يعيش مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في مدينة أورفة وريفها، أغلبهم قادم من مناطق الشمال السوري، خصوصاً من دير الزور والرقة وريف حلب الشرقي. أورفة مركز رئيسي من مراكز اللجوء السوري في تركيا، وتختلف عن عينتاب، وعن اسطنبول بطبيعة الحال، بأن الشبكة الاجتماعية- الاقتصادية أصغر وأقل تماسكاً، وذلك بسبب طبيعة اقتصاد المدينة أولاً، وأيضاً لأن النشاط الصناعي والتجاري السوري الذي قام فيها صغير بالمقارنة مع الاقتصاد النازح من حلب إلى عينتاب. هذا الواقع يجعل سؤال العمل أكثر إلحاحاً وصعوبة بالنسبة للاجئين السوريين المقيمين في أورفة.
في هذا النص ثلاث قصص للاجئات شابات سوريات
يارا
جرى اللقاء مع يارا قبل دخولها إلى عملها في أحد أيام تموز الماضي. وكانت آنذاك بانتظار نتائج المفاضلة الجامعية لمعرفة الفروع والجامعات التي قُبلت فيها. لم تكن تخفي قلقها من بعض التأخير في إتمام القوائم لكي تحسم قراراتها بخصوص مستقبلها العلمي. مع ذلك، أقبلت بحماس على رواية قصتها الشخصية وسط نقاش ممتع عن انحيازها الكامل للثورة السورية ونجاحها في التوفيق بين هذا الانحياز وتمسكها بهويتها الكُردية، ورفضها الآراء والتخندقات السياسية التي تطرح أي تناقضات أو شروخ بين هاتين المسألتين.
يعود أصل عائلة يارا إلى مدينة كوباني، لكنها كانت تقيم في حيّ الأشرفية في حلب، حيث كانت تدرس المرحلة الثانوية حين اندلعت الثورة السورية. والدها محامي، فيما والدتها كوافيرة. قررت العائلة ترك حلب والعودة إلى كوباني بعد شهورٍ قليلة من اندلاع الثورة بسبب تردي الأوضاع الأمنية والخشية من تدهور الأمور في المدينة.
في كوباني، قدّمت يارا امتحان الثانوية العامة- الفرع العلمي، وحازت على الدرجات الكافية للمفاضلة على كلّية الصيدلة في جامعة حلب. وتروي الرحلة من كوباني إلى حلب لتقديم أوراق المفاضلة بوصفها التماس المباشر مع الرعب الذي كان قد حلّ بالريف الشمالي والشرقي للمدينة «في الطريق رأينا دبابات، وباصات محترقة، كما لمحنا جثثاً ملقاة هنا وهناك، وفي مرحلة من الرحلة، عند الاقتراب من حلب، أحسست أنني أشم رائحة الدم».
سجلت يارا في كلية الصيدلة في جامعة حلب للعام الدراسي 2012-2013، لكنها لم تبدأ دراستها فعلياً، إذ قررت العائلة عدم المخاطرة بإرسالها إلى حلب، وأوقفت تسجيلها بانتظار تحسن الأمور. لم تكن أوضاع العائلة جيدة في كوباني، فالوالدان عاطلان عن العمل، ولا فرص عمل للأبناء أيضاً. هذا العامل، بالإضافة إلى الضغط الخانق على المدينة الذي فرضه تواجد داعش في محيطها، التواجد الذي سيتحوّل إلى حصار دموي في الشهور التالية، كان سبباً في ترك العائلة لكوباني وتوجهها إلى مدينة أورفة في السابع والعشرين من آذار عام 2013.
ذكرت يارا تاريخ خروجها من سوريا وكأنها تشدد على كلّ حرفٍ تنطقه.
