منذ أواسط القرن التاسع عشر، وبشكل حصريّ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، شكّلت الماركسية أحد أهم البدائل النظرية والعمليّة للديمقراطية الليبرالية. للماركسية، كجسم نظري، تفرعات كثيرة، لكنها تنطلق من جذع واحد، أي أعمال كارل ماركس وفريديريك أنجلز، الفيلسوفان الألمانيان اللذان كان لهما أثرٌ مهم للغاية في بناء الحركات الاشتراكية والشيوعية والعمالية. يستحيل فهم تاريخ الفكر دون المرور على أثرهما، وحقل التفكير في الديمقراطية ليس استثناءً من هذه القاعدة.
أودّ في هذا المقال أن أُراجع، بشكل سريع، بعض أفكار هذا التيار حول الديمقراطية، خصوصاً في أعمال كارل ماركس، ولو كان لزاماً علي أن أبدأ بالاعتذار، ذلك لأنني أجد نفسي مجبراً على البقاء ضمن حقل رؤيته حول الدولة والديمقراطية، ما يجبرني على إهمال جوانب أخرى من أطروحاته التحليلية لها مكانة مركزية أكثر من فكرة الديمقراطية، وأيضاً الانطلاق من افتراض أن لدى القارئ اطلاع على بعض أسس الفكر الماركسي.
على كل حال، أعتقد أنه قد أصبح من الضروري أن نراجع أفكار ماركس حول الديمقراطية في سياق الأزمة الاقتصادية التي نمرّ بها، حيث يبدو أن بمقدور القوى الاقتصادية أن تفرغ هامش العمل السياسي من مضمونه. الكثير من النقد للواقع الحالي له أسس ماركسية واضحة، وتلامس نواة النظرية الماركسية: العلاقة بين الديمقراطية والأسس المادية للمجتمعات الحديثة.
الدولة والرأسمالية
اعتبرَ ماركس أن قيام حكومة ديمقراطية في مجتمع رأسمالي هو أمر مستحيل، مشيراً إلى أن هذه الديمقراطية مشروطة بتحويل في أسس المجتمع نفسه، وينطلق هذا الاعتبار من مفهومه للدولة. بالنسبة للفكر الليبرالي، الدولة هي الممثل الجماعي (أو العام)، مقابل الأهداف والهواجس الشخصية للأفراد. لكن، حسب ماركس وإنجلز، هذه الفكرة ليست إلا محض خيال. حين تتعامل الدولة مع الناس بمساواة حسب المبادئ التي تحمي الحريات الفردية وحقّ التملّك، فإنها قد تتصرف بحياد، لكنها تولّد نتائج منحازة. أي، بقولٍ آخر، لا مهرب من انحيازها لامتيازات الملاّكين.
بالنسبة لماركس، شكّلت الحركات من أجل المساواة السياسية وتعميم حقّ التصويت خطوات مهمّة بالاتجاه الصحيح، لكنه اعتبر أن طاقتها التحرّرية محدودة للغاية نتيجة التفاوتات الطبقية، والتقييدات التي تفرضها هذه التفاوتات على الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للكثيرين. أشار ماركس إلى أن الاقتراع أداة عاجزة عن تقرير مسيرة الدولة (ومن هنا ولد الشعار الشهير: «لو أن الاقتراع ينفع فعلاً لمنعوه!»). في الواقع، تنوّعت آراء ماركس حول الموضوع في نتاجه، لكن الرأي الأكثر تواتراً وهيمنة هو أن الدولة والبيروقراطية تُشكلان أدوات لإدارة مجتمع مقسّم وفق مصالح الطبقة الحاكمة، ونجد أكثر مساجلاته تعمقاً حول الموضوع في الثامن عشر من برومير لويس بونابرت.
