الترتيبات المشبوهة لشركة لافارج الفرنسية مع تنظيم الدولة الإسلامية
ساهم في التحقيق: آلانكافال، صحفي في «لو موند»؛ مجيد زروق، صحفي في «لو موند»؛ كريستوف عياد، مدير تحرير القسم الدولي في «لو موند»؛ نتالي جوبير، خبيرة في وزارة الدفاع. نُشر التحقيق في جريدة «لو موند».
*****
هذه قصة انحرافٍ عن المسار، قصة «المنطقة الرمادية» التي تخلقها الحروب. قصة معمل إسمنت في سوريا؛ واحدٌ من أحدث وأكبر المعامل في الشرق الأوسط. تمت محاولة إدارته وتشغيله بأي ثمن، في بلاد تتهاوى بين الحديد والنار، حتى لو كان عبر صفقات وترتيبات مشبوهة، وغير معلنة، مع الكتائب المسلحة المحيطة، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية. هذه قصة الشركة الفرنسية، «لافارج»؛ الشركة الأولى عالمياً في صناعة الإسمنت، منذ اندماجها مع نظيرتها السويسرية، «هولسيم». إذ قامت، بشكل غير مباشر، أو ربما بغير قصد، بتمويل مقاتلي تنظيم الدولة لأكثر من عام، تقريباً؛ بين ربيع عام 2013، وصيف 2014.
بعد الاستحواذ على معمل يعود لمجموعة «أوراسكوم» المصرية، عام 2007، اشترت مجموعة «لافارج» معمل «الجلبية»، شمال شرق سوريا، وأدخلت رجل الأعمال السوري، المقرب من النظام، والمقيم في الخارج حالياً، فراس طلاس، شريكاً بنسبة ضئيلة، تحت اسم، «لافارج للإسمنت-سوريا»، (LCS).
إثرَ تجديده عام 2010، بلغت القدرة الإنتاجية للمصنع 2.6 مليون طن من الإسمنت سنوياً، فيما بلغت كلفة تشغيله ما يقارب 600 مليون يورو، فكان بذلك أكبر استثمارٍ أجنبيٍ في سوريا خارج قطاع النفط. «عُلِّقت لافتةٌ على باب المعمل تشير إلى أن الإنتاج اليومي من الكلنكر (مكون أساسي للإسمنت) 7000 طن»، يقول موظف سوري من لافارج، ولاجئ في تركيا منذ 2014، «لطالما فاخرت الشركة بأن إنتاجها أكثر وأفضل، بكثير، من المصانع السورية الأخرى».
كانت «سوريا الأسد»، آنذاك، في طور التحول إلى الرأسمالية؛ فجاء افتتاح سوق الإسمنت أمام المنافسة، وتوسعه، كأحد سمات ذلك التحول، في ظل عجز الإنتاج الوطني عن تلبية الطلب المحلي.
ورغم حالة عدم الاستقرار في المنطقة، نتيجة اندلاع الثورة السورية عام 2011، استمر إنتاج المصنع حتى عام 2013، قبل أن ينخفض بموازاة تدهور الأوضاع، «من عشرة آلاف طن من الإسمنت، يومياً، إلى ستة آلاف فقط، عام 2013»، بحسب عامل سابق في المصنع. كما ضاعفت زيادة الطلب على المادة من أسعارها، «قفز سعر الكيس، بحجم 50 كيلو جراماً، إلى 550 ليرة سورية، بعد أن كان 300 فقط».
ووفقاً لمصادرنا، تولى جيش النظام السوري حماية المصنع حتى صيف عام 2012، قبل أن تتولى المهمة «وحدات حماية الشعب» (YPG)، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، (PYD).
وكانتالإدارةعلىعلمبالأمر
ابتداءً من ربيع عام 2013، بدأ تنظيم الدولة ببسط سيطرته، تدريجياً، على محيط المصنع، وصولاً إلى إعلان السيطرة عليه، وإيقاف كل نشاطاته في 19 أيلول/سبتمبر 2014.
وتكشف رسائل إلكترونية تعود لإدارة لافارج-سوريا، (نشرَ موقع «زمان الوصل» السوري المعارض بعضاً منها، واطلعت عليها «لو موند»)، عن ترتيبات «لافارج» مع التنظيم الجهادي، لمواصلة الإنتاج خلال تلك الفترة.
