شكّلَ قطّاعُ الاتصالات تحدياً كبيراً للمؤسسات الناشئة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، شمالي سوريا، بعد سنواتٍ من انقطاع الاتصالات عنها، ما دفع جهاتٍ محلية للبحث عن بدائل لتخديم المنطقة بشبكات الاتصال عن طريق شركات محلية وأخرى أجنبية، حتى بات واحداً من أكثر القطاعات الجاذبة للاستثمار، وسوقاً تنافسياً بين الشركات المحلية والتركية العاملة بريف حلب.
ورغم أهمية القطّاع بالنسبة للمدنيين، كان تدّخلُ «المؤسسات» التابعة لأطراف عسكرية أو للحكومات المُعاِرضة المُتشكّلة حديثاً في هذا المجال محدوداً، واقتصر على إصلاح بعض أبراج التغذية، والإشراف على تمديد خطوط الاستجرار عن طريق القطاع الخاص الذي يحتكر مجال الاتصالات دون تشكيل مظلةٍ رسميةٍ لعمل هذه الشركات والوسطاء، مع شبه غياب للقوانين الناظمة وعدم وجود مشاريع مستقلة توفّر الخدمة للسكان دون أن ترتبط بالشركات التركية؛ المزود المباشر للشبكات المنتشرة في مناطق سيطرة المعارضة.
تؤكّد ذلك إحصائيات صادرة عن مركز عمران للدراسات حول التعافي الاقتصادي المبكر في مناطق سيطرة المعارضة، إذ تُظهر غيابَ المشاريع المُتعلّقة بخدمة الاتصالات عن مناطق أرياف حلب خلال النصف الأول من العام الجاري، واقتصارها على 17 مشروعاً يشمل مدن شمال غربي سوريا عموماً منذ عام 2018.
لمحة عامة عن القطاع
قبل الحديث عن قطاع الاتصالات في أرياف حلب الشمالية والشرقية، لا بد من المرور على واقع الاتصالات في سوريا، والتغيُّرات التي طرأت عليه خلال سنوات الحرب في مختلف المناطق السورية. فمع استمرار هيمنة مخدمي الاتصالات سيريتل وMTN على القطاع بالشراكة مع المؤسسة السورية للاتصالات في مناطق سيطرة النظام، تبدّلت المصادر التي اعتمد عليها السكان خارج مناطق سلطته؛ بدايةً من الاعتماد على شبكة الاتصالات الدولية «الثريا»، ثم الانتقال لاستخدام شبكات الدول المجاورة مثل فودافون الأردنية في الجنوب السوري، و كورك العراقية في مناطق من الجزيرة السورية، وتوركسل وتورك تيلكوم التركيتين شمال غربي سوريا وعدد من المناطق الحدودية مع تركيا في أقصى الشمال الشرقي.
فيما لجأ السوريون إلى استخدام الإنترنت الفضائي مع بدايات العمل المُسلّح وحتى عام 2020، الذي شهد صدور قراراتٍ تمنع استخدامه وتحصر الخدمة بالمزود الضوئي المغذي لمناطق شمال غربي سوريا، ثم تبعتها المناطق الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية في شهر نيسان (أبريل) عام 2019، التي حصرت الخدمة أيضا بمزود روجافا سيل (RCELL)، وهي شركة اتصالات أنشأتها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بالاعتماد على خط الإنترنت العراقي، ومنعت استعمال خطوط الإنترنت التركية.
ونتيجة سنوات الحرب، لحقت خسائر كبيرة بقطاع الاتصالات طالت بنيته التحتية من مقاسم وأبراج تغذية هوائية وشبكات اتصال سلكية ولاسلكية، ليؤدي ذلك إلى تَوقُّف الخدمة عن مساحاتٍ واسعة من البلاد، وبلغت الخسائر 500 مليار ليرة سورية عام 2019، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الاتصالات في حكومة النظام ورئاسة مجلس الوزراء، وكان سعر صرف الدولار الأميركي حين صدرت هذه الأرقام أقل من 600 ليرة مقابل الدولار الواحد.
رصيد منزلي وآخر محمول
يقوم عماد بتعبئة رصيدٍ شهري لإعادة شحن خطه التركي الذي يستخدمه للتواصل الاجتماعي وفي عمله في محلٍّ لبيع المواد الغذائية في مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي. يقول إن الإنترنت «صار من أساسيات العيش في المنطقة، خاصةً وأن الغالبية يضطرون إلى الابتعاد عن مكان سكنهم للعمل، ما يجعلنا مضطرين لشحن هواتفنا برصيد الشبكة التركية التي تُعتبر الشبكة الوحيدة المتوفرة في المنطقة لنبقى على تواصلٍ مع بعضنا البعض». يدفع عماد مئة ليرة تركية شهرياً مقابل إعادة شحن خط هاتفه المحمول الذي يوفر له 500 دقيقة اتصال و 6 جيجا إنترنت، إضافةً إلى دفع 7 دولارات أميركية لاشتراك الإنترنت المنزلي الشهري. ويُشير إلى أن خدمة الإنترنت المحلي «شبه معدومة في المناطق العامة، ما يجعلنا مضطرين إلى الخطوط التركية التي تعتبر من أساسيات التواصل وجهة الربط الوحيدة بين مناطق الشمال السوري».