هذا الكتاب هو تحليل بليغ حول صعود لويس نابليون بونابرت إلى السلطة في فرنسا بين عامي 1848 و 1852، ويصف ماركس فيه كيف تراكمت السلطة بيد السلطة التنفيذية، مُنزاحةً عن المجتمع المدني والممثلين السياسيين للطبقة الرأسمالية. واستفاد ماركس من هذه الدراسة للابتعاد عن التفكير بالدولة كـ«أداة الروح العامة» أو كـ«مجتمع أخلاقي» يواجه الفوضى. يشير ماركس إلى أن الدولة هي جسم طفيلي على المجتمع المدني، ومصدرٌ مستقل للفعل السياسي في آنٍ معاً، ويصفها بأنها مجموعة هائلة من المؤسسات القادرة على نمذجة المجتمع المدني، والقادرة أيضاً على تقييد قدرات البرجوازيّة. بالإضافة إلى ذلك، يمنح ماركس الدولة درجة معينة من الاستقلالية عن المجتمع: الأفعال السياسية هي نتيجة التداخل بين تحالفات معقدة وأحكام دستورية.
يطرح ماركس، في الثامن عشر من برومير لويس بونابرت، أن عناصر الدولة لا تنسّق الحياة السياسية حسب مصالح الطبقة المهيمنة من المجتمع المدني فحسب، بل إن للسلطة التنفيذية، في بعض الحالات، مقدرة على أخذ المبادرة السياسية. لكن تركيز ماركس، عند مناقشة هذه النقطة، انصبّ على تقديم الدولة كقوّة قمعية، فقد أبرزَ أهمية شبكة معلوماتها بوصفها آلية مراقبة، وأشار إلى كيفية تشابك استقلاليتها السياسية مع قدرتها على تفخيخ الحركات الاجتماعية التي تُسائِل الوضع الراهن -أي العمال، بشكل أساسي-. إضافة إلى ذلك، يتكامل البُعد القمعي للدولة مع قدرتها على ترسيخ الاعتقاد بحصانة الوضع الراهن. تالياً، وبعيداً عن كونها أساساً للتعبير عن المصلحة العامة، «الدولة تحوّل الأهداف العامة إلى ضرب آخر من المصلحة الخاصة».
لكن رغم الإقرار بهذه الوقائع، كانت هناك تقييدات جوهرية تحدّ من مقدرة بونابرت على اتخاذ مبادرات دون سحب المجتمع باتجاه أزمة كبرى. فالنتيجة المركزية التي توصل إليها ماركس، والتي ستكون مفتاحيّةً في أعماله الأخرى، هي أن الدولة، في مجتمع رأسمالي، عالةٌ على المجتمع، وما هو أهم، تابعةٌ لمن يمتلك ويسيطر على وسائل الإنتاج. تالياً، يجب أن تتناسب سياسات الدولة العامة مع أهداف الصناعيين والتجار على المدى الطويل، وإلا تعرّض المجتمع المدني للخطر، وبالتالي يتعرّض استقرار الدولة للخطر أيضاً. لقد سحب بونابرت السلطة السياسية من ممثلي البرجوازية، لكنه حمى قوتهم المادية، بالتالي، كان نابليون الثالث مضطراً لدعم المصالح الاقتصادية للبرجوازية على المدى الطويل، بغض النظر عن قراراته بما يخص الحكم.
الرأسمالية تحكمنا
انطلاقاً من فكرته هذه حول الدولة، اعتبرَ ماركس أن التفكير بانعدام العلاقة بين توزيع الملكيّة وبنيان السلطة السياسية هو أمر مستحيل. وهذا ما يناقشه في عدد كبير من نصوصه السياسية، وبشكل خاص في أكثرها إثارة للجدل مثل البيان الشيوعي. بالنسبة لماركس وإنجلز، هناك علاقة تبعية مباشرة بين الدولة والقوة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للطبقة المهيمنة، أي أنها «بنية فوقية» ترتكز على أسس العلاقات الاقتصادية والاجتماعية.
