النص الأصلي

ابتسم أبو عدنان بسخرية من خلف لثامه الأسود، واسترقت شواربه الكستنائية النظر عبر القماش حين ارتفعت زوايا فمه. كان لدى ابن الخمسة وثلاثين عاماً، عالم الدين والمسؤول الشرعي في قيادة ’جبهة النصرة‘ في منطقة حلب، إجابة جاهزة فيما يتعلق بتصنيف الولايات المتحدة لجماعته الإسلامية كمنظمة إرهابية: «لا مشكلة. نعرف الغرب وطرقه القمعية. نعرف ظلم مجلس الأمن وأكاذيب المجتمع الدولي. هذا ليس جديداً، وهو لا يعني شيئاً بالنسبة إلينا».

هذا التصنيف، الذي أُعلِن عنه رسمياً في 11 كانون الأول، يضع ’جبهة النصرة‘ في خانة الرديف لـ’القاعدة‘ في العراق، ويقول أنّه منذ تشرين الثاني 2011 تبنّت المجموعة «حوالي 600 عمل إرهابي تسبّبوا في قتل وجرح المئات من السوريين». لم تكن الجماعة معروفةً إلى أن أعلنت عن تشكيلها في أواخر كانون الثاني 2012، رغم أنّ أبو عدنان أقرّ بأنّها كانت فاعلةً طيلة شهور قبل ذلك. خلال شهور بعدذلك، أصبحت الجماعة إحدى أكثر القوى فاعلية في مواجهة الرئيس بشار الأسد، منفذة بعض أكثر الهجمات جسارةً ضد النظام.

يُعرف القليل عن الجماعة السرية المحافظة دينياً، باستثناء وجود زعيم غامض وحقيقة أنّها الآن تريد تأسيس دولة إسلامية. لكن الانضباط المفاخر به لـ’جبهة النصرة‘ وصيتها في أرض المعركة بين المقاتلين الآخرين (بمن فيهم العلمانيون) ينمو مع ازدياد شراسة هجماتها، والكثير من الشبّان يسعون للانضمام إليها. لا تختلف ’جبهة النصرة‘ إيديولوجياً عن مجموعات إسلامية سلفية سورية أخرى مثل ’أحرار الشام‘ و’لواء التوحيد‘. «كُلّنا مسلمون سُنة»، يقول أبو عدنان، «ولذلك فلا فرق». الفرق، بحسب أبو عدنان، هو في نوعية المقاتل الذي كانت ’جبهة النصرة‘ مستعدةً لقبوله في مرتّباتها: «نحن نولي قدراً كبيراً من الانتباه للمقاتل. نحن معنيّون بالنوعية، لا الكمية». ليس للمدخنين أن ينضمّوا. من يُجنّد في المجموعة عليه أن يخضع لدورة تدريبية-دينية لمدة 10 أيام «للتأكّد من أخلاقياته وسمعته وفهمه للدين». يتبع ذلك دورة تدريب عسكري مدتها من 15 إلى 20 يوماً.

أمّا وقد أصبحت هذه الجماعة عدواً صريحاً للولايات المتحدة، فإن ذلك لن يزيدها إلا جاذبيّةً بنظر العديد من الذين لطالما نظروا بعين الشُّبهة إلى نوايا الولايات المتحدة في المنطقة. يمكن للحرب أن تخلق شراكات غير اعتيادية، لكنّ الواضح أنّ واشنطن عقدت أمرها بأنّ هذه الجماعة أشدّ خطورةً من أن يُتودّد إليها. المشكلة هي أنّ كثيرين في المعارضة السورية يعتقدون خلاف ذلك.

لقد استغرق إجراء مقابلة مع أبو عدنان أسابيع، وقد تمّ تأكيد دوره في المنظمة بشكل مستقل من قبل عدّة مصادر جهادية. تمّ إلغاء لقاء سابق لأسباب أمنية بعد أن استُهدفت سيارته من قبل طائرة حربية. الغارة الجوية أخطأت السيّارة بمسافة صغيرة. نظر أبو عدنان ورفاقه إلى الحادث على أنّه محاولة اغتيال، معتقدين أنّه تم تحديد موقعهم من خلال جهاز تعقّب إلكتروني ثُبّت بالسيارة –  بالرغم من أنّ أحداً لم يرَ هذا الجهاز المزعوم.