صارت تكاليف الإنترنت، بحسب عماد، من الأحمال والأعباء الزائدة التي فرضتها الأوضاع المعيشية وحالة الانقسام بين سوريا والشتات التي تعيشها معظم الأسر السورية، خاصةً وأنّ «قيمة الاشتراك تغطي مصروف أسبوع تقريباً من مصاريف العائلة». يضيف عماد: «لكن تَحوُّلَ الإنترنت إلى ضرورة كبقية الأساسيات التي يصعب الاستغناء عنها، وحَلَّه لمشكلة التواصل العائلي وغيرها من المشاكل وتوفيره مساحة ترفيه للأسرة والأطفال، جعلنا نتغاضى عن مصاريفه».
خدمة الإنترنت في أرياف حلب
يمكن تقسيم مراحل التطور ونمو قطاع الإنترنت والاتصالات في أرياف حلب الشمالية والشرقية إلى مرحلتين: الأولى تتمثّل بالإنترنت الفضائي الذي بدأ استخدامه مطلع عام 2012، من خلال مخدّمات hughes وidirect، إضافةً إلى Tooway الأكثر شيوعاً، واقتصر استخدام هذه المُخدِّمات بداية الأمر على العاملين في المجالات العسكرية والإنسانية والإعلامية، ومثّلَ هذا النوع من الاتصالات «الحل الآمن» نسبياً، في ظل انقطاع شبكة الشركات المحلية أو رقابة أجهزة النظام الأمنية عليها.
لكن ومع غياب شركات الاتصال المحلية وتزايد حاجة السكان للاتصالات، بدأت مشاريع صالات الإنترنت بالانتشار، والتي تُوفِّرُ الخدمة عن طريق الشبكات الفضائية داخل الصالة، قبل استقدام أجهزة البث wifi وتمديد خطوط dsl من تركيا إلى الداخل السوري، وتوسُّع انتشارها لتشمل المنازل والأزقة والمراكز العامة، لتكون مُقدِّمةً لمرحلة جديدة في قطاع الاتصالات شمال غرب سوريا عموماً، وأرياف حلب الشمالية والشرقية على وجه الخصوص.
بُعيد انتهاء عملية «درع الفرات» العسكرية التي قامت بها تركيا وفصائل الجيش الوطني المدعوم من قبلها للسيطرة على مدينتي جرابلس والباب شرق حلب، وضمّهما إلى مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي، شهد القطاع قفزةً كبيرةً؛ إذ وقّعَ المجلس المحلي لمدينة جرابلس اتفاقيةً مع شركة so net لخدمات الإنترنت من أجل تمديد خطوطٍ لتخديم المدينة عن طريق كابلات ألياف ضوئية قادمة من تركيا عام 2018.
وقُسّمت قيمة الباقات حينها إلى حزمتين؛ الأولى بسرعة 16 ميغا في الثانية بمبلغ 13 دولار أميركي شهرياً، على أن يدفع المشترك 70 دولار لمرة واحدة، تتضمن رسوم تمديد الكوابل والتفعيل وقيمة الموزع المقدم من قبل الشركة؛ أما الثانية فكانت بسرعة 24 ميجا برسوم 220 دولار مسبقة الدفع لمدة سنة كاملة، على أن يكون سعر الباقة الشهري بعدها 10 دولارات تدفع بشكل دوري بعد نهاية السنة الأولى من تمديد وتغذية الشبكة الخاصة بالمستخدم، وذلك بحسب تقرير أورده موقع عنب بلدي. بينما أخذت الشركات المحلية والوسطاء زمام المبادرة في تغذية بقية مدن أعزاز والباب وعفرين ومارع، مستفيدين من التسهيلات التركية وسماحها باستيراد المعدات اللوجستية والأجهزة وإدخالها إلى الأراضي السورية.
تَوسُّع شبكة الانترنت
شهد العام 2019 طفرةً في أعداد الشركات العاملة في قطاع خدمة الإنترنت في أرياف حلب الشمالية والشرقية، وقارب عددها 300 شركة ووسيط بحسب إحصائياتٍ تقريبية حصلت عليها الجمهورية.نت من أصحاب الشركات العاملة في المنطقة، والتي مثّلت مرجعاً لهذه الأرقام في ظل غياب الإحصائيات الرسمية نظراً لعملها كجزرٍ معزولة في كل مدينةٍ من ريف حلب. وأكد أبو أديب، وهو مالكُ شركةٍ لخدمة الإنترنت في مدينة الباب، على أن الشركات المحلية، وفور إعلان فصائل المعارضة السيطرة على مدن الباب وجرابلس، بدأت بتخديم المنطقة بالإنترنت عن طريق اللواقط الهوائية (الدش بحسب تعبيره)، ثم انتقلت إلى خدمة الكابلات الضوئية القادمة من تركيا بنظام عقودٍ سنوية موقعة مع شركاتٍ تركية وبإشراف مكاتب الولايات التركية والمجالس المحلية.