الدولة، حسب طرح ماركس، تخدم مصالح الطبقة الاقتصادية المهيمنة بشكل مباشر. ويتم استبدال فكرة الدولة ذات الفعل السياسي المستقل، بحماسة شعاره الشهير في البيان الشيوعي «السلطة التنفيذية في الدولة الحديثة ليست إلا لجنة تُدير القضايا المشتركة لكل البرجوازية».
لا يعني هذا الكلام أن البرجوازية ككل تُهيمن على الدولة، بل يمكن للدولة أن تكون مستقلّة عن بعض قطاعات الطبقة البرجوازية، لكنها تابعة، بشكل أساسي، لأولئك الذين يسيطرون على الاقتصاد. وتُفعَّل استقلالية الدولة فقط عند الحاجة لحل إشكاليات بين قطاعات رأسمالية مختلفة (الصناعيين والمصرفيين، على سبيل المثال)، أو بين الرأسمالية المحلية والضغوطات التي تأتي من الأسواق الرأسمالية الدولية. تدافعُ الدولة عن المصالح العامة للبرجوازية باسم المصلحة العامة للشعب.
لقي هذا الطرح الماركسي انتقادات كثيرة لافتراضه علاقة سببية بسيطة بين الهيمنة الطبقية والحياة السياسية. مع ذلك، يجدر القول إن اشتقاقه الأكثر أهمية هو أنه يشير إلى حدود فعالية الدولة في المجتمعات الرأسمالية. إن قوّضت الدولة عملية تراكم الثروة فإنها تقوّض الأسس المادية للدولة نفسها، وبالتالي فإن على السياسات أن تكون منسجمة مع علاقات الإنتاج الرأسمالي. أو، بتعبير آخر، هناك قيود تحدّ الخيارات السياسية في الديمقراطيات الليبرالية.
تفرض أنظمة المُلكية والاستثمار مطالبات موضوعية يجب على الدولة أن تُلبيها إن كانت ترغب في دعم التنمية الاقتصادية، وإذا هُدّد هذا النظام (على سبيل المثال، إن وصل إلى الحكم حزب سياسي يريد أن يدفع باتجاه مساواة اجتماعية أكبر) فإن النتيجة المباشرة ستكون الفوضى الاقتصادية (تهريب رؤوس أموال نحو الخارج، على سبيل المثال)، وبالتالي فإن الدعم الشعبي للحكومة سيتراجع بشكل حاد.
على هذا النسق، بإمكان الطبقة المهيمنة اقتصادياً أن تحكم دون أن تلوث أيديها، أي أنها تستطيع أن تؤثر سياسياً حتى دون وجود ممثلين لها في الحكم، وما زالت هذه الفكرة تشغل موقعاً حيوياً في النقاشات بين النظريين، وفي السجالات السياسية في زمننا. وهذا أساسٌ جوهري يستند عليه الماركسيون للتأكيد على أن الحريات في الديمقراطية الرأسمالية ليست إلا شأناً ظاهرياً («يدعونها ديمقراطية وهي ليست كذلك»)Lo llaman democracia y no lo es: هو أحد أهم شعارات موجة احتجاجات عام 2011 ضد سياسات التقشف في اسبانيا (م).. التفاوتُ الاقتصادي يقوّض الحرّية، ويجعل غالبية المواطنين أحراراً بشكل اسمي بحت. لذلك، فقط عن طريق تغيير البنية الرأسمالية نستطيع الوصول إلى الديمقراطية الحقيقية، أي الشيوعية.
الشيوعية والديمقراطية
الاشتراكية والديمقراطية هما مكوّن واحد، واحدة من وحدات الفكر الماركسي. لكن قبل الدخول في معالمها الرئيسية ينبغي التذكير بالميول اللا-مثالية والعلمية لتفكير ماركس. نجد أفكاراً متنوعة وغنية عن المجتمع الاشتراكي، موزعة في عدد كبير من نصوص ماركس، لكنه لم يضع تحليلاً نظامياً متكاملاً حول الموضوع. على أي حال، هناك نصّان بارزان يتحدثان عن هذا الموضوع، الأول هو نقد برنامج غوته (1875)، والثاني هو الحرب الأهلية في فرنسا (1871). الأفكار المركزية في النص الأول هي ثلاث: التخطيط المركزي في مواجهة السوق؛ والملكية الجماعية (الحكومية) لوسائل الإنتاج بدل الملكية الخاصة؛ والعمل كواجب عام «لكل حسب عمله». بطبيعة الحال، يؤكد ماركس بحرص على أن هذه ليست إلا مرحلة انتقالية نحو المجتمع الشيوعي المتكامل.