جرت المقابلة في بلدة في شمال سوريا في ريف حلب. لم أكن معصوبة العينين ولم أخضع لأي تدقيق أمني جسدي. تم اصطحابي من مركز حدودي شمالي سوريا ومضت السيارة ما يقارب الـ15 دقيقة داخل البلاد قبل أن تتوقف أمام شاحنة بيك أب تنتظر وسط ما كان ليكون امتداداً خاوياً لطريق. كان هناك ثلاثة رجال في العربة، بينهم أبو عدنان الذي اقترب بصمت من السيارة التي كنت بداخلها وجلس في المقعد الخلفي. لم يعرّف بنفسه إلى أن سألته لاحقاً من يكون.

قادتنا السيارة إلى غرفة اسمنتية صغيرة وباردة، لها نافذة صغيرة بالكاد تسمح بقليل من الضوء من السماء المعتمة أصلاً. جلسنا بين صناديق من الحليب ذو الصلاحية المديدة وأكياس من البطانيات والملابس الشتوية التي تنتظر أن يتمّ توزيعها. مضيفنا السائق حاول إشعال سخّان الغاز المتنقّل، لكن لم يكن هنالك غاز.

«صنّفتنا أميركا كإرهابيين لأنّها تدّعي أن بعض تكتيكاتنا تحمل بصمات ’القاعدة‘ في العراق، كالعبوات الناسفة والسيارات المتفجّرة»، قال أبو عدنان، وقد تسارعت أنفاسه وهو يتكلّم. «نحن لسنا كـ’القاعدة‘ في العراق، نحن لسنا منهم».

تضمّ ’جبهة النصرة‘ سوريين من المحاربين القدماء في حرب العراق، رجالٌ يحملون خبراتهم –  لا سيّما في صناعة العبوات الناسفة – إلى الجبهة في سوريا. مع ذلك، ’جبهة النصرة‘ ليست التجهيز المقاتل الوحيد الذي يستخدم العبوات الناسفة، حيث يُزعم أنّ هناك مجموعات أخرى –  بعضها ما تُلقّب بالمعتدلة وتعمل تحت المظلّة الفضفاضة لـ’الجيش السوري الحر‘ – استخدمت انتحاريين قاموا بعمليّاتهم إمّا طوعاً أو مرغمين (أي سجناء). كحال ’جبهة النصرة‘، العديد من المجموعات الإسلامية ترغب أيضاً بإقامة دولة إسلامية في سوريا، في حين أنّ العبارات الطائفية البشعة التي تشيطن الأقليات، وبالتحديد أفراد طائفة الأسد العلوية، تتزايد حتى في خطاب الوحدات العلمانية المقاتلة. رغم ذلك، العمليات العسكرية لـ’جبهة النصرة‘ هي الوحيدة التي تمّ تصنيفها كـ«إرهابية» من قبل الإدارة الأميركية التي تعترف بأنها لا تزال تحاول أن تفهم العناصر المسلحة المتنوعة ضمن الصراع السوري، لتحفّز  بذلك نظريّات شتّى حول سبب إلصاق هذا الوصف بـ’جبهة النصرة‘. ثمّ لماذا تزامن الإعلان تماماً مع وقت يبدو فيه الثوار ككُلّ قد اكتسبوا زخماً متجدّداً؟ المفتاح، كما يبدو، هو الصِّلات المزعومة مع ’القاعدة‘ في العراق.

إذا كان المقصود من ذاك التصنيف لـ’جبهة النصرة‘ هو عزلها، فما يبدو هو أنّها فعلت العكس، بل وعززت حقيقةً من مكانة ’الجبهة‘ وسمعتها بين بعض السوريين. فقد استعملت المظاهرات التي عمّت البلاد في 14 كانون الأول، على سبيل المثال، شعار «الإرهاب الوحيد في سوريا هو إرهاب الأسد»، والذي كان استنكاراً واضحاً للتصنيف. أعلنت العشرات من المجموعات الثورية جهاراً «كلّنا جبهة النصرة»، بينما استنكرت حتى قيادة المعارضة السياسية في المنفى هذا التصنيف.

