تتجه أرياف حلب الشمالية والشرقية الخارجة عن سيطرة النظام نحو أزمة خدمية عميقة، بدأت بوادرها بـ«احتجاجات الكهرباء» المتواصلة منذ مطلع العام 2022 الجاري، التي كشفت ضعف مؤسسات الحوكمة المحلية في إدارة الملف الخدمي، وسطوة الشركات الخاصة على مجالات خدمية عدّة. يُهدّدُ هذا الواقع ما تمَّ إنجازه من مشاريع تنموية ساهمت بتذليل جزء من الصعوبات التي يواجهها سكان المنطقة خلال السنوات الماضية، فيما تكثف الفعاليات المدنية الضغط للحد من تفرد المجالس المحلية بسلطة القرار المدني بعيداً عن أي مرجعية أو محاسبة وطنية، وذلك بعد تحميلها الجزء الأكبر من المسؤولية عن الخلل في هذا المجال.
بعد مضي قرابة خمس سنوات على سيطرة فصائل «الجيش الوطني» بدعمٍ من الجيش التركي على مساحات كبيرة من أرياف حلب الشمالية والشرقية، لاتزال المنطقة تواجه العديد من المشكلات المركبة. ورغم وفرة المشاريع التي أطلقتها المجالس المحلية لدعم القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والماء والاتصالات، ورغم توقيع عقود مع شركات محلية وتركية لتأمين الخدمات الأساسية، غير أن الوضع الخدمي ظلَّ يشكل هاجساً كبيراً بالنسبة للسكان والسلطات المحلية التي تزايدت الانتقادات الموجهة لها، بما في ذلك اتّهامها بالفساد والفشل في إيجاد حلول مستدامة.
وقد عملت المجالس المحلية والمؤسسات المدنية في المنطقة على إرساء قواعد الاستقرار وفق منظور ونطاق ضيق، إذ تَركَّزَ اهتمامها على توفير بدائل عاجلة للأزمات، لتتحول مع الوقت إلى حلول مستدامة تزيد من حجم الأعباء المادية على السكان، وهو ما ظهر مع أزمة الكهرباء الأخيرة التي بينت عجز المجالس عن حل المشكلة، وكشفت إشكالية العقود الموقعة مع شركتي (AK Energy) و(STE Energy) التركيتين لتوريد الطاقة الكهربائية إلى أرياف حلب.
وبلغ إجمالي عدد مشاريع التعافي الاقتصادي المبكر المنجزة في أرياف حلب الشمالية والشرقية خلال النصف الثاني من عام 2021 الماضي 347 مشروعاً، بواقع 45 في المئة من إجمالي المشاريع التي شهدتها مناطق شمال غرب سوريا الخارجة عن سيطرة النظام التي تشمل أرياف حلب ومنطقة إدلب، من بينها 24 مشروعاً خاصاً بقطاع الكهرباء، شملت ترميم وإصلاح أعمدة وشبكة الكهرباء وتركيب أعمدة وكابلات كهربائية، ونصب أعمدة إنارة تعمل على الطاقة الشمسية، وذلك بحسب تقرير صادر عن مركز عمران للدراسات حول التعافي الاقتصادي المبكر في مناطق سيطرة المعارضة للنصف الثاني من العام 2021.
جذور المشكلة
قبل الحديث عن وضع قطاع الكهرباء في أرياف حلب الشمالية والشرقية المكتظّة بالسكان المحليين والنازحين والمهجرين من مختلف المناطق السورية، والذين يقدر تعدادهم بأكثر من مليوني نسمة يعيش معظمهم في المخيمات الحدودية، لا بد من المرور على واقع المؤسسات وآلية تقاسم السلطة وإدارة هذه المناطق بين المجالس المحلية من جهة والحكومة السورية المؤقتة ومجلس محافظة حلب الحرة من جهة أخرى.
بعد انتهاء العمليات العسكرية التي سيطرت بموجبها فصائل سورية وقوات تركية على مدينتي الباب وجرابلس وأريافهما عام 2017، ثم العمليات التي أفضت إلى سيطرة الجهات نفسها على مدينة عفرين وريفها عام 2018، تم تشكيل مجالس محلية في المدن والبلدات التي تمت السيطرة عليها، وانضمت المدن الثلاث وأريافها إلى مدينة اعزاز، لتتضاعف المساحة التي كانت تخضع إدارياً وخدمياً للحكومة السورية المؤقتة ومجلس محافظة حلب الحرة. إلا أن سلطة هاتين المؤسستين ظلت رمزية في أغلب المناطق، وبالمقابل، توسعت صلاحيات المجالس المحلية التي تحظى بدعم وإشراف تركي مباشر، مكَّنها من الهيمنة على قرار المنطقة وسمح لها بتوقيع عقود في مختلف المجالات مع شركات تركية ومحلية، فضلاً عن استقلاليتها في المشاريع التي تشمل ملف النازحين والتعافي الاقتصادي المبكر دون الرجوع للحكومة السورية المؤقتة أو مجلس محافظة حلب الحرة.
وما سمح للمجالس بلعب هذا الدور الاستقلالي هو إلحاق عملها بالولاية التركية الأقرب إليها، إذ تشرف ولاية عينتاب التركية على عمل المجالس المحلية لمدن الباب وجرابلس والمجالس الفرعية لمناطق قباسين وبزاعة والغندورة، أما ولاية كلِّس التركية فتشرف على عمل مجالس مدينة اعزاز وبلدات مارع وأخترين وصوران، فيما تتبع عفرين ومجالسها لولاية هاتاي (أنطاكيا)، ويشرف على عمل هذه المجالس مستشارون أتراك يحملون صفة «مساعد والي»، بينما يتبع مجلسا تل أبيض في ريف الرقة ورأس العين في ريف الحسكة لولاية أورفا التركية.
توفير الكهرباء
مع توسّع مناطق سيطرة فصائل المعارضة بريف حلب وتوافد آلاف المهجرين إليها، شكَّلَ توفير الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء، ضرورة ملحة بالنسبة للسكان، خاصة بعد ارتفاع تكاليف الحصول على التيار الكهربائي من خلال الطرق البديلة كالمولدات والبطاريات والأمبيرات. وقد أُرغمَ الأهالي على هذه البدائل جرّاء الدمار الذي لحق بالمرافق وشبكات توصيل الكهرباء ونتيجة تعمّد النظام السوري حرمان هذه المناطق منها، حيث وصل سعر الأمبير الواحد في مدن مثل الباب واعزاز إلى سبعة دولارات شهرياً، الأمر الذي أرهق السكان وكبَّدَ التجار وأصحاب الورش خسائر كبيرة، وجعل من عملية توفير الكهرباء بأسعار مقبولة تحدياً أمام المجالس المحلية للمنطقة.
وفي نيسان (أبريل) عام 2018، وقَّعَ المجلس المحلي لمدينة اعزاز أول عقد لتوريد الطاقة الكهربائية إلى مناطق ريف حلب مع شركة (AK Energy) لمدة عشر سنوات، تتعهد الشركة بموجبه بتغذية المدينة باستطاعة 30 ميغا واط، بتكلفة تجهيز للبنية التحتية تقدر بنحو 7 ملايين دولار أميركي، لتطوى معها مرحلة كهرباء الأمبيرات في أرياف حلب تباعاً.
وبعد أربعة أشهر من توقيع محلي اعزاز عقد استجرار الكهرباء، تبعه المجلس المحلي لمدينة الباب بتوقيع عقد مماثل مع الشركة ذاتها (حصلنا على نسخة من العقد من مصادر خاصة، تجدونها على هذا الرابط)، تتعهد فيه الشركة بإيصال الكهرباء إلى مدينة الباب ومناطق قباسين وبزاعة وكامل ريف المدينة، إلا أن عملية التشغيل تأخرت حتى شهر آذار (مارس) عام 2019. تبعها مجلس مدينة جرابلس الذي وقَّعَ أيضاً مع الشركة ذاتها بعد قطع الخط الكهربائي التركي الذي كان يغذي المدينة لثماني ساعات يومياً بشكل مجاني.
الجدير ذكره، أن شركة (AK Energy) التركية لتوليد الطاقة الكهربائية تم تأسيسها عام 2017 في ولاية كلِّس التركية، وتعود ملكيتها للسوري ابراهيم خليل وثلاثة شركاء أتراك، وهي غير شركة (AKENERJİ) العاملة في تركيا منذ عام 1989 كما أورد موقع عنب بلدي.
وفي نيسان (أبريل) عام 2019، وقعت المجالس المحلية لكل من مارع وصوران وأخترين عقوداً مع الشركة السورية التركية (STE Energy)، ثم تبعها المجلس المحلي لمدينة عفرين الذي وقَّعَ في شهر كانون الثاني (يناير) عام 2020 عقداً مع الشركة نفسها. وتأسست شركة ( STE Energy) لتوريد الطاقة الكهربائية على يد رجال أعمال سوريين يعملون في مجال الانترنت والمقاولات، وعملت سابقاً في مجال تمديد الأمبيرات، ثم تطورت لاحقاً إلى شركة لتوريد الكهرباء من تركيا.
وبعد توقيع العقود قامت شركات الكهرباء بتركيب عدادات الكترونية للمشتركين بسعر 300 ليرة تركية، إضافة إلى رسوم الاشتراك التي تُدفَع لمرة واحدة وتبلغ 150 ليرة، بينما يتم شحن البطاقة بمئة كيلو واط لأول مرة، وكانت عملية التعبئة تتم مقابل 150 ليرة تركية قبل أن تشهد ارتفاعات مستمرة.
وحُدِّدَ سعر كيلو واط الساعي عند توقيع العقود التي تمتد لعشر سنوات بـ 85 قرش تركي، إلا أن السعر شهد زيادات متتالية حتى وصل مؤخراً إلى 2.45 ليرة تركية، الأمر الذي أدى إلى اشتعال الاحتجاجات ضد شركات الكهرباء والمجالس المحلية في أرياف حلب.
انفجار في وجه شركات الكهرباء
تشهد مناطق الريف الحلبي تظاهرات متواصلة منذ مطلع العام الجاري احتجاجاً على رفع أسعار الكهرباء التي وصلت إلى 2.45 ليرة تركية للكيلو واط، وعلى زيادة ساعات التقنين من قبل الشركتين المذكورتين أعلاه. وقد عمّت موجة المظاهرات الأخيرة التي بدأت مساء الجمعة 3 حزيران (يونيو ) مدن عفرين ومارع واعزاز والباب وجرابلس، وهي لا تزال مستمرة حتى الآن بشكل متقطع في مدن وبلدات عدة.
كشفت احتجاجات الكهرباء التي شهدتها مدن ريف حلب الشمالي أخيراً وصول الأزمات التي يعاني منها السكان مرحلة الانفجار، في ظل تردي الخدمات المأجورة مقابل ارتفاع فواتيرها المستمر، الأمر الذي يعكس واقع السكان والتحديات اليومية التي يواجهونها في سبيل تغطية نفقاتهم المعيشية.
محمد الحسن هو مُهجَّر من مدينة حلب، يعمل في ورشة لتصليح السيارات في مدينة الباب شرق حلب بأجر يومي لايتعدى 60 ليرة تركية، وقد أكَّدَ على أن «الاحتجاجات لم تكن فقط ضد تسعيرة الكهرباء، رغم مشروعيتها بسبب الاستغلال وجشع الشركة الذي فاق الاحتمال، بل كانت ضد الأوضاع التي نعيشها بشكل عام».
ويقول الحسن في حديثه مع الجمهورية: «استيقظتُ على نفاد شