يعني الوصول إلى سن التقاعد بداية مرحلةٍ جديدةٍ في حياة الناس تعقبُ مشواراً طويلاً في سوق العمل. وتُحدِّد القوانين، في الكثير من دول العالم، هذه المرحلة في سنٍّ يتراوح بين 60 و65 عاماً. نحاول في هذا النص الدخول إلى حياة ثلاثة متقاعدين-ات سوريين وصلوا إلى أوروبا قبل سنواتٍ قليلة، ليس بمحض إرادتهم تماماً، ولكن نتيجة التهديدات التي طالت حياتهم وحياة مَن حولهم، أو بعد أن باتوا وحيدين في بيوتهم فقرروا اللحاق بأبنائهم وبناتهم في دول اللجوء، وثمة منهم مَن بقي يقاوم الخروج من بيته رغم الأسباب السابقة، فأُرغِمَ على ذلك نتيجة الضغوط التي مورست عليه من أفراد أسرته بدافع الخوف عليه.
وتشير آخر الأرقام الصادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تموز (يوليو) 2022 إلى وجود 6.8 مليون لاجئ-ة سوري-ة حول العالم، وفي الاتحاد الأوروبي تحلّ ألمانيا في مقدمة الدول المُضيفة مع وجود 620 ألف سوري-ة. ورغم تقديرات المفوضية لنسبة «كبار السن» عند 4 بالمئة من إجمالي اللاجئين حول العالم، فلا توجد تقديرات رسمية عن نسبتهم بين اللاجئين السوريين.
مثلَ أي شريحةٍ عمريةٍ أخرى، تواجه هذه الفئة تحديات الاستضافة والتأقلم وتعلّم اللغة والاندماج في المجتمع الجديد، مع ما ينطوي على ذلك من صعوبات نفسية وفيزيولوجية ومادية، قد تكون أعباؤها مضاعفةً مع التقدم بالسن، إذ تنشأ تغيرات تتعلق بطبيعة المهارات التي يمكن للإنسان تعلمها، وهو ما تشرحه منشورات هارفرد للصحة التابعة لكلية الطب في جامعة هارفرد الأميركية، التي تعزو ذلك لتقلّص بعض أجزاء الدماغ، لا سيما غمد ميالين (عبارة عن مادة تحيط بالألياف العصبية وتحميها)، فيؤدي ذلك إلى حدوث تباطؤ في سرعة الاتصال بين الخلايا العصبية، مما قد يؤثّر على إمكانية تخزين معلومات جديدة في الذاكرة، أو استعادة معلومات مخزنة سابقاً.
الانتقال إلى الهامش
«ليس سهلاً على شخصٍ عاملٍ ومتعلمٍ في بلده أن ينتقل للعيش في هامش بلدٍ ومجتمعٍ آخر»، بهذه العبارة أجابت السيدة أم نور (70 عاماً) عن سؤالنا عن صعوبات تجربة الاندماج التي خاضتها في فرنسا.
وصلت أم نور إلى منفاها الأوروبي للّحاق بابنها الوحيد الذي اضطر لمغادرة سوريا لأسباب سياسية، ومنذ وصولها وجدت أن الطريق الأمثل للاندماج هو تعلّم اللغة الفرنسية: «عندما مشيتُ في باريس ولم أستطع قراءة اللوحات في الشوارع أو الكلام مع الناس، شعرتُ بأنني جاهلة. كان ذلك قاسياً جداً، لأن مهنتي في سوريا كانت التعليم. تعتقد الحكومات في أوروبا أننا نحتاج فقط إلى الرعاية الصحية والمسكن، ولكننا نحتاج أيضا للتعلّم، ويمكن أن يكون لدينا القدرة على المساهمة في هذا المجتمع. للأسف، العديد من الجمعيات والبلديات التي قصدتها بهدف تعلّم اللغة قالت لي إن أولوية التعليم للشباب». لم يَرُق هذا الجواب لأم نور التي أصيبت بخيبة أملٍ نتيجة اعتقادٍ مسبق كان لديها عن «وضع أفضل للمتقاعدين واحترام لرغبتهم بالحياة الجديدة» كما تصف، غير أن ذلك لم يمنعها من متابعة البحث عن فرصة للتقدم في اكتساب اللغة الفرنسية.
أما في ألمانيا، فقد حظي أبو ضياء (٦٤ عاماً) على فرصةٍ لتعلّم اللغة، لكنه لم يتمكن من إحداث التطور المأمول، وهو يعتقد أنّ على الحكومة الألمانية «تخصيص صفوفٍ للمتقاعدين»، فهو لم يتمكن من مجاراة الوتيرة السريعة للدورات المكثفة المخصصة للاجئين.