يضيف أبو أديب: «بعد تحرير مدينة الباب من تنظيم داعش، كانت خدمة الإنترنت شبه غائبة عن المدينة، بسبب احتكار التنظيم للمجال وحصره في بعض الصالات العاملة تحت إشرافه المباشر، فاضطررنا إلى شراء معدات وتجهيزات كاملة تعتمد على اللواقط الهوائية الُمرسِلة والُمستقبِلة مرتفعة التكاليف، إذ بلغت قيمة تجهيز اللاقط الواحد بين 2500 إلى 3000 دولار أميركي، وبلغت التكاليف التي دفعتها شركتي وحدها أكثر من 85 ألف دولار أميركي».
ولكنّ هذه التجهيزات لم يَعُد من الممكن العمل بها بعد إعلان المجلس المحلي لمدينة الباب في حزيران (يونيو) 2020 إيقاف العمل بنظام الاتصالات اللاسلكية، وحصر الأمر بكابلات الألياف الضوئية المُستجرّة من تركيا، لأسبابٍ أرجعها أبو أديب «إلى المظهر الجمالي للمدينة ورفع مستوى جودة الخدمة، إضافةً إلى أسباب أمنية ومستوى سلامة وأمن الاتصال التي توفرها الكبلات»، فقامت الشركة التي يملكها أبو أديب بتأسيس بنيةٍ تحتيةٍ جديدة لتسهيل دخول المُخدِّم الجديد.
يشير أبو أديب إلى تجاوز عدد الشبكات، في مدينة الباب وحدها، حدود التسعين شبكة حتى مطلع عام 2022 الماضي، تُقدّم خدماتها لأكثر من 300 ألف مشترك، فضلاً عن توفيرها أكثر من 500 فرصة عمٍل بمتوسط رواتب يبلغ 2000 ليرة تركية، ما يجعلها ضمن الأعلى أجراً في المنطقة بحسب قوله.
بنية تحتية مُعدّة مسبقاً
يوضّح المهندس التقني العامل في ريف حلب الشمالي محمد عبد الله، أن نحو 80 بالمئة من شركات الإنترنت العاملة في أرياف حلب الشمالية والشرقية تعتمد على الكبل الضوئي الُمستجَر من تركيا، بينما لا تزال تتمسّك بقية الشركات باستخدام الهوائيات المرسلة والمستقبلة في الأبراج. ويقول إن البنية التحتية للكبل الضوئي موجودة مسبقاً، وتم تمديدها من قبل النظام السوري في المدن الرئيسية لأرياف حلب الشمالية والشرقية عن طريق تمديد الخطوط الضوئية بأنابيب تحت الأرض، تتفرّع إلى صناديق حديدية خارجية (ريكارات) مُعلّقة على جدران المنازل وأعمدة الكهرباء، وتتصل ببقية المدن بخطوط دفينة، وتعد المراكز البريدية في كل مدينة نقطة تشغيل للكبل.
ويضيف: «منذ عام 2011 وحتى عام 2019، كانت المجالس المحلية وجميع الشبكات والشركات المحلية تعتمد على الهوائيات اللاسلكية في تغذية أرياف حلب الشمالية والشرقية بالإنترنت، عدا مدينة أعزاز التي دخلها الكابل الضوئيالألياف الضوئية أو البصرية (Optical Fiber) هي أليافٌ شفافة مرنة مصنوعة من الزجاج النقي أو البلاستيك، وتستخدم في الاتصالات الضوئية لما تتميز به من قدرة على البث لمسافات بعيدة، وبمعدل نقل بيانات أسرع من كابلات الأسلاك التقليدية، وتستخدم عوضاً عن الأسلاك المعدنية لتقليل مخاطر فقدان الإشارات، على اعتبار أنها محصنة ضد التداخلات الإلكترو-مغناطيسية التي تعاني منها الأسلاك المعدنية. من تركيا في وقتٍ مبكر من عام 2015، ضمن مشروع هوا نت التابع للحكومة المؤقتة ومجلس محافظة حلب الحرة». ويشير المهندس إلى أن الشركات المحلية والتركية بدأت عام 2018 بتمديد خطوط ضوئية متفرّعة من الكبل الرئيسي الموجود في مدينة أعزاز نحو مدينة الباب، بعد القيام بإعادة ترميم البنية التحتية وتوصيل الخطوط المقطوعة بكابلات جديدة ضمن مراكز المدن، فضلاً عن تخديم القرى المحيطة التي غابت عنها مشاريع النظام السوري.