كما هو الحال بالنسبة للعديد من المعارضين، يرى أبو عدنان بأنّ التصنيف يكشف أنّ واشنطن غير جديّة في إزاحة الأسد. قال أبو عدنان: «نرى الأمر كما لو أنّ أميركا تريد إعطاء النظام استراحة طويلة، لتعطيه الفرصة ليبقى في السلطة لأطول وقت ممكن. النظام قد مارس الإرهاب لمدة سنتين ولم تفعل أميركا شيئاً، فلماذا تحرّكت بسرعة ضد قوة مقاتلة على الأرض في سوريا، مصنّفة إيّاها على أنّها منظمة إرهابية؟ هل نسيَت النظام؟»

في صميم هذا التفكير نظرية تقول بأنّ الغرب يريد الحفاظ على الوضع الراهن من مركزية إسرائيلية، بما في ذلك الحفاظ على قادة مثل الأسدَين في السلطة بدلاً من المجازفة بوصول الإسلاميين إلى السلطة في دمشق. الرئيس الأسد ووالده الراحل وسلفه حافظ الأسد ضمنا أن تبقى مرتفعات الجولان، المحتلة من قبل الدولة اليهودية، الأكثر هدوءاً على خط المواجهة الأمامي العربي-الإسرائيلي لعقود رغم الخطاب التخويفي الذي استعملته هذه السلالة.

يعتقد بعض الثوار بأن المقصود من التسمية هو إثارة الفتنة، أوالانقسامات الداخلية، في صفوف الثوار المنقسمين أصلاً، في محاولةٍ لتبديد زخمهم. أو أنّها ستستخدم كذريعة لتجنّب تسليح الثوار السوريين ككل، باعتبار أنّ العديد من العمليات القتالية تكون مشتركة بين مجموعات إسلامية مثل ’جبهة النصرة‘ ووحدات ’الجيش السوري الحر‘ العلمانية. من ناحية عملية، سيكون من الصعب جدّاً على الغرب أن يقوم بتزويد الأسلحة لمجموعات محددة يريد أن يعمل معها وأن يضمن ألّا تنتهي هذه الأسلحة بأيدي ’جبهة النصرة‘، إلّا إذا كان يريد صراحةً من تلك الجماعات التي يفضّلها أن تحارب هذه الميليشيا الإسلامية.

على أيّة حال، وبحسب أبو عدنان، إن ’جبهة النصرة‘ لا تنتظر أسلحة من المجتمع الدولي. قال أبو عدنان أنه في غارة تمّت مؤخراً على موقع للنظام في ’دارة عز‘ في ريف حلب أمّنت لنا كمية من الأسلحة «تفوق ما يمكن لدولة أن تعطينا». المقاتلون الأجانب كانوا أيضاً مصدراً للدعم، من الناحية الجسدية (من خلال وجودهم) والمادية (الأموال).

في غضون ذلك، تُحكِم المنظمة قبضتها على المعلومات التي تخصّها، ناشرةً بيانات وفيديوهات عبر جناحها الإعلامي ’المنارة البيضاء‘ (والتي يتم الترويج لموادّها عبر ’شموخ الإسلام‘، وهو منتدى إسلامي رئيسي مناصر لـ’القاعدة‘). أعضاء ’الجبهة‘ لا يمنحون عادةً مقابلات إعلامية. يقول أبو عدنان: «نحن لا نهتمّ بالصحافة. هي ليست أولوية بالنسبة لنا. أولويتنا هي قتال النظام. إذا تكمنّا من تصوير عملية قتالية نصوّرها. هذا ليس مهماً، لكن التصوير أولوية بالنسبة للعديد من المجموعات الأخرى. إنّه يساعدهم في الحصول على التمويل».

يرأس ’جبهة النصرة‘ رجلٌ يستعمل اسماً حركياً هو أبو محمد الجولاني (جولاني تعود إلى مرتفعات الجولان السورية المحتلة من قبل إسرائيل). وزارة الخزانة الأميركية فرضت أيضاً عقوبات اقتصادية على رجلين تعتقد أنّهما قياديان بارزان في المجموعة: ميسر علي موسى عبد الله الجبوري وأنس حسن خطاب. تذكر تقارير صحفية صدرت مؤخراً أيضاً شخصاً هو مصطفى عبداللطيف، المعروف أيضاً بأبي أنس الصحابة، على أنّه الأمير أو القائد الجديد لـ’جبهة النصرة‘. الصحابة، أردني الجنسية، هو صهر الزعيم الراحل لتنظيم ’القاعدة‘ في العراق أبو مصعب الزرقاوي.

