خان شيخون هي أول بلدة في محافظة إدلب يمر بها المسافرون من جنوب البلاد إلى شمالها على طريق دمشق حلب الدولي، وتتوسط مناطق بالغة الأهمية: ريف حماة الشمالي جنوباً، وسهل الغاب غرباً، ومنطقة جسر الشغور ثم الحدود السورية التركية في الشمال الغربي، ومعرة النعمان شمالاً، والسهول الفسيحة المتصلة بالبادية السورية شرقاً. ولذلك كانت مسرحاً لمعارك مهمة، وتمسّكَ النظام السوري بالتواجد العسكري فيها فترة طويلة، رغم الكلفة المادية والبشرية العالية لهذا التواجد:
– تقع بلدة خان شيخون على طريق حلب دمشق الدولي، وتبعد عن مدينة إدلب نحو 70 كم إلى الجنوب، وعن مدينة حماة نحو 37 كم إلى الشمال. وهي مركز ناحية تابعة لمنطقة معرة النعمان، التابعة بدورها لمحافظة إدلب إدارياً. يبلغ عدد سكانها 52 ألف نسمة وفق إحصاء العام 2004، وكان يقدر بنحو 70 ألف نسمة مع بداية الثورة السورية العام 2011، وتقع قريباً منها قرى الهبيط وسكيك وحيش والتمانعة وموقة والصياد وغيرها.
– بدأت مظاهرات متفرقة مناهضة للنظام السوري بالخروج فيها منذ نيسان/إبريل عام 2011، وتعرضت لحملة أمنية وعسكرية أولى في آب/أغسطس 2011، تلاها تصاعد في الاحتجاجات التي بلغت ذروتها في مظاهرات جمعة الموت ولا المذلة بتاريخ 2/9/2011.
– تعرضت لحملة عسكرية وأمنية ثانية في 22 أيلول/سبتمبر 2011، واعتقل العشرات من أبنائها فضلاً عن إحراق البيوت ونهب الممتلكات، ومنذ ذلك الوقت باتت قوات النظام التي تمركزت في عشرات الحواجز المحيطة بها أكثر عنفاً في قمع الاحتجاجات، كما بدأ أبناؤها بحمل السلاح واستهداف أرتال وحواجز الجيش والقوى الأمنية في محيطها.
– تعرضت لحملة عسكرية ثالثة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2011، تلاها إحكام تطويقها بالحواجز الأمنية والعسكرية لتأمين تنقلات قوات النظام على طريق دمشق حلب الدولي الذي يمر في أطرافها الشرقية، فيما استمرت المظاهرات الضخمة داخلها، التي شهدت انشقاقات علنية لضباط وعناصر من جيش النظام، وبدأ أبناؤها بالانتظام في كتائب الجيش السوري الحر والفصائل الإسلامية المسلحة، فيما صعّدَ النظام من استهداف البلدة وأبنائها والقرى والمزارع المحيطة بها بالقناصات والرشاشات الثقيلة وقذائف المدفعية.
– في الرابع من تموز/يوليو 2012 اجتاحتها قوات النظام السوري مستخدمة الدبابات والطائرات الحربية وسيطرت عليها بالكامل، فيما انسحب مقاتلو الجيش السوري الحر والفصائل الإسلامية إلى الأرياف والمزارع المحيطة، وتسبب هذا الاجتياح بنزوح عشرات الآلاف من أبنائها.
– أحكم النظام سيطرته على خان شيخون محاولاً تأمين طريق دمشق حلب، والطرقات المتجهة نحو ريف حماة الشمالي وسهل الغاب، وأيضاً على وجه الخصوص طرقات تنقل قواته إلى معسكري الحامدية ووادي الضيف قرب معرة النعمان، أكبر معسكراته في ريف إدلب، فيما واصل مقاتلو الفصائل استهداف حواجزه وقواته داخل المدينة وفي محيطها، وخاصة على طريق خان شيخون حيش، الذي بات يعرف بطريق الموت بسبب عدد القتلى الكبير الذي تكبدته قوات النظام أثناء تنقلاتها عليه.