في أورفا، كان على العائلة أن تتأقلم مع الأوضاع الجديدة، «كان عدد السوريين هنا أقل بكثير مما هو الآن، وكانت فرص العمل أكبر». وبعد شهر من الوصول إلى أورفة، بدأت يارا بالعمل في ورشة صغيرة لتصنيع الستائر، هي عبارة عن قاعة خلفية لمعرض ستائر في الوسط التجاري في أورفا. «لم أكن أعرف شيئاً عن صناعة الستائر. كنت أعمل 12 ساعة يومياً، مع يوم عطلة أسبوعي، مقابل 450 ليرة تركية في الشهر (حوالي 210 دولار آنذاك، 155 دولار اليوم)». ابتسمت يارا حين علمت أن الحد الأدنى للدخل، حسب القانون، يُقارب ثلاثة أضعاف ما كانت تتلقاه، ومقابل عدد أقل بكثير من ساعات العمل، وقالت«هذه القوانين ليست لنا».
تأقلمت يارا مع عملها جيداً، واكتسبت الخبرة والمهارة بسرعة، ما منحها ثقة صاحب الورشة، الذي بدأ بزيادة راتبها شيئاً فشيئاً، وكان متعاوناً ومتفهماً حين طلبت يارا منه أن يسمح لها بالخروج من العمل أبكر في بعض أيام الأسبوع كي تتمكن من حضور الدروس في معهد التأهيل لامتحانات القبول في الجامعات التركية، ولم يخفض راتبها بسبب ذلك.
تروي يارا عن تطور عملها «بعد شهور من بدء العمل كنت قادرة على أن أصنع لوحدي ستارة كاملة من الصفر، وكان راتبي قد وصل إلى 750 ليرة. لكن كان هناك زملاء أتراك معي في الورشة يتقاضون 900 ليرة، رغم أنهم بدؤوا العمل بعدي، ولم تكن لديهم خبرتي ومهارتي».
تعتبر يارا أنها استفادت من وصولها المبكر نسبياً إلى أورفة مقارنة باللاجئين السوريين الآخرين، فحين وصلت كانت فرص العمل متاحة والمنافسة عليها أقل، لكن هذه الأمور ساءت مع زيادة عدد اللاجئين السوريين، وترى أن شروط عملها، على قسوتها، كانت جيدة بالمقارنة مع غيرها من اللاجئين واللاجئات الذين قدموا بعدها.
مع انطلاق العام الدراسي الماضي، بدأت يارا بتحضير الامتحانات المؤهلة لدخول الجامعة في تركيا، ولأجل ذلك انضمت إلى معهد متخصص بتأهيل الطلاب السوريين أقيم في نفس الشارع الذي تعمل به، وكانت تخرج من العمل أبكر لكي تحضر الدروس المسائية. «في البداية كنت قد قررت ألا أكمل دراستي الجامعية إن لم أتمكن من إحراز الدرجات الكافية لدخول الصيدلة. لكن مع مرور الوقت، ومعاينة صعوبة ظروف العمل وضعف مستقبله، قررت أن أستغني عن هذا الشرط، وأن أبحث في أي خيارات تُتاح لي». حين سُجّلت المقابلة، كانت يارا تود لو تتمكن من الدخول في كلية تسمح لها بالدراسة والعمل سويةً، إذ كانت تفضّل أن تكون منتجة، مُعيلة لنفسها، ومُساعدة لعائلتها، لكن الأولوية، لها ولعائلتها، كانت للدراسة، مهما كلف ذلك الأمر من جهد.
تمكنت يارا من دخول فرع الهندسة الغذائية في جامعة حرّان في أورفة، وقررت ترك عملها حين رأت استحالة التوفيق بينه وبين الدراسة، وقد حصلت مؤخراً على منحة دراسية تقدّمها إحدى وكالات الأمم المتحدة.
هبة
خرجت هبة من الرقة مع والدتها وأختها في آذار 2013، بعد أيام قليلة من فقدان النظام سيطرته على المدينة. في تلك الفترة، خرجت أولى موجات النزوح الكبيرة من الرقة باتجاه تركيا، خصوصاً إلى مدينتي أورفة وأقجي قلعة القريبتين من بوابة تل أبيض الحدودية. وقد خرجت تلك الموجة خوفاً من المجهول الذي ينتظر المدينة ومن حملات القصف الجوّي التي كان متوقعاً أن يُشنها النظام منتقماً من المدينة المتمردة، والتي شنّها فعلاً.
في الرقة، كانت هبة قد أنهت السنة الثالثة في كلية العلوم الطبيعية التابعة لجامعة الفرات، متخصصة في الكيمياء الحيوية. وعند وصولها إلى أورفة بدأت إجراءات الالتحاق بالجامعة، وقُبلت في قسم اللغة الإنكليزية في إحدى مدن العمق الأناضولي، بعيداً عن أورفة. «لم تكن العلوم الطبيعية رغبتي الحقيقية حين بدأت الدراسة في الرقة. كنت أود أن أدرس الأدب الانكليزي في دمشق، لكن العائلة لم توافق على خيار انتقالي، وبقيت في الرقة.. الآن حصلت على قبول في القسم الذي كنت أريده، لكنني لم ألتحق أيضاً هذه المرة».
بعد حوالي العام من وصولها لأورفة، حصلت هبة على عمل في مشروع لتشغيل السوريين، تابع لإحدى المنظمات السورية الكبيرة. أتت فرصة العمل في اللحظة المناسبة بالنسبة لهبة «كنت قد قررت العودة إلى سوريا وإكمال دراستي في اللاذقية أمام انسداد الأفق هنا وعدم تمكني من دخول الجامعة في أورفة أو الحصول على عمل. لحسن الحظ أتت هذه الفرصة ولم أضطر للعودة للبلد». كانت البداية في العمل صعبة بعض الشيء، إذ كان الدخل متواضعاً (300 دولار) لأن المشروع كان في طور الحصول على الدعم المادي لاستمراريته، ومع الوقت نجح المشروع في الحصول على الموارد اللازمة وتحسّن دخل هبة بعض الشيء.
تعتبر هبة نفسها محظوظة في عملها، وتحب مزاولته، وترى أنها اكتسبت خبرة جيدة فيه واستطاعت تحقيق استقرار مادي لنفسها بما يكفي لإعالة نفسها ومساعدة والدتها التي تقيم معها، إذ أن باقي أفراد أسرتها موزعون في مهاجر متنوعة.
تُقبل هبة على شرح آلية عملها بحماس، والقائمة على بناء قاعدة بيانات للسوريين الباحثين عن العمل وربطها بجهات تجارية أو صناعية تبحث عن عمال متخصصين. «في البداية كان العمل أصعب، إذ كان أغلب السوريين الباحثين عن العمل متوجسين من إعطاء بياناتهم لأي جهة تطلبها، ومتشككين في مصير هذه القوائم والبيانات. مع الوقت تغيّر هذا الواقع، بالإضافة إلى أن السوريين هنا قد تأقلموا إلى حد بعيد مع الحياة في أورفة، وكوّنوا فكرة أفضل عن سوق العمل وأسلوب الحياة».
للسوري اللاجئ طريقان لإيجاد عمل بسرعة مقبولة، تشرح هبة، الأولى هي أن يتعلم اللغة التركية، حتى لو بمقدار بسيط يكفي لتفاهمه مع صاحب العمل أو مع الزبائن؛ والثانية هي أن يمتلك خبرة كبيرة في حرفة مطلوبة في سوق العمل المحلي. تطرأ مشاكل كثيرة بين العمال السوريين وأصحاب العمل، أغلبها بسبب تدني الرواتب أو تأخر تحصيلها، وترى هبة أن غياب الغطاء القانوني لعمل السوريين في تركيا هو أحد أهم أسباب هذه المشاكل.
تروي هبة أنها زارت الرقة مرتين بعد خروجها منها، الأولى لتقديم الامتحانات الجامعية، إذ كان من الممكن تقديم الامتحانات في الفصل الدراسي الثاني عام 2013، والثانية في زيارة عائلية. كلا الزيارتين حدثتا قبل سيطرة داعش على المدينة. «كان الوضع سيئاً، والفوضى عارمة، لكنه كان مقبولاً إلى حد بعيد.. كان هناك من بين المسيطرين على المدينة من يمكنك الحديث معه، على الأقل، بصفته ابن بلدك.. الآن لا تعلم من أين أتى من يسيطر على كل تفاصيل حياة مدينتك».
لا تجيب هبة بشكل مباشر على السؤال حول إن كانت تشعر بالاستقرار والتأقلم في حياتها مع أورفة، لكنها تعاجل بالقول «وضعي ممتاز مقارنةً بغيري. أنا جزء من هذا الواحد بالألف من الناس الذين تُعتبر أمورهم مقبولة، ولو بمستوى خمسين بالمئة.. عندي سكن هنا، وعندي عمل وراتب، ما يمنحني استقلالية مادية ويسمح لي بإعانة أهلي».
عند هذه النقطة، تتوقف هبة عن الحديث قليلاً لتقول «المؤلم هو أن ترى إلى أي درجة سُحقت كرامة الناس».
تتمنى هبة لو تتمكن من الالتحاق بالجامعة لدراسة الأدب الانكليزي، لكن هذا لن يتم إن لم تحافظ على عملها. العمل هو المسألة الرئيسية والجوهرية بالنسبة لهبة اليوم.
شذى
على عكس بطلتي القصتين السابقتين، لم تكن شذى طالبة جامعية حين خرجت من الرقة باتجاه أورفة. بل كان قد مضى عامان على فتحها لصيدليتها الخاصة في المدينة. أغلقت شذى صيدليتها وانتقلت إلى أورفة مع أسرتها المكوّنة من والديها وشقيقة واحدة وشقيقان إلى أورفة بعد شهر من فقدان النظام سيطرته على الرقة، أي في نيسان عام 2013.
في أورفة، بقيت شذى حوالي ستة أشهر دون عمل، إلى أن سنحت لها فرصة العودة لمزاولة مهنتها «طلب الصيدلاني الذي أعمل عنده الآن من أحد معارفه من السوريين، وهو من معارفي أيضاً، أن يجد له شاباً سورياً لديه بعض الخبرة بالأدوية كي يعمل في الصيدلية، وهكذا يتمكن من وضع لافتة تفيد بوجود صيدلاني سوري، ما يُزيد إقبال السوريين. فأجابه الصديق أنه يعرف صيدلانية سورية تبحث عن عمل، ووضعنا على تواصل. لم أعمل قبلاً عند أحد، إذ كان لدي عملي الخاص، ولضعف الخبرة والخجل، وأيضاً لرغبتي الشديدة بالعمل في مهنتي دون التفكير في المردود المادي كثيراً، قبلت أول عرض قدّمه لي، وكان عبارة عن 500 ليرة في الشهر لقاء دوام كامل لخمسة أيام في الأسبوع».
بعد فترة قليلة، رأت شذى أن الراتب قليل ولا يكاد يكفيها حتى كمصروف جيب، دون المصاريف الأساسية الأخرى، ولذلك أعادت التفاوض مع صاحب الصيدلية، الذي رفع الراتب إلى 700 ليرة، ثم إلى 900 ليرة بعد أشهر عديدة أخرى.
تقع الصيدلية التي تعمل فيها شذى مقابل مدخل المشفى العام في أورفة، والذي شاعت تسميته بين السوريين بـ «مشفى الـ 500». وهو المركز الأساسي الذي يقصده اللاجئون السوريون في أورفة للطبابة باعتبار أن وثيقة الحماية المؤقتة (أي «الكمليك»، كما يُصطلح على تسميتها بين السوريين) تمنح حق الطبابة للسوريين بالمجان، كما تُصرف لهم الأدوية الموصوفة في المشفى العام في الصيدليات مجاناً أيضاً. شاع خبر وجود صيدلانية رقيّة محترفة في الصيدلية، وزاد إقبال أهل المدينة النازحين عليها.. «لا يأتون فقط لصرف الوصفات الطبية، بل أن منهم من يأتيني بتحاليل الدم والصور الشعاعية والتقارير الطبية كي أشرحها له. كثيرون من زبائني اليوم كانوا زبائني في الرقة»، تقول شذى.
تروي شذى أن الشهور الأولى كانت صعبة، إذ كانت ترى بشكل يومي كمّاً هائلاً من الرضّ النفسي لدى زبائنها من السوريين، كما كانت تعايش حاجتهم وفقرهم ولهفتهم بشدّة، وتعتبر أن الأوضاع بالنسبة للاجئين السوريين في أورفة أفضل نسبياً الآن بسبب مرور الوقت والتأقلم الجزئي مع الحياة في المدينة.
يتشعب الحديث مع شذى حول واقع اللاجئين الرقيين في أورفة. ولها رأي نقدي في هذا المجال «عدم المؤاخذة منك، باعتبارك شب، ومع كل الاحترام لأهل الرقة، أهل مدينتي، لكنني لا أستطيع ألا أعاتب نسبة كبيرة من شباب الرقة ورجالها، الذين اعتبروا الخروج من المدينة انكساراً وهزيمة لم يقوموا منها بعد، وما زالوا جالسين يتحسرون دون أخذ المبادرة ومحاولة تحسين أوضاعهم، في حين أن هناك فتيات ونساء، عشن ما عاشوه من انكسار، وتحمّلن أعباءً كثيرة قبل الخروج وخلاله، ومع ذلك تأقلمن أكثر منهم وعملن على تحسين أوضاعهن، ورضين بأعمال لم يكنّ ليعملن بها في الرقة، ولا يقبل الشباب الذين أعرفهم أن يعملوا بها، في سبيل السعي للتقدم والتأقلم. منذ أيام كنت في مطعم قريب من هنا (جرى اللقاء في مجمع تجاري بالقرب من مكان عمل شذى) واقتربت مني فتاة وكلمتني باللهجة الرقيّة مباشرة. عرفت أنني سورية من شكل حجابي. كانت تعمل في المطعم في غسل الصحون والتنظيف، وكنت أحس بالعزّة والثقة في كلامها معي، ولم تجد حرجاً في التعريف عن نفسها بأنها إبنة عائلة معروفة في المدينة. شجّعتها وهنأتها على عملها.. الشغل مو عيب. أغلب شبابنا للأسف يضع شروطاً كبيرة على العمل، ويفضلون الاعتماد على مساعدات أهاليهم وأقربائهم في المهجر، أو يجلسون بحسرة بانتظار فرصة الهجرة إلى أوروبا».
تجيب شذى على السؤال حول إن فكرت بالهجرة إلى أوروبا «كنت أتمنى لو تسنح لي الفرصة للهجرة إلى حيث أستطيع العمل بمهنتي بظروف جيدة، وحيث أستطيع أن أطور عملي.. لم أمتلك الشجاعة لاتخاذ هذا القرار لأنني لا أريد أن أترك أمي ووالدي -الكبيرين في السن- لكنني أشجع كل فتاة ترغب بالتعلّم أو العمل على الهجرة، ولا أرى أن الموانع الاجتماعية التي توضع بطريقهن عادلة».
تعتبر شذى أنها «متأقلمة» مع أورفة، لكنها تشكو من تواضع الدخل «راتبي يكفيني معيشة شهر واحد بالضبط. لا مقدرة لدي على الادخار، ولا أستطيع مواجهة تكاليف أي طارئ مادي قد يواجهني». عدا موضوع الدخل، تتمنى شذى لو يُقونن عمل السوريين في تركيا بحيث تحصل على حقوقها كعاملة، وتتأمن لها الحماية القانونية والضمانات الاجتماعية التي تحميها من مزاجيات أصحاب العمل. وتعتبرأنها ستشعر بالاستقرار والأمان لو حصلت على هذه الأمور.
ما هو الحدّ الأدنى الذي، إن تحقق، يمكن أن تفكري عنده بالعودة إلى الرقة؟ اسأل شذى، وتجيب هي بسرعة وثقة، وكأن الإجابة جاهزة في ذهنها «أن أتمكن من ممارسة مهنتي في صيدليتي بحرّية». هذا على المستوى الشخصي، فماذا عن العام؟ تفكر شذى بضعة ثوانٍ قبل أن تُجيب «أن تتحسن الأمور لصالح الناس. أن يكون للبشر قيمة وكرامة وحق. ألا يُهان الناس. ألا يُذلّ الناس».