فروقات واضحة
إضافةً إلى قرار المجالس المحلية منع خدمة الإنترنت اللاسلكي عام 2020، كما أشرنا سابقاً، فقد شكّلت جودة الخدمة التي يوفرها الكابل عاملاً مساهماً في توجه معظم الشركات المحلية لاستخدامه. يشرح المهندس عبد الله عن أهم هذه الفروق قائلاً: «بداية، كان الاعتماد على الانترنت اللاسلكي، الذي يعمل من خلال تنصيب هوائيات مُرسِلة في الأراضي التركية ويقابلها هوائيات مُستقبِلة في سوريا، مجرّد حلٍّ إسعافي لأزمة الاتصالات، فرضها الحذر والتخوف من حالة الانفلات الأمني والفوضى وعمليات القصف المستمرة التي كانت تعيشها المنطقة، والتي جعلت أصحاب الشركات يتغاضون عن مشاكله وأعطاله المستمرة وتأثُّره بالعوامل المناخية، من ضباب ورياح وأمطار، التي كانت تضعف جودته».
أما الكابل الضوئي، فقد حلّ هذه المشاكل باعتباره مقاوماً للعوامل المناخية وخطاً مباشراً للإنترنت، فضلاً عن السرعة الفائقة في عملية نقل البيانات وجودة الاتصال غير المتقطّعة، ولسهولة الحصول على خدماته مع توافر البنية التحتية التي سهّلت الأمر وجعلته مقتصراً إلى حد كبير على حزم التزويد التي يتم استجرارها عن طريق الشركات التركية. ويشير المهندس إلى أن أرياف حلب الشمالية والشرقية تستخدم كابلاً ضخماً جداً، يزيد أضعافاً كثيرة عن حاجة المنطقة، إذ يتألف من 36 كور (شعيرة)، بينما يتم استخدام 4 شعيرات فقط لتغذية مدن ريف حلب، كل شعيرة قادرة على نقل حزمةٍ بحجمٍ يتراوح بين 80 إلى 100 جيجا، وهي الحزمة التي تغذّي أرياف حلب بشكل فعلي.
تطور واحتكار
رغم النقلة التي حققها دخول الكابل الضوئي إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة في ريف حلب، فقد ساهم في تصاعد الخلافات بين الشركات المُرخَّصة في تركيا والمستثمرين المحليين الذين يتهمون هذه الشركات بالعمل على احتكار القطاع، وذلك بتسهيلٍ من قبل المجالس المحلية التي تفرض شروطاً مجحفة لإخراجهم من المنافسة. فمع وصول الكابل الضوئي، عمل المستثمرون الأتراك على منع الشركات المحلية من استقبال التيار عن طريق الهوائيات المتصلة بالأبراج التي تبثّ الإنترنت من المرتفعات التركية، وحصره بالكابل الضوئي الذي تسيطر على حزمه شركة محددة، بحسب صاحب شركة محلية في مدينة الباب فضَّلَ عدم الكشف عن اسمه خشية تعرضه لمضايقات الشركة.
ويضيف مالك الشركة: «بعد قرار المجلس المحلي منعَ العمل بالمستقبلات اللاسلكية، بدأنا العمل على تجهيز البنية التحتية وإنشاء شركةٍ خاصةٍ ضمن المدينة حصلتْ على ترخيصٍ من قبل المجلس المحلي، وبموجبها تمت الموافقة على عمليات الحفر وتمديد الكابلات الضوئية، التي كانت تجري بالتزامن مع قيام شركة تركية تحمل اسم توليب جروب بتجهيز بنيةٍ تحتية خاصةٍ بها، قبل أن نُفاجأ بإيقاف مديرية الكهرباء والاتصالات لترخيصنا ومنعنا من العمل»، وقد استطعنا الحصول على نسخةٍ من إيقاف العمل الذي وصل إلى هذه الشركة المحلية.
ويُضيف مالك الشركة: «إلغاء الترخيص جاء بذريعة رفض ولاية عنتاب العمل، حيث أكدت على أن مشروع الشركة التركية ستستفيد منه جميع الشركات دون احتكاره من جهة محددة، وهو ما أكده المجلس المحلي ومديرية الكهرباء والاتصالات التي رفضت مشروعاً قديماً كُنّا قد قدمناه ويعتمد على تجهيز كابلات هوائية (فوق الأرض) رغم موافقة الأمانة العامة للمجلس عليه».