 لم يكشف أبو عدنان أيّه معلومات حول الرجال الذين سمّتهم وزارة الخزانة الأميركية، وقال بأن الجولاني لا يزال زعيم ’جبهة النصرة‘. لا تزال الهوية الحقيقية للجولاني سراً مكتوماً، حتى بالنسبة لقادة مجموعات إسلامية أخرى مشابهة في سوريا. وفقاً لأحد المشاركين في لقاء حصل مؤخراً بين قادة المجموعات السلفية: ’أحرار الشام‘، ’صقور الشام‘، ’لواء الإسلام‘، ’جبهة النصرة‘ والعديد من الوحدات الأخرى لمناقشة إنشاء ائتلاف إسلامي على مستوى سوريا، أنّ الجولاني أبقى وجهه مغطّىً طوال الاجتماع. تمّ تقديم الجولاني من قبل قادة ’جبهة النصرة‘ في حلب وإدلب، الذين كفلوا هويّته، لكن الجولاني لم يقدّم أيّة معلومة حول نفسه. قال المشارك بأن الجولاني «قد عرف كل شيء عنّا؛ منذ متى ونحن نحارب وخلفيّاتنا والمدة التي قضيناها في السجن [قبل الثورة]، كل شيء».

أبو عدنان، الذي كان يرتدي الجينز وقميصاً صوفيّاً رمادياً فاتحاً مع سترة جلدية سوداء وحذاء أسود، كان هادئاً ومهذباً مع أنّ عدم ارتياحه لبعض الأسئلة كان واضحاً، خاصّة تلك التي استفسرت عن عدد أفراد المجموعة (الذي رفض الإفصاح عنه) وعن تفاصيل حول بنيتها (قال أبو عدنان أنّ «لهذه الأسئلة روح أسئلة أجهزة الاستخبارات»).

يزعم أبو عدنان أنّ ’جبهة النصرة‘ قد وسّعت حضورها في كل أنحاء سوريا. لكلّ منطقة قائد عام، وقائد عسكري ومرشد للشريعة، بحسب أبو عدنان. في الماضي، لزَم أعضاء ’الجبهة‘ شأنهم مختلطين فقط مع بقية المقاتلين، لكن عدا ذلك لا يتفاعلون مع المجتمعات المحلية التي يتمركزون ضمنها، ودون أن يحالوا فرض وجهات نظرهم الإسلامية المحافظة – على عكس أفراد ’حركة أحرار الشام‘ مثلاً، الذين كان لهم خلافات مع الأهالي الذين رفضوا محاولاتهم لمنع بيع الكحول ضمن مجتمعاتهم.

لكن ذلك قد تغيّر ببطء في الشهر الماضي تقريباً. كانت ’جبهة النصرة‘ واحدة من عدة مجموعات رفضت، في أواخر تشرين الثاني، التجمع السياسي المشكل حديثاً في المنفى والمدعوم غربياً، ’الائتلاف الوطني‘. بدلاً عن ذلك، أعلنت المجموعة المقاتلة عن نيّتها في إقامة دولة إسلامية في حلب. شهد هذا البيان رفضاً واسعاً من قبل أفرادٍ كُثُر في المعارضة السورية، لكن أبو عدنان يقول أن جماعته سوف تتابع القتال لتحقيق ذلك. «هؤلاء في المنفى يظنّون أننا نخيف الغرب وأوروبا إذا كنّا دولة إسلامية. نحن لسنا دولة إسلامية الآن، فماذا قدّمت هذه الدول خلال السنة وتسعة أشهر المنصرمة؟ لماذا لم يقدّم الغرب أيّ شيء للثورة خلال سنة وتسعة أشهر؟»