– منذ شباط/فبراير 2014 بدأت الفصائل المتواجدة في محيط خان شيخون هجمات مركزة للسيطرة على حواجز النظام في خان شيخون ومحيطها، أبرزها ألوية صقور الشام وفصائل دروع الثورة وجيش الإسلام وهيئة حماية المدنيين، واستمرت المعارك والهجمات حتى تم طرد النظام نهائياً من خان شيخون صيف 2014، وباتت قوات النظام شبه محاصرة في معسكرات الحامدية ووادي الضيف.
– عاد كثيرٌ من أبناء خان شيخون النازحين إليها بعد طرد قوات النظام منها، كما استضافت نازحين من مناطق أخرى، وخاصة من ريف حماة الشمالي الذي تصاعدت المعارك فيه في عدة محطات لاحقة، وبات في المدينة مجلس محلي ومجلس شورى يديران شؤونها، لكنها باتت هدفاً دائماً لطيران النظام السوري، والطيران الروسي لاحقاً.
– كانت خان شيخون ومحيطها معاقل أساسية انطلقت منها الفصائل التي انضوت في جيش الفتح، وقامت بالسيطرة على معسكرات النظام في الحامدية ووادي الضيف العام 2015، كما تلعب مع ريفها دوراً بارزاً في دعم وإمداد الفصائل المقاتلة في ريف حماة الشمالي، في مورك وكفرزيتا وصوران وغيرها، وهي بلدات ريف حماة القريبة من خان شيخون.
– دارت معارك بين فصيل جند الأقصى القريب من داعش وحركة أحرار الشام في خان شيخون أواخر 2016، أسفرت عن سيطرة الجند على مقرات الحركة فيها، لكن الحركة عاودت التقدم بمؤازرة فصائل أخرى ما أجبر جند الأقصى على مبايعة جبهة فتح الشام/النصرة سابقاً. غير أن جند الأقصى عاد وانفصل عن فتح الشام، وحاول السيطرة على خان شيخون واتخاذها مقراً لإمارته مطلع 2017، واحتجز العشرات من مقاتلي فصائل الجيش الحر في ريف حماة الشمالي، معظمهم من مقاتلي جيش النصر، وقام بتصفيتهم في أواسط شباط/فبراير في حاجز الخزانات المجاور لخان شيخون. وبعدها هاجمت هيئة تحرير الشام فصيل جند الأقصى في محيط خان شيخون وحاصرته فيها، لينسحب منها في النهاية باتجاه مناطق سيطرة داعش شرق البلاد عبر ريف حماة الشرقي.
– بعد انسحاب جند الأقصى لم يعد ثمة مقرات لأي فصيل داخل المدينة، وتتوزع مقراتٌ ونقاطُ ارتباطٍ وإمدادٍ لسائر الفصائل في محيطها، بما فيها فصائل الجيش السوري الحر المقاتلة في ريف حماة الشمالي، والثقل الأكبر في خان شيخون اليوم هو لحركة أحرار الشام الإسلامية، مع تواجد بالغ الأهمية لهيئة تحرير الشام في الأرياف المحيطة بها.
– في صبيحة الرابع من نيسان/إبريل 2017، تعرض الحي الشمالي في خان شيخون لقصفٍ جويٍ بصواريخ محملة بغازات سامة، أسفر عن استشهاد نحو 100 شخص بينهم عشرات الأطفال، وإصابة نحو 500. وتُظهِر الفيديوهات التي رفعها نشطاء محليون وعناصر الدفاع المدني السوري أعراضاً مماثلة لتلك التي تنجم عن استخدام غاز السارين الذي يفترض أن النظام السوري كان قد سلم كامل مخزونه منه، وهو ما قالت الحكومة التركية إن الفحوص والتحاليل الطبية قد أكدته.
– قصفت الولايات المتحدة الأميركية مطار الشعيرات العسكري في ريف حمص الشرقي بعد ثلاثة أيام على المذبحة، وهو المطار الذي أقلعت منه الطائرة التي قصفت خان شيخون، وقال المسؤولون الأميركيون إنه ليس لديهم شك في مسؤولية النظام السوري عن الهجوم، وهو ما ينفيه النظام السوري وجميع حلفائه بشكل قاطع.