أبو ضياء صناعيٌّ من مدينة حلب، غادر للبحث عن مستقبلٍ أفضل لأولاده، وأملاً في أن تُتاح لهم فرصة الحصول على شهاداتٍ علمية عالية، وهو أمرٌ في طور التحقق كما يقول، غير أن العقبة الأساسية التي واجهته هي إمكانية العمل، إذ لم يتمكن من العمل إلا لفتراتٍ قصيرةٍ بمعية أصدقاء سوريين، وكان العائق لغوياً بالدرجة الأولى.
تتوافر في فرنسا وألمانيا دوراتٌ مجانية لتعليم اللغة للاجئين، وهي تنقسم إلى قسمين: الأول عن طريق الحكومة والثاني بواسطة الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية. في فرنسا تُلزم قوانين اللجوء الواصلين حديثاً بمئتي ساعة من تعلم اللغة الفرنسية بمجرد حصولهم على أوراق الإقامة، وهو ما يكفي نظرياً للوصول إلى مستوى المهارات الأولية والأساسية A2، وتحصل عليها الفئات العمرية جميعها. بعد ذلك يقع العبء الأكبر على الجمعيات والمؤسسات غير الحكومية، كما تقدم بعض البلديات صفوفاً للّغة الفرنسية بأسعار رمزية. ولكون فرنسا ذات تجربة أقدم من ألمانيا في استقبال اللاجئين والمهاجرين، تنتشر عشرات الجمعيات التي تُقدّم دورات لغة مجانية، خصوصاً في العاصمة باريس، وفي واحدةٍ منها بدأت أم نور طريقها نحو المستوى الثالث (B1) في اللغة الفرنسية.
«لم يكن تعلُّم اللغة حاجةً ماسةً فقط، بل هو نشاط اجتماعي يخرجني من المنزل ويجعلني ألتقي بالناس»، تقول أم نور التي بدأت دراستها للفرنسية من تعلم الأحرف الأبجدية، غير أنّ حصولها على أول شهادة رسمية لم يكن نتاج الحضور في دروس اللغة فقط: «كنت أقضي حوالي عشر ساعات يومياً في تعلّم اللغة؛ ساعتان في الدرس والباقي عبر يوتيوب. نظمتُ أوراق ودفاتر للقواعد واستخدمت تطبيقات مثل دوولينجو وغيرها». بعد شهرين من بدء التعلّم انتقلت أم نور إلى المستوى الثاني، وفي نهاية الدورة طلب منها الأستاذ أن تتقدم للامتحان المعياري الرسمي، وفي سنة دراسية واحدة حصدت شهادة A2 باللغة الفرنسية.
بالألمانية لم تسر الأمور على الشكل نفسه مع أبو ضياء، الذي توقف عن الذهاب إلى دورات اللغة بسبب إيقاعها السريع، لكنه وجد طريقاً آخر لممارسة نشاطٍ خارج المنزل عبر قريبٍ له افتتح محلاً لبيع الألبان والأجبان: «هذا العمل ساعدني في حياتي الاجتماعية، ولكن للأسف لم تتطور لغتي الألماني لأن الزبائن كانوا عرباً وأكراداً، فلم أستخدم الألمانية».
فرصة عمل بعد الستين!
الحصول على فرصة عمل قد يكون أكثر تعقيداً من الوصول إلى دورات تعلّم اللغة، فسوق التوظيف في أوروبا مفتوحٌ نسبياً للشباب والشابات في بدايات مسيرتهم-ن المهنية، وتتراجع الفرص عند الوصول إلى سن الأربعين أو الخمسين دون وجود مستوىً لغويّ متقدم، فماذا عن أولئك الذين اقتربوا من سن التقاعد؟
في ظل قلة فرص العمل يستفيد اللاجئون المتقاعدون من الدعم الحكومي، ويعاملون معاملة العاملين خارج فرنسا ووصلوا إلى سن التقاعد. وتحصل هذه الشريحة في فرنسا مثلاً على مخصص شهري تقاعدي عند الحد الأدنى: 980 يورو، وهذا حال السيدة أم نور التي تقول إنه لا يتبقى لها من هذا المبلغ بعد سداد إيجار المنزل والفواتير الأساسية سوى مئتي يورو لتكاليف المعيشة.
لا يختلف كثيراً وضع مَن هم في مثل حالة أم نور ممن يقيمون في ألمانيا، ولكن المُختلِفَ بالنسبة لأبو ضياء هو أنه يحصل على الدعم له ولزوجته ولابنته المراهقة التي لا زالت تعيش معهم في المنزل، ويكفي هذا الدعم لثلاثة أشخاص، بالإضافة إلى تعويضات السكن، لسداد الاحتياجات الأساسية للأسرة.