قال أبو عدنان أنّ الأقليات ليس لديها ما تخشاه من دولة كهذه. تابع أبو عدنان قائلاً أنّ «جار النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يهوديّاً. من لم يظلم أو يشترك في إيذاء الناس له حقوقه واجباته المحفوظة». ولكن أولئك الذين تلطّخت أيديهم بالدماء، سواء من الأقليات أو غيرها، سوف لن يروا الرحمة. دافع أبو عدنان عن عدد من مقاطع فيديو نُشرت مؤخراً وفيها ما يُظهر أحد أفراد ’جبهة النصرة‘ يطلق النار على موالين غير مسلّحين للنظام. قال أبو عدنان: «لقد احتجزناهم، نظمناهم في صفوف ثم قتلناهم. كانوا مقاتلين يحاربوننا. هذا هو الإرهاب إذاً، لكنّنا ننسى أن هناك دولة بأكملها قامت بإرهاب شعب لمدة ٤٠ سنة؟».

قال أبو عدنان بأنّ ’جبهة النصرة‘ عموماً كانت تضبط نفسها. «العديد من الأشخاص المطلوبين من قبلنا، الذين لدينا حسابات لتصفيتها معهم، وهم أناس مهمون جداً موجودون الآن في تركيا في مناطق قريبة من الحدود، ويمكننا الوصول إليهم بسهولة. سيكون ذلك سهلاً جداً علينا لكننا لن نفعله، ومع ذلك لا زالوا يلقبوننا بالإرهابيين. نحن نحارب في سوريا، ثمّ من نحارب؟ قوات الأمن، ’الشبيحة‘ (عصابات موالية للنظام مصنّفون أيضاً كإرهابيين من قبل الولايات المتحدة) وأولئك الذين يساعدون النظام».

بالتزامن مع وقت إعلان خطط لإقامة دولة إسلامية في حلب، شرعت ’جبهة النصرة‘ ببذل جهود إغاثية في أحياء المدينة المتمركزة فيها، ساعيةً لتعزيز وجودها ضمن المجتمع المحلي، بالرّغم من مفارقة أنّ معظم مقاتليها، كالعديد من المجموعات الثورية التي تعمل في حلب، ليسوا من المدينة. لقد قامت بتوزيع مساعدات ضرورية كالبترول والمازوت والدقيق للمخابز. قال أبو عدنان: «إننا نبقي سعر الخبز بقيمة 15 ليرة (حوالي 21 سنتاً أميركيا)، وهو ما كان سعره الحقيقي»، وأضاف بأنّ المخالفين ستتم معاقبتهم وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. (أيضاً، ’جبهة النصرة‘ تجنّبت حتى الآن سقوط ضحايا عشوائيين من المدنيين).

هذا ليس للقول بأنّ ’جبهة النصرة‘ ليس لديها نقّاد لاذعون، خاصةً ضمن دوائر الثوار. فبالإضافة إلى منتقديها من المدنيين، العديد من المقاتلين ذوي التوجه العلماني يشعرون بالقلق من المحافظة الاجتماعية للجماعة، لكنّهم يصرّون على أنّ النسخة المتزمّتة من الإسلام التي تقدمها الجبهة لن تلقى أرضاً لها في سوريا ما بعد الأسد. هؤلاء المقاتلون غالباً ما يقولون بأنّهم سوف «يتعاملون» مع المجموعات المحافظة مثل ’جبهة النصرة‘ لاحقاً، لكنّهم يحتاجونهم في الوقت الحالي من أجل القتال ضد الأسد. يرى ثوار آخرون أنّ ’جبهة النصرة‘ هي مجموعة جهادية عابرة سوف تنتقل إلى جبهات خارجية كما في أفغانستان أو غزة بعد سقوط الأسد.

ابتسم أبو عدنان ساخراً عندما طلبت منه أن يعلّق على آراء كهذه، لا سيّما من جانب مقاتلين زملاء سنّة، حيث صرف الحديث عنهم بقوله أنهم «مغسولو الدماغ». وكرّر أنّ «فكرة أننا منظمة عالمية وأن لدينا هدفاً آخر في غير مكان بعد سقوط النظام ليست صحيحة». بعاطفة قال: «نحن سوريون». أقرّ أبو عدنان بأنّ «لدينا أيضاً أجانب قدموا من دول أخرى، لكن ذلك»، كما فسّره، «سببه أن الجروح في الأرض العربية هي الجرح نفسه، والظلم هو الظلم نفسه».