرها «تعبر عني» فكانت حبيسة الأدراج «حرفياً»، كنت أقيسُ جودتها على قدر غموضها، كلما تَكَشَّفَ منها أو سَهُلَ مقطع، أحذفه فوراً، مع أنني كنت أكتب عن أشياء شديدة التفاهة، عن معنى الحياة والخوف من الموت، هذه موضوعات قُتِلَت كتابةً في الشعر، ولم أكن آتي بجديد، إلا التركيب المقعر.

أقسى «درس» حدث لي في تلك الفترة، كان تحمّس إحدى حبيبات الجامعة، أرسلَت قصيدةً إلى إحدى الصحف، وجاءتني يوماً ما وفي يديها الصحيفة، واسمي والقصيدة، واسودَّ وجهي. يا إلهي! أي جريمة اقترفت هذه الحمقاء! هذه ليست قصيدة بالمعنى الذي أحبه، هذه «مغازلة» موزونة فيها كلام تحبه البنات. أيضاً لا أستطيع أن أقول لها هذا الكلام حتى لا أخسرها، سوف تشعر بالإهانة بالتأكيد إن عرفت ما أفكر فيه، لذلك صمتُّ طويلاً ونظرتُ إليها طويلاً. لو لم تكوني جميلة لانهال السباب على رأسكِ يدميكِ. غير أني سكتّ.

تعلمتُ الدرس بالطريقة الصعبة، امتنعت تماماً عن الكتابة المغرضة، وبقيتُ على نهجي الغامض، مملوءً بقرفٍ من العالم الذي لا يقدّرُ الشعر والشعراء، ولا يصنع لهم تماثيل ولا يسمي الشوارع بأسمائهم. كيف أكتب شعراً سهلاً لبلد لا تسمي شارعاً باسم صلاح عبد الصبور وميداناً باسم أمل دنقل، وعطفةً باسم حافظ إبراهيم «تكفيه عطفة لا أكثر».

على كل حال، الكتابة كانت هي «نخبويتي المفترضة»، قبل أن أتعرف على قصيدة النثر على يد عماد أبو صالح وإيمان مرسال، ولأنني حكيتُ كثيراً عن بداية تعرفي بقصيدة النثر، أحثّ القارئ العزيز إذا كان لديه بعض الفضول أن يكتب في جوجل «أحمد ندا إيمان مرسال»، وسوف يجد أكثر من نص في أكثر من مكان.

***

أنا اليوم في بداية عقد الثلاثين، نشرتُ مجموعة شعرية ندمتُ على نشرها، لقصائد كتبتها في سن باكرة ونشر متأخر، وبصدد إعداد مجموعة جديدة للنشر، ومجموعة قصصية أيضاً، ما زال الشعر هو «شيئي الخاص»، علاقة رومانسية فيها كثيرٌ من «المحن»، لكني متصالح مع ذلك، كلما تكلمت عن الكتابة غابت الصحافة والسرد وبقي الشعر هو الشيء الذي أريد أن أنتمي إليه. رهان قد يكسب وعلى الأرجح لن يحدث. استطعتُ فقط أن أضبط إعدادات مزاجي على الاستمتاع فقط. أعرف أن القامات الكبيرة في الأدب لم يكونوا «متجهمين» كما نحب أن نقرأهم، هم لاعبون كبار، أطمحُ أن أكون لاعباً فقط. أذكرُ فقط كيف كنت أوقع «أعظم شاعر في العالم»، وكيف تقلّصت مع الوقت إلى «شاعر»، وصارت مع الوقت أيضاً «أحاول أن أكون شاعراً».