تتابع اليوم أم نور دراسة المستوى الثالث، في حين يقضي أبو ضياء يومياته في تدبّر أمور العائلة والمنزل وبعض التواصل مع الأقارب بعد أن انتهت فرصة العمل المؤقتة، ولا يختلط أيٌّ منهما مع المجتمع المضيف. لكنّ أم فاضل (70 عاماً) وتعيش في إحدى دول الاتحاد الأوروبي (رفضت ذكر أي تفاصيل عن مكان إقامتها خوفاً على أبنائها كما تقول) قد كوّنت صداقةً ودودةً مع جارها: «أعيش لوحدي وظروفي الصحية منعتني من تعلّم اللغة، لكن الدافع البشري للتواصل جعلني أتمتم ببضع كلماتٍ مع جاري، وهو صديقي الوحيد هنا. نتواصل بالحدود الدنيا، ولكن إذا مرّ يومان أو ثلاثة أيام دون أن يراني، فهو لا يتردد بطرق الباب للاطمئنان على أن كل شيء يسير على ما يرام». وصلت أم فاضل إلى أوروبا لأنّ أولادها هاجروا إلى هنا منذ سنواتٍ طويلة، وهي متقاعدةٌ من إحدى المؤسسات الحكومية في مدينة دمشق.
تخبرنا أم فاضل عن كيفية مجيئها إلى أوروبا: «أقنعني ولدي بزيارته لمدة شهرٍ واحد، لكنّ هذا الشهر أصبح الآن خمس سنوات. لم أحب هذه البلاد أبداً. هي نظيفة ومنظّمة وآمنة، لكني ما زلتُ أحنّ إلى منزلي وحارتي في دمشق». ما تواجهه أم فاضل ليس الغربة فحسب، بل الوحدة، فهي بعيدة حتى عن أولادها الذين «اضطُرتهم ظروف عملهم للسكن على مسافةٍ بعيدةٍ منها»، وتقول إن حياتها «كحياة أي سيدةٍ سوريةٍ تحافظ على اليوميات، فكل يوم خروج للتسوق وإعداد الطعام حتى لو كنت بمفردي».
أم نور على الضفة الفرنسية لديها نشاطاتٌ أكثر، وسبب ذلك وجود مجموعة من الصديقات السوريات اللواتي تعرفت عليهنّ في باريس، في حين تقول أم فاضل إن الوضع تغيّرَ كثيراً، وإنها لم تعد تثق بالناس، ودفعتها الغربة إلى أن تتقوقع على ذاتها أكثر: «بعد التسوق والطبخ قد أنشغل بمشاهدة بعض بالمسلسلات». أم نور لديها هي الأخرى عادات مشابهة: «في اليوم الذي لا أذهب فيه إلى درس اللغة الفرنسية، أنهي أولاً طبختي، وفي الكثير من الأحيان أصنع بعض المقبلات المنزلية كالحُمّص والمتبّل والمحمّرة وأقوم بتخزينها، كما أتابع عدداً من المسلسلات التركية والعربية. حالياً أشاهدُ مسلسل ‘ستيليتو’». أما أبو ضياء، ولكون أولاده أصغر عمراً، فما يزال منشغلاً بتفاصيل حياتهم، خصوصاً ابنته الصغيرة التي تستعد لامتحانات الثانوية العامة الألمانية هذه السنة.
على عتبة العودة؟
بُعدُ الأولاد وغياب الأحفاد والأصدقاء يدفع أم فاضل بين حينٍ وآخر للتفكير بحجز تذكرة للعودة إلى سوريا، وفي عددٍ من المرات حجزت بالفعل تذاكر السفر ثم ألغت الفكرة في اللحظات الأخير. هي لم تذهب إلى هناك منذ أن وصلت إلى أوروبا، ولا تريد العودة للاستقرار في دمشق: «سوريا لم تعد تشبه نفسها أو تشبهني. كلُّ ما أسمعه من جيراني مخيف، ولن أستطيع العيش وحيدةً في هذا السنّ. ولكني لستُ متأقلمةً مع الحياة هنا في أوروبا».
أم نور لديها أيضاً ما يمنعها من العودة إلى سوريا: «أمي لا تزال على قيد الحياة، وجميع إخوتي معها هناك. لكنّ الحياة في سوريا مستحيلة، ولا يمكن ترك البلاد التي تؤمن لك الرعاية الصحية والحياة الكريمة للعودة إلى طوابير الخبز والغاز، خصوصاً في هذا السنّ. ولكني أنتظر الفرصة التي أتمكن فيها من زيارة سوريا ورؤيةِ أمي». من جهته، يستبعد أبو ضياء العودة إلى حلب، فهو منشغلٌ بمستقبل أولاده، خصوصاً أن الذكور منهم مطلوبون للخدمة الإلزامية في جيش النظام.
أحلام!
ليس ثمة اليوم آفاق كثيرة أمام أم نور وأم فاضل وأبو ضياء بحسب ما يقولون، وربما يمثّل ذلك انعكاساً لحياة آخرين من الشريحة العمرية نفسها للاجئين السوريين في أوروبا، مما يفتح السؤال على الأحلام: هل ما تزال هناك أحلام مؤجلة؟ وهل تحقق البعض منها في أوروبا؟ أم أنها صارت جميعاً من الماضي؟
جاءت الإجابات على سؤال الأحلام بابتساماتٍ عريضةٍ تبدو متماثلةً على الوجوه. تقول أم نور: «كنتُ أقول لأولادي إنهم سيتزوجون جميعاً، أما أنا فسوف أعيش في بيتي لوحدي، وسأملأ الثلاجة بما لذّ وطاب، ومَن يريد زيارتي عليه أن يحجز موعداً مسبقاً». لكنّ أم نور تعيش حالياً، وبشكلٍ دائم مع ابنها المقيم في فرنسا، وتتنقل لزيارة بناتها المقيمات بين فرنسا وتركيا.
أبو ضياء كان في الماضي يطمح لتوسيع معمله في حلب وإشراك ضياء وإخوته في العمل: «كنت أودُّ الذهاب صباحاً للمعمل، ومن ثم أرتاح بعد الظهر وأترك للأولاد إدارة مشروع العائلة. ذهب معملي والحمدلله على كل شيء».
يعترف أبو ضياء وأم نور بأن الحياة قد خذلتهم، ولكن تعاطيهم مع هذا الخذلان يغلب عليه التسليم بما آلت إليه أوضاعهم، بخلاف أم فاضل التي يبدو عدم الرضا واضحاً في كلامها، ولعلّ منبع ذلك الوحدة التي سبق لها الحديث عنها: «كنت أخطط للاهتمام بالأحفاد ورؤية عائلتي تحيط بي بجوٍّ من السلام. كانت سوريا جميلة، والحياة فيها ممتعة مع الأهل والأقارب بغض النظر عن واقع البلد».
يحاول المتقاعدون السوريون في منفاهم الأوروبي حجز أماكن لهم في المجتمع الجديد، ولا شك بوجود من حصلوا، ولو جزئياً، على ما يطمحون إليه بينهم، لكن الأكثرية قد تعثّرت خطواتهم بسبب قلة الفرص وعوائق اللغة والاندماج أو لاعتباراتٍ صحيةٍ ونفسية. وبالرغم من كون العديد منهم يعيشون بشكلٍ أفضل من أقرانهم الذين بقوا في سوريا، إلا أن الكثيرين ما تزال عيونهم معلقةً على توقيت دمشق، ولو اقتصر ذلك على قبرٍ صغيرٍ في مسقط الرأس.
في هذا السياق، أطلقت المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة حملة مناصرة لجمع التبرعات للاجئين ممن تجاوزوا ستين عاماً، وتصدّرت الحملة سيدةٌ سورية تجاوزت 100 عام اسمها «سعدة». وقال موقع المفوضية إن سعدة رفضت أن تغادر سوريا مع تصاعد العمليات العسكرية، وتابعت الروتين اليومي لحياتها قبل أن تصبح منطقتها ضمن المناطق المستهدفة. أصرّت سعدة على البقاء في البلاد، ولم تخرج إلا بعد أن قطع لها حفيدها وعداً بأنه سوف يحمل جثمانها ويعود به إلى سوريا لتُدفن في أرض وطنها.
نلاحظ من خلال حديث أم فاضل أن هذا السؤال يشغلها، ولكنه يقع ضمن نقاشٍ ذاتي يتعلق بقرار العودة إلى سوريا من عدمه: «لا أحد لي في سوريا. إن متُّ هناك فمن سوف يهتم بخَرْجتي الأخيرة. يعيش أولادي في أوروبا، وهم مجبرون على القيام بطقوس الدفن وواجب العزاء».
الثلاثة لم يترددوا بالإجابة بنعم على سؤال: «هل كانت سوريا قاسية عليكن-م؟»، ولكن يبدو من كلامهم أن قسوتها هذه لم تغيّر من مشاعرهم تجاه المكان الذي ولدوا فيه، على الأقل حين يتعلّق الأمر ببيوتهم وذكرياتهم وتفاصيلهم الصغيرة والحنونة والأكثر حميميةً. لدى أم نور ابنٌ فرنسي، وابنٌ آخر تركي، ولأبو ضياء أبناء ألمان، فيما أبناء إخوته أصبحوا أتراكاً ومن جنسياتٍ أخرى. جيلان مختلفان حتى على صعيد الهوية والمكان من العائلة نفسها: إلى أين ستقودهم الأيام؟ إلى وطن الآباء والأمهات القديم، أم إلى وطن البنات والأبناء الجديد؟ هل ثمة مكانٌ في المنتصف؟