للنص الثاني، أي الحرب الأهلية في فرنسا، أهمية أكبر بخصوص منظور ماركس للديمقراطية، ففي تعليقاته حول كومونة باريس نجد أن فكرته المركزية تتمحور حول التمييز بالتضاد بين الديمقراطية التمثيلية الليبرالية البرجوازية من جهة، والديمقراطية العمّالية التشاركية المباشرة. أتت هذه اللحظة بعد انهيار امبراطورية نابليون الثالث في الحرب بين فرنسا وبروسيا، وحركة التمرّد في باريس بين آذار وأيار 1871.
حسب ماركس وإنجلز، كان لكومونة باريس أن تكون النموذج التاريخي الأول للديكتاتورية الثورية للبروليتاريا. فبعد تحطيم جهاز الدولة القمعي القديم -أي الجيش والشرطة والبيروقراطيّة-، كانت الكومونة بصدد إرساء جمهورية ديمقراطية واجتماعية حقيقية. فكل أعضاء الحكومة وموظفي الدولة -من الشرطة وحتى القضاء- كانوا مسؤولين أمام منتخبيهم، وقابلين للعزل في كلّ وقت من قبلهم.
في الواقع، هنا كان ماركس (وسبقه روسو قبلها) يتخلى عن مبدأ التمثيل السياسي. فالفكرة هي أن مواطني الجمهورية العمّالية لديهم قادة (أو مفوّضون، حسب روسو)، وهم لا يتخلون عن السلطة من حيث أنهم لا يختارون ممثلين، ونواة هذا النوع من الديمقراطية المبنية على الانتخاب غير التمثيلي متمركزة حول مبدأ «القابلية الدائمة للعزل»، وهذا ما يفرض ضرورة وجود رقابة مستمرة وصارمة من قبل المواطنين المُنتخِبين. لو راجعنا أفكار بعض الأحزاب السياسية الاسبانية، القديمة منها والحديثة، لوجدنا أن هذه الفكرة ليست غريبة علينا إطلاقاً.
لهذا الأساس جوهرٌ جمهوري بحت. فالمشاركة ليست نتيجة للنموذج، بل شرطاً أساسياً لعمله. لكن هذه الديمقراطية التشاركية التي فكّر بها ماركس هي مباشرة فقط في قاعدتها، في نواة المجتمع، على مستوى «الكومونة الزراعية» أو «المجلس العمالي»، فاعتباراً من هنا يتشكّل البناء السياسي عبر شرح آليات غير مباشرة في الانتخاب، من مجالس الأحياء وحتى قمة الهرم، أي الجمعية الوطنية.
بالمحصلة، التخطيط المركزي، والمُلكية الجماعية لوسائل الإنتاج، والديمقراطية المباشرة، هي الأفكار المركزية التي تُشكّل المفهوم الماركسي للاشتراكية، وبالتالي الديمقراطية.
في كتابه الدولة والثورة، أعاد لينين بناء وتعميم أفكار ماركس حول كومونة باريس، وجعلها منسجمة مع فكرته حول «جمهورية السوفييتات». لكن لينين لم يأخذ بعين الاعتبار الآراء المتأخرة لماركس، أو بشكل خاص آراء إنجلز، حول المؤسسات البرلمانية والاقتراع العام كأدوات تحررية محتملة في خدمة الطبقة العاملة، وهي آراء أقل حديّة مما ظهر في كتاباته الأولى. وقد تمّ استرجاع هذه الآراء من قبل منظري الأمميتين الثانية والثالثة. منذ ذلك الحين، فُتحت نقاشات كثيرة ومهمة ضمن فضاء الماركسية الأوروبية والروسية: المسألة الوطنية، المسألة الزراعية، المسألة الكولونيالية، التكتيك والاستراتيجيا في صراع الطبقات، الحرب، الطبيعة الإمبريالية للرأسمالية، مسألة الطريقة الماركسية، العلاقة بين الأخلاق والماركسية، العلاقة بين الماركسية والفلسفة.. إلخ. لكن، عدا استثناءات نادرة، لم يجرِ الفصل بين الاشتراكية والديمقراطية الحقيقية.
التأثير القوي لماركس
تتوجّه انتقادات ماركس للديمقراطية الليبرالية نحو أكثر نقاطها العمياء ظهوراً من وجهة نظر عملية وأُسسيّة، ومراجعة الأسس الرئيسية المذكورة أعلاه تمثل نموذجاً عن ذلك. فعلى سبيل المثال، يؤدي اختزال مفهوم الديمقراطية إلى آليات مقوننة للانتخاب ومنح صلاحيات لأحزاب -مفهوم شومبيتير، الذي تبناه جزء من أدبيات العلوم السياسية- إلى إقصاء الممارسة الديمقراطية نتيجة الانفصال عن الشروط المادية للمواطنين. في الصيغة الأكثر جذرية للنقد الماركسي نجد أن التفاوتات الطبقية تتناقض تماماً مع أصل مفهوم الديمقراطية، حيث لا ديمقراطية دون شيوعية. يلجأ ماركسيون معاصرون إلى هذه الفكرة لنفي أن الولايات المتحدة، على سبيل المثال، هي دولة ديمقراطية.
ورغم أن بإمكاننا ترك الفكرة التبسيطية القائلة بأن الدولة هي أداة تابعة للبرجوازية جانباً، إلا أنه من المهم أن نُشير إلى التناقض ما بين السلطة السياسية وإمكانية ممارسة هذه السلطة. أو، بتعبيرٍ آخر، عجز حكومة ما عن الحكم بما يتناقض مع الأسس المادية للبرجوازية. لم يعد النُقّاد يتحدثون اليوم عن «برجوازية»، بل أصبحنا نتحدث عن الأسواق، أو عن القوى المصرفيّة، أو الاتحاد الأوروبي. كما لم نعد نحتاج للعودة إلى نابليون الثالث للبحث عن نماذج، إذ يكفي أن ننظر إلى الحكومة اليونانية كي نرى كيف تستعيد هذه الأفكار نضارتها على المستوى العملي. وأيضاً، أن تكون القوى الاقتصادية قادرة على التأثير في الحكم دون أن تجلس في مجلس الوزراء هو أحد أهم عناصر نقاشنا السياسي في اسبانيا، أكانت هذه القوى الاقتصادية بنوكاً، أو شركات تعمير كبرى، أو شركات الطاقة الكهربائية.
اختفت الإشارات إلى «الاشتراكية الحقيقية» من الأدبيات اليسارية المُعاصرة، لكن تمت استعادة مفهوم «القابلية الدائمة للعزل» من قبل مشاريع سياسية صاعدة في اسبانيا. وهذه الاستعادة لبعض عناصر الجمهورية التشاركية، والتي يعرضها فيليب بيتتي في صيغتها الأكثر ليبرالية، ليست إلا محاولة لإنقاذ بعض أقدم أفكار ماركس في نقده للديمقراطية الليبرالية. رغم كل شيء، وحتى إن كان ماركس قد أعاد صياغة بعض أفكاره الأكثر راديكالية حول الموضوع في وقت لاحق، لا يمكن إنكار الأثر الكبير للنقد الماركسي، خصوصاً ذلك الموجّه نحو العلاقة الشائكة بين الديمقراطية والسوق، وبين السلطة السياسية والقوّة الاقتصادية.