بالفعل، حصرت الشروط التي وضعها المجلس المحلي لمدينة الباب العملَ ضمن مناطقه بالشركات التركية الحاصلة على تراخيص وأذون استخدامِ وحفرِ البنية التحتية للكابل الضوئي داخل الأراضي التركية. الأمر الذي اعتبره أصحاب الشركات، ومنهم أبو إبراهيم (اسم مستعار لمالك إحدى الشركات)، مجرد مراوغةٍ لحصر القطاع بالشركات التركية فقط. لكن أحد أعضاء المجلس المحلي لمدينة الباب، فضّلَ هو أيضاً عدم الكشف عن اسمه لعدم امتلاكه الإذن بتقديم تصريحات صحفية، أوضح أن الشروط لا تقتصر على الشركات التركية، بل الشركات التي تملك تراخيص عمل داخل الأراضي التركية.
وأضاف عضو المجلس المحلي: «إن المركز الرئيسي لخطوط الكابلات الضوئية ومزودها بحزم الإنترنت موجود في تركيا وعن طريق شركات الاتصال التركية، وبالتالي فإن غياب تراخيص عمل شركات الإنترنت في تركيا وعدم قدرتها على إصلاح الأعطال والتمديد والحفر يؤدي إلى مشاكل وقطع للخدمة عن الداخل السوري، وهو ما نُحاول تَجنّبه من خلال اختيار الشركات الموفرة لجميع شروط العمل واستمرار تقديم خدمة الإنترنت».
وأشار عضو المجلس المحلي إلى أن الأوضاع الحالية التي تَفرضُ على الشمال السوري الاعتمادَ على الجانب التركي في تلبية المشاريع الخدمية، ومنها قطاع الاتصالات، تجعل من خيارات المؤسسات الخدمية المحلية ضيقة جداً، و«تفرض على المجلس المحلي التغاضي عن بعض الأمور والمشاكل مقابل استمرار توفير الخدمات كما هو الحال مع قطاع الاتصالات».
لكن أبو إبراهيم صاحب الشركة المحلية لا يتفق مع كلام عضو المجلس المحلي لمدينة الباب، معتبراً أن «التضييق كان تمهيداً لتقديم المجلس عقد احتكار لصالح شركة تركية واحدة، وحصر القطاع بالمستثمرين الأتراك فقط وتحويل الشركات المحلية إلى شبكات فرعية ومكاتب جباية». ويضيف: «مع انتهاء أعمال تجهيز البنية التحتية، تفاجأنا بتوقيع المجلس المحلي للباب عقدَ احتكار مع شركة توليب جروب التركية، وفق بنودٍ لا تراعي مصالحنا إطلاقاً، لتحتكر شركة توليب البنية التحتية في المناطق التي تشغّلها، وهي المناطق الرئيسية وذات الكثافة السكانية العالية، والتي تغطي نحو 80 بالمئة من منطقة الباب».
طبيعة العقود الاحتكارية
البند 11 من العقد المُوقَّع بين شركة توليب جروب والمجلس المحلي لمدينة الباب، والذي حصلت الجمهورية.نت على نسخةٍ منه، يُعطي الشركة المؤسِّسة للشبكة الجديدة الحق التشغيلي، وذلك «لمنع أكثر من عملية حفر داخل المدينة»، على أن يستخدم منفّذ المشروع نصف الخط لحاجته وتأجير النصف الآخر للشركات المحلية، مقابل رسوم تبلغ 250 ليرة تركية شهرياً لكل شعيرة، وعلى أن يتم إجراء محاضر التأجير بإشراف مديرية الكهرباء والاتصالات.
يعتبر أبو إبراهيم أن المبالغ المفروضة على الشركات المحلية مرتفعةً جداً ولا يمكن لها التعامل معها، خاصةً وأن الشركة التركية المنافسة تقوم بتخفيض سعر الباقات بهدف الضغط عليهم لتسليم زبائنها وشبكاتها في المنطقة بحسب قوله: «تغطي الشعيرة 8 صالات تقريباً بقدرة تخديم 16 سبلت مزوِّد لنحو 128 زبوناً، وبالنسبة إلى شركتنا فإننا بحاجة 15 شعيرة، ما يعني دفعنا مبلغ 3750 ليرة تركية شهرياً كرسوم إيجار، وبالتالي زيادة التكاليف على الزبون بنحو 40 ليرة، إضافةً إلى 23 ليرة تركية سعر حزمة الإنترنت من فئة 8 ميغا، لتكون التكلفة 63 ليرة، نبيعها بسعر 70 ليرة للزبون، ما يجعلنا عاجزين عن توفير الأرباح اللازمة للاستمرار وتوفير أجور العمال والموظفين ضمن الشركات».
ويضيف: «نواجه ضغوطاتٍ من قبل الشركات التركية برفع السعر بذريعة ضرائب المجلس، وبنفس الوقت نحن مجبرون على بيع الحزم بأسعار منافسة وقليلة للموزعين بسبب المنافسة مع شركة توليب التي تريد احتكار القطّاع ضمن مدينة الباب وتقدم خدماتها بسعر 70 ليرة للباقة أيضاً».
تأسست شركة توليب جروب بعد فضّ شركة إير ماكس، التي يمتلكها المستثمر السوري اسماعيل الحسن، شراكتها مع شركة فيغا نت التركية التي يمتلكها المستثمر التركي بيادير، التي صار اسمها توليب جروب وتسيطر على قطاع الإنترنت في معظم مناطق ريف حلب الشرقي.
تضييق على الشركات المحلية
لا يختلف الوضع في بقية مدن ريف حلب عن مدينة الباب، إذ تعاني الشبكات وأصحاب الشركات المحلية في مدينة عفرين أوضاعاً مشابهة. وفي 15 من شهر أيلول (سبتمبر) عام 2021، أعلن المجلس المحلي لمدينة عفرين عن اتفاقٍ مع شركة وطن تيليكوم، نصّ على تزويد عفرين ومناطقها بخدمة الإنترنت عبر تقنية الألياف الضوئية. ودعا المجلس، في بيانٍ نشره على معرّفاته الرسمية، أصحابَ الشركات إلى مراجعته للحصول على ترخيص مزاولة المهنة للاستمرار بالعمل، محذراً من إيقاف الشركات غير المرخصة والمخالفة أصولاً.
وقوبل إعلان المجلس بانتقاداتٍ من قبل مزودي شبكات الإنترنت في عفرين، الذين حذّروا من احتكار شركةٍ واحدة للقطاع وارتفاع تسعيرته، بينما وصفه آخرون «بعملية احتيال على الشبكات المحلية التي يعود لها فضلُ توصيل الألياف إلى المدينة». ويوضح أبو خليل، صاحب شبكةٍ محليةٍ في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، للجمهورية.نت، أن الشركات التركية التي دخلت المنطقة «لم تقدّم أي جهدٍ يُذكر، إنما اعتمدت على أعمال الشركات المحلية التي قامت بإعادة تأهيل البنية التحتية في عفرين مقابل تزويدها بحزم وباقات الإنترنت من قبل الشركة التركية المرخص لها من قبل شركة توروكسل العملاقة في تركيا».
ويضيف أبو خليل: «بعد عمليات التشويش التي واجهتها الهوائيات المُغذّية لعفرين، جرى الحديث بين الشركات المحلية لتمديد كابل ضوئي يخدّم المدينة، ومعها جرى التواصل مع شركة Kapsam net المرخّص لها بتخديم الداخل السوري بالإنترنت، وتمّ الاتفاق على تجهيز البنية التحتية وإصلاح الخطوط من قبلنا، مقابل تقديم الشركة باقات الإنترنت بسعر 15 ليرة للميجا الواحدة». مشيراً إلى وجود البنية التحتية والكابل الضوئي في عفرين مُسبقاً، وقد تم توصيله من قبل مؤسسات النظام السوري، ولكن بسبب عمليات السرقة والتخريب التي لحقت بالتجهيزات، قامت الشركات المحلية، بموجب الاتفاق مع الشركة التركية، على توصيل الخطوط المقطوعة وتركيب خطوط بديلة وتهيئة بنية تحتية مناسبة عوضاً عن البنية التي جهزها النظام، وإيصال الكابل من مدينة أعزاز إلى مركز بريد عفرين بحسب الاتفاق.
بعدها، واجهت عملية التشغيل معوقاتٍ ورفضاً من قبل المجلس المحلي لعفرين بسبب وجود شركة تركية تحمل اسم سما نت تُخدّم المدينة بالإنترنت، ما دفع المزودين الأتراك إلى الاتفاق على تأسيس شركة جديدة تحمل اسم وطن، وذلك بحسب ما قاله أبو خليل للجمهورية.نت، الذي أضاف بأنّ شركة سما نت «كانت قد حصلت على قبول أولي من مجلس عفرين المحلي لتمديد كابل ضوئي من معبر الحمام بريف عفرين وصولاً إلى جنديرس ومنها إلى مدينة عفرين، وبسبب هذه المشكلة توصل الطرفان إلى تأسيس شركة وطن التي احتكرت القطاع وقامت بالتضييق على الشبكات والشركات المحلية، وهو ما يناقض الاتفاق الموقع بينها وبين الشركات المحلية».
شركات رئيسية
من جانبه، نفى المدير الإداري لشركة وطن تليكوم في منطقة عفرين، محمد كربوج، احتكار الشركة لقطاع الانترنت، موضحاً في حديثه للجمهورية.نت أن شركة وطن «هي اتحاد شركتي Hat net وKapsam net التركيّتين، وأن الجهتين تُعتبران المزود المباشر للإنترنت في عفرين وأرياف حلب، وهما مُرخَّصتان لدى ولاية هاتاي جنوب تركيا المحاذية لعفرين، وبالتالي فإن كل شبكة تعمل في مجال الإنترنت تحصل على الحزم والباقات من خلال شركتنا».