على بعد أقل من 90 كم من المصنع، سقطت مدينة الرقة بيد مقاتلي التنظيم في حزيران/يونيو 2013، ولاحقاً، منبج، في آذار/مارس عام 2014، التي تبعد 65 كم عن المصنع، جهة الشرق، وحيث يقيم معظم موظفي وعمال المصنع. خلال تلك الفترة، حاولت إدارة «لافارج» التأكد من أن الطرق أمام الموظفين والبضائع سالكة، ذهاباً وإياباً، فسعت للحصول على تصاريح من تنظيم الدولة، تسمحُ للعاملين بالمرور عبر حواجزه. بغية تحقيق ذلك، أرسلت الشركة مندوباً إلى منبج، هو أحمد جلودي. (ورغم أن عنوان بريده الإلكتروني يحتوي نطاق «لافارج»، بيدَ أننا لم نجد له أثراً ضمن الهيكل التنظيمي للشركة).
«دخلَ جلودي إلى سوريا، بطريقة غير شرعية، عبر الحدود التركية. أردني الجنسية، لكنه يتحدث لهجة أهالي مدينة درعا، وهو مدير أزمات لافارج»، يقول موظفٌ سابق، «وكان دائم التنقل بين غازي عينتاب (تركيا)، الرقة، منبج، والمصنع؛ حيث كان ينام، كحال بعضٍ منا، الأمر الذي اضطرنا للبقاء».
وبتاريخ 28 آب/أغسطس 2014، بعث جلودي رسالة إلكترونية إلى فريدريك جاليبوا، (الرئيس التنفيذي لأحد فروع لافارج منذ حزيران/يونيو 2014)، ليشرح له، متأسفاً، ما أسفرت عنه اتصالاته: «طلب تنظيم الدولة قائمة بأسماء موظفينا. حاولتُ الحصول على تصاريح لبضعة أيام، لكنهم رفضوا». قبل أن يقترح تنظيم «مؤتمرٍ هاتفيٍ طارئ»، يضم كلاً من، فريدريك جاليبوا المقيم في عمان، وممدوح الخالد، مدير المعمل المقيم في دمشق، وحسان الصالح، ممثل ممدوح الخالد في المعمل، وهو نفسه.
ردَّ فريدريك على الرسالة في اليوم التالي، مرفقاً نسخة إلى جان كلود فييار، المدير الأمني لمجموعة «لافارج» في باريس. لا تكشف الرسائل المتبادلة نتائج النقاشات، لكنها تدلُّ على علم الإدارة في باريس بكل ما يجري، وعن هذا يؤكد أحد الموظفين، «تابع جان كلود فييار المسائل الأمنية، بشكل يومي، وكانت محور النقاشات في المؤتمر الهاتفي على مدى ١١ ساعة».
«تنظيمالدولةيفرضضرائب (أتاوات) عبور..»
لم تكن تلك المرة الوحيدة التي يتم فيها التواصل مع تنظيم الدولة. قبل شهرين، وتحديداً في 29 حزيران/يونيو 2014، أرسل أحمد جلودي رسالة إلكترونية إلى مازن شيخ عواد، مدير الموارد البشرية في لافارج-سوريا، مرفقاً نسخةً إلى برونو بيشو، الرئيس التنفيذي للمصنع منذ افتتاحه، أشارَ فيها إلى أنه قد عاد للتو من الرقة، وأنّ «المسؤول الكبير في التنظيم لم يعد من الموصل، بعد. سوف ألتقيه حال وصوله، إذ أن عميلنا، (دون تحديد هويته)، قد رتب لي لقاءً معه». وحتى اللحظة، لا تزال أسباب ذلك الاتصال مجهولة.
«استمرت لافارج بتزويد الأسواق السورية بالإسمنت، لذلك، كان لا بدَّ من تأمين طرق مرور الإنتاج»، يؤكد موظفٌ سابق. واطّلعت «لو موند» على خريطةٍ يعود تاريخها لربيع العام 2014، ومرسومة بناء على معلومات جمعها جلودي من سائقي شاحنات لافارج، تُظهر أن غالبية الحواجز المحيطة بالمصنع كانت تابعةً لتنظيم الدولة. كما تحدد الخريطة الطرق التي تمر عبرها الشاحنات، (الجلبية – منبج – حلب – سراقب)، و(الجلبية – تل أبيض – الرقة – دير الزور – البو كمال)؛ المدن التي كانت تخضع كلياً، أو بشكلٍ جزئي، لسيطرة التنظيم.
علاوةً على ذلك، يشير تصريح عبور ممهور بختم تنظيم الدولة، وموافقة المدير المالي لـ«ولاية حلب»، بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر 2014، إلى اتفاقٍ سابقٍ لتسهيل حركة مرور المواد. ومضمون التصريح الذي يتوجب على السائقين إبرازه عند حواجز التنظيم، «يرجى من الأخوة المجاهدين السماح لهذه السيارة بالمرور على الحواجز، (مادة الإسمنت-مصنع لافارج)، بعد الاتفاق على التجارة بهذه المادة». كما تم تذييله بالملاحظة: «كل ورقة لا تحمل الختم لا يحق لها بالمرور على الحاجز».
لماذايُختَمتصريحالعبوربتوقيعمديرٍمالي، وليسبتوقيع مسؤولٍعسكريٍفيالتنظيم؟
«يفرض تنظيم الدولة ضريبة عبور على ناقلات البضائع. وتعالج الإيرادات في بيت المال، (المعادل لوزارة مالية إسلامية)، والذي يقوم بدوره، لاحقاً، بتوزيع إجمالي الإيرادات على الولايات المختلفة التابعة للتنظيم»، يشرح وسيم نصر، الصحافي المختص بالحركات الجهادية، ومؤلف كتاب، «الدولة الإسلامية: الأمر الواقع».
«لتجنبإثارةجنونهم..»
لصناعة الإسمنت، احتاجَ مصنع لافارج، بشكل خاص، إلى توفير الحجر الجيريّ والطين، وإلى مواد فعالة، مثل الجبس والبوزولان، لتشكيل مادة الكلنكر، التي تنتج عن خلط المواد الخام، وتسخينها في فرن تبلغ درجة حرارته 1450، تقريباً. وعن هذا يشرح أحد العمال، «يتم الحصول على الحجر الجيريّ عبر تفجير المحاجر القريبة من المصنع، حيث كانت تنقله الشاحنات إليه ليتم سحقها». ووفقاً لأحد مصادرنا، «منذ مطلع 2012، كان لافارج يشتري 100 شاحنة، يومياً، وكانت شركة «سيلكيا» المصرية من بين المصادر التي يعتمد عليها المصنع للتزود بالمادة، إلى أن توقفت أنشطتها، فلجأ إلى المقاولين المحليين». كما يشير عامل سابق إلى أن «محاجر الحجر الجيري كانت في مناطق سيطرة الأكراد، وكانت جميعها ملكهم. أما بالنسبة للبوزولان، فكان يصل من محاجر قريبة من مدينة الرقة، وفي حال كان المالك من خارج تنظيم الدولة، فهو ملزَمٌ، كحال كل مالكي المشاريع والمعامل في المنطقة، بدفع ضريبة للتنظيم».
كما يؤكد عامل قريب من خطوط الإنتاج، «كان لافارج يشتري، وسطياً، وبشكل يومي، ثلاث شاحنات من البوزولان، وعشرات الشاحنات من النفط الثقيل»، ويضيف، «من المستحيل الوصول إلى درجات الحرارة المناسبة للتسخين والتكليس دون وقود، الأمر الذي دفع لافارج للحصول عليه من تنظيم الدولة، والذي يسيطر بدوره على كل حقول النفط في الرقة ودير الزور».
وتكشف رسالة إلكترونية، بتاريخ 9 أيلول/سبتمبر 2014، آلية تزود لافارج بالنفط والبوزولان. إذ كتب شخص يدعى أحمد جمال، بإنجليزية ركيكة، إلى فريدريك جاليبوا، الذي كان قد عُيّنَ مديراً تنفيذياً للشركة، مرفقاً نسخة إلى مسؤول المشتريات، ممدوح خالد، والمقيم في دمشق: «ها قد مرَّ شهران دون أن تقوم بتحويل مبلغ 7,655,000 ليرة سورية»، أي ما يعادل 30000 يورو اليوم، محذراً في الوقت نفسه من المخاطر التي قد تواجهها الشركة حال التأخر في الدفع، «أتمنى أن تتفهم أن هذه أموال مورّدين يعملون مع جيش إسلامي هو الأقوى في المنطقة، لا بدَّ أن تتجنب لافارج إثارة جنونهم».
كثيرون يصفون أحمد، المنحدر من مدينة الرقة، والذي تربطه علاقات وثيقة مع تنظيم الدولة ومختلف السماسرة، بتاجر حرب، «كان يضمن استمرار الإمداد من النفط. دفعت له لافارج مبالغ طائلة، بالمقابل، حصلت على أمان نسبي لاستمرار أنشطتها»، يقول موظفٌ سابقٌ في لافارج.
والحال أن لافارج تعاملت مع وسطاء وسماسرة يسوّقون نفط تنظيم الدولة، مقابل شراء التصاريح أو تسديد الضرائب.
«لافارجتجاوزتالحدود..»
في الرسالة نفسها، آنفة الذكر، كشف أحمد جمال عن أسلوب الدفع المتبع للسماسرة، «قام الدكتور طالب بكل ما هو ممكن لتهدئة جميع الأطراف، بما في ذلك الأكراد -الذين تفهموا الأمر-، لكن لافارج تجاوزت الحدود..». وشدَّدَ على أن يتم تحويل المبلغ المستحق «باليورو أو الدولار إلى حساب الدكتور طالب في لبنان..». كما ضغط لتحديد جدول زمني، «لإظهار حسن النوايا، نحتاج على الأقل 24 ألف دولار، أو 18 ألف يورو، حتى نهاية الأسبوع، على أن يتم تحويل المبلغ كاملاً حتى نهاية الشهر».
و«الدكتور» -لقبه-، هو رجل الأعمال السوري الكندي، عمرو طالب، 28 عاماً. في كانون الثاني/يناير 2015، وُجهت إليه دعوة من قبل كلية الحقوق، بجامعة هارفارد -التي درس فيها الرئيس باراك أوباما-، لإقامة مؤتمر حول «تسوية النزاعات». قدّم نفسه كمستشار في إدارة البيئة في الحكومة السورية، وفي شركة لافارج-سوريا، وكمالك لشركة استيراد وتصدير في تركيا، بالقرب من الحدود مع سوريا.
ووفقاً لعقدٍ بتاريخ نيسان/أبريل 2014، بين برونو بيشو وعمرو طالب، (كمستشار لشركة لافارج السورية للإسمنت LCS، ومدير مشروع شركة Greenway Eco developmentفي الهند)، كُلِّفَ الأخير بتمثيل لافارج في العمليات ذات الصلة بائتمانات الكربون «Carbon Credits». وعن هذا يتساءل موظف سابق لشركة لافارج، «لماذا يوقع برونو بيشو عقداً كهذا في ظل تدهور الأوضاع الأمنية، وضمن شروط إنتاجية أبعد ما تكون عن المثالية؟ هل كان ذلك ضرورياً؟»، قبل أن يضيف، «كل هذا لإخفاء العمليات المالية غير المشروعة». لاحقاً، وفي مقابلة أجرتها صحيفة ستانفورد 12 يناير 2015، سلط عمرو الضوء على «البراغماتية» التي تنتهجها العديد من القبائل، وينتهجها العديد من رجال الأعمال السوريين، في علاقاتهم مع تنظيم الدولة، كما أشار إلى «مهارات» بعض أعضاء التنظيم في إدارة الأعمال التجارية.
أثارت هذه البيئة المضطربة مخاوف بعض الإداريين في لافارج، لذلك، وحال استلام رسالة أحمد جمال، أشارت مسؤولة الإمداد لمديرها، فريدريك جاليبوا، بأنّ ثمة إضراراً بمصالح الشركة باستمرار الاتصال بهذا المورّد، «كما أوضحتُ لك سابقاً، تلقيتُ هذه الرسالة من أحمد جمال؛ المورّد الذي يوفر لنا الوقود والبوزولان. عادةً ما تمر كل الاتفاقيات والمفاوضات من خلاله، هو وبرونو بيشو (المدير التنفيذي السابق)». وفي ردّه، وبعد مراجعة طلبات الشراء الأخيرة، أوصاها فريدريك بالاستمرار في عمليات التحويل، «لا داعي لاتصالك بهذا المورّد، قومي بتحويله لي في حال وجود مشكلةٍ ما».
ألعابالخفاء
في واقع الأمر، ووفقاً لشهادات عدة موظفين سابقين، يبدو أن فريدريك جاليبوا، الذي حلّ مكان برونو بيشو، (المنقول إلى كينيا)، قد ورث نظاماً أداره ثلاثة رجال، أحكموا سيطرتهم على المصنع: ممدوح الخالد (مسؤول الإنتاج)، عمرو طالب (منسق مالي)، وأحمد جمال (المورّد الرئيسي). كما تؤكد الشهادات انسجام الرجال الثلاثة في العمل، حتى أنهم تغاضوا عن الرجوع إلى القيادة الفرنسية، أحياناً، حول صفقاتهم، وتقاسمهم أرباح فائض الفواتير المتعلقة بتأمين المواد، إلى جانب (الأتاوات) التي تفرضها الجماعات المسلحة.
في ألعاب الخفاء هذه، يبحث هؤلاء عن «غطاء» في حال حدوث فضيحة. ففي 13 تموز/يوليو 2014، مثلاً، بدأ القلق يتملك ممدوح الخالد إزاء النقاشات الجارية، «على كافة المستويات»، حول عمليات شراء النفط غير الشرعية من «جهات غير حكومية»؛ أي، من المليشيات المسلحة.
الرجل الذي لطالما وُصفَ بالبعثي المقرب من الحكومة السورية، كان يخشى «الاجراءات» التي قد تتخذها الحكومة السورية «ضد الأشخاص أو الشركات» المعنية، لهذا، طلب من برونو بيشو اختلاق ذرائع للرد على التساؤلات المحتملة للسلطات، ما دعا الأخير، في رده، إلى اللجوء لآلية دفاعية، تمثلت في إرفاق نسخة إلى وريث منصبه، فريدريك جاليبوا.
في التفاصيل، شرحَ بدايةً أن الوقود الثقيل «ضروريٌ جداً» لتشغيل المصنع، إلى جانب أن الشركة لا تشتري سوى كميات قليلة من النفط الذي يصل من تركيا بصورة غير قانونية، مضيفاً أن ثمة صعوبة بالغة في إرسال شحنات نفط من طرطوس، (الميناء الذي تسيطر عليه الحكومة السورية)، واختتم بالقول، إن استمرار نشاطات لافارج يخدم مصالح الحكومة؛ الإسمنت مصدر دخل للدولة السورية، إذ تفرض ضرائباً على عمليات البيع.
تفكيكأجزاءمنالمصنعوبيعه
سيطر تنظيم الدولة على المصنع في 19 أيلول/سبتمبر، بعد يومٍ واحدٍ من إجلاء بعض العمال. تركت لافارج الموقع، وتم إفراغ الصوامع الممتلئة بالإسمنت من محتواها، قبل أن يُباع. لا أحد يعلم من سرَّبَ رموز فتح الصوامع؛ موظفون سابقون، أم مدير المصنع؛ للحيلولة دون الاستيلاء على الإسمنت.
في وقتٍ لاحق، ووفقاً لموقع «Intelligence Online»، تواصلَ عمرو طالب مع إدارة لافارج؛ واقترحَ استئنافَ الإنتاج تحت حماية مشغلي المصنع الجدد، «رجال أعمال من الرقة»، (في الواقع، هم قادة تنظيم الدولة في المنطقة)، مقابل 15٪ من الإنتاج. رفضت لافارج العرض، فتوجه عمرو إلى مقر الشركة الواقع في الدائرة 16 في العاصمة باريس، شارع des Belles-Feuilles، في كانون الثاني/يناير 2015، وتحديداً، في اليوم الذي وقع فيه الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو».
استحوذَ الخوف على الشركة، فقطعت كل اتصالاتها، حتى غير المباشرة، مع تنظيم الدولة. وحسبَ موظف سوري سابق، تم تفكيك أجزاء من المصنع وبيعها، فيما تم نهب السيارات. وفي شباط/فبراير 2015، طردت وحدات حماية الشعب الكردية تنظيم الدولة من الموقع.
في اتصال هاتفي أجرته صحيفة «لو موند»، أوضحت مديرة قسم الاتصالات في شركة لافارج، سابين فاكيز: «الأوضاع في سوريا كانت معقدة بين عامي 2013 و2014، ولم يكن الوصول إلى العاملين في الموقع ممكناً، إلى جانب وجود صعوبات في الردّ على جميع الرسائل الإلكترونية دون التأكد من صحتها»، واختتمت، «المصنع مغلق منذ أيلول/سبتمبر 2014».