وشركة وطن هي المسؤولة حصراً عن تجهيز البنية التحتية في المنطقة وتأهيلها، بعد حصول الشركتين على تكليف من الحكومة التركية لتأهيل وتجهيز مشروع الأكبال الضوئية. وبحسب كربوج أيضاً، فإن الشركتين «تستجرّان الإنترنت عبر الأكبال الضوئية بشكلٍ رسمي ومرخص، عوضاً عن الإنترنت اللاسلكي الغير شرعي بالنسبة إلى الحكومة التركية، وعليه فإن عملنا الحالي يعتبر قانونياً عبر الألياف الضوئية».
لكنّ محمد العلي، صاحب شبكة محلية في عفرين، أشار إلى أن دخول شركة وطن إلى السوق المحلي ومحاولتها السيطرة على الصالات والشبكات المحلية بعد هيمنتها على الخطوط الضوئية واحتكار الحزم التي تبيعها شركات الاتصالات التركية، قد تعدى مرحلة الاحتكار ووصل مرحلة الهيمنة والتهام السوق. ويضيف: «يفترض بالشركات التركية تقديم تسهيلات وعروض تخفيضات لأصحاب الشبكات والمستخدمين، لا أن تفرضَ عليهم التعامل معها حصراً، وترفعَ من تسعيرة الباقات دون وجود شركة منافسة أخرى، مع منع الشركات المحلية من الحصول على خطوط وباقات خاصة».
ويشير العلي إلى أن شركة وطن «تمارس ضغوطاتٍ عليهم للتخلي عن مُشتركيهم والشبكات التي يزودونها بالإنترنت، والسيطرة على السوق بشكل مباشر، الأمر الذي يؤدي إلى خسارة المئات لعملهم». ولفتَ إلى أن شركته تؤمّن أكثر من 40 فرصة عملٍ ثابتة بمتوسط راتب شهري يبلغ 2200 ليرة تركية، في حين تؤمن باقي الشركات والشبكات العاملة في عفرين، والتي يتجاوز عددها المئة، أكثر من 1000 فرصة عمل، معتبراً أن استمرار سياسة التضييق من قبل شركة وطن التركية «يعني خسارة الجميع لأعمالهم في المستقبل القريب».
هل تمنع الحكومة التركية الاحتكار!
يرى مَن تحدثَّتْ إليهم الجمهورية.نت من أصحاب الشركات والشبكات المحلية في أرياف حلب الشمالية والشرقية، ومنهم محمد العلي، أن مكاتب الولايات التركية «ترفض احتكار شركة واحدة لقطاع الاتصالات في المنطقة»، وهو ما جعلها في رأي العديدين منهم تُوافق على دخول مجموعة من الشركات مثل Kapsam net و Hat net و tulip group إضافةً إلى شركة فيغا نت وسما نت إلى شمال سوريا الخاضع للنفوذ التركي، إلا أنهم يشتكون من ممارسات هذه الشركات، واصفينها بـ«المحتالة».
ويُعلّق محمد العلي بالقول: «تُقدّم الولايات التركية التراخيص لأكثر من شركة باستخدام وحفر وتجهيز بنية تحتية خاصة بالكابلات الضوئية في الأراضي التركية لتخديم مدينة أو قطاع في الداخل السوري، وكل ولاية حسب المنطقة التي تتبع لها، إلا أن الاحتكار يبدأ مع دخول هذه الشركات إلى سوريا، خاصة وأن كل شركة تملك ترخيصاً وميزات مختلفة عن الشركات الأخرى». ومثالٌ على ذلك، بحسب العلي، فإن شركة Kapsam net تحتكر ترخيص الحزم والباقات التي تقدمها شركة توركسل التركية، فهي الطرف الوحيد المُزوِّد لأرياف حلب بحزم الإنترنت، والتي تبلغ 100 ميغا تُوزَّع على مدن ريف حلب الشمالي والشرقي، بينما تحتكر شركات أخرى مثل Hat net عملية تأسيس واستخدام البنية التحتية، وبالتالي فإن المستثمرين الأتراك ينظرون إلى الشركات السورية كمنافسين لهم لا متعاونين، وقد بدؤوا العمل على التخلص منّا».
لا يتوافق كلام العلي مع عدم وجود بيئة مُساعِدة على الاحتكار نابعة أساساً من التراخيص الصادرة عن إدارة الولايات التركية أو الشركات التركية العملاقة داخل حدود تركيا، فلولا الميزات الاحتكارية التي تُمنَح أساساً للشركات التركية، لما انعكس هذا الاحتكار داخل الأراضي السورية بالاستفادة من هذه المزايا.
ما مسؤولية الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف؟
يُحمّل أصحاب الشركات السورية الحكومةَ السوريةَ المؤقتة مسؤولية الفوضى التي يعيشها القطاع وسيطرة المستثمرين الأتراك عليه، بعد سيطرة «المستشارين» الأتراك على قرار المجالس المحلية وعدم تحرُّكهم لتغيير هذا الواقع أو تحسينه. وهو أمرٌ يتفق معه الباحث الاقتصادي المختص باقتصاد الشمال السوري عبد الرحمن أنيس، الذي اعتبر أن وضع قطاع الاتصالات الحالي يمثل امتداداً لحالة العشوائية التي تعيشها القطاعات الاقتصادية والحيوية في مناطق سيطرة الحكومة المؤقتة. ويوضح أنيس أن الحكومة المؤقتة «جهةٌ لا تختلف عن كثيرين يعملون ضمن القطاعات الاقتصادية والحكومية في ريف حلب، إلا أن طريقة عملها وعدم قدرتها على إدارة الشؤون الحكومية والسيطرة على المجالس، جعلها ضعيفة جداً ولا ترقى حتى إلى مستوى المجالس المحلية». ويرى أنيس أن ضعف الحكومة المؤقتة أدى إلى غياب القرار الوطني «ما جعل الجانب التركي هو الجهة المتحكمة بمختلف المفاصل المعيشية والأمنية والاقتصادية، ومنها قطاع الاتصالات، الأمر الذي أتاح الفرصة للمتنفّذين من المشرفين أو المستثمرين الأتراك في الداخل السوري وحلفائهم، خاصةً الجهات العسكرية، بالسيطرة على المؤسسات الربحية واحتكارها بقوة السلاح وسلطة القرار».
ويؤكد أنيس على أن المشكلة بدأت مع خسارة مجلس محافظة حلب مشروعَ الكابل الضوئي الذي أطلقه عام 2015، وقد كان أحد المتابعين للمشروع باعتباره مشرفاً اقتصادياً ضمن الحكومة المؤقتة سابقاً، مشيراً أن مشروع الحكومة المؤقتة كان يغذّي مدينة أعزاز والأجزاء التي تسيطر عليها فصائل المعارضة داخل مدينة حلب ذلك الوقت، قبل قيام مجلس منطقة الراعي عام 2017 بالسيطرة على المشروع وتغذية المنطقة لحساب المجلس. ويضيف: «جميع العقود الموقعة حالياً بين المجالس المحلية والشركات التركية والمحلية جرت في حالة غير صحية، إذ يُفترض أن يكون القطاع سيادياً يُدار من قبل الحكومة المؤقتة بشكلٍ مباشر أو بتكليف لمجلس محافظة حلب الحرة، وتأسيس شركة اتصالات حكومية تعمل على مبدأ التشاركية بين القطاعين العام والخاص لمنع عمليات الاحتكار وتقوية الشركات السورية التي توفّر عشرات فرص العمل للمقيمين في المنطقة».
ويشير أنيس إلى أن مشكلة قطاع الاتصالات هي جزءٌ من أزمة متفاقمة تعاني منها «المؤسسات الحكومية» في ريف حلب، يتمثل جذرها في غياب السلطة والقرار الوطني القادر على إدارة المنطقة وتقديم فُرصٍ للكفاءات المتواجدة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
بدوره، لم ينفِ محمد سعيد سليمان، وزير الإدارة المحلية والخدمات في الحكومة المؤقتة، خلال حديثه للجمهورية.نت أن تهميش دور الحكومة المؤقتة «يُعدّ السبب المباشر في حالة الفوضى التي يعيشها قطاع الاتصالات الذي تسيطر عليه المجالس المحلية». ويضيف: «لا يوجد تفعيل حقيقي لدور الحكومة المؤقتة، ما أدى إلى استمرار المشاكل التي يمكن حلّها عن طريق السماح للحكومة المؤقتة ووزاراتها ومؤسساتها بتسلّم أمور المنطقة وتسييرها»، مشيراً إلى أن قطاع الاتصالات وغيره من القطاعات، «يعاني أزماتٍ شائكة سببها تحجيم دور الحكومة» بحسب تعبيره.
تقول السطور السابقة الكثير عن غياب القوانين الناظمة لعمل قطاع وشركات الاتصالات في أرياف حلب الشمالية والشرقية، وعن الحاجة لوجود مظلةٍ حقيقة تكون مرجعاً لحل النزاعات بين الشركات والمستثمرين في المنطقة. ومن دون إجراء تعديلاتٍ مباشرة وعميقة على هذا القطاع الحيوي وذي الربحية العالية، فإن الواقع الاستثماري وجودة الخدمات سيبقيان تحت أثر أزماتٍ عميقة تَحول دون النهوض بالمنطقة، وهو ما يدفع ثمنه بالمحصلة المستهلك النهائي المستفيد من الخدمة والعاملون الأكثر ضعفاً في هذا القطاع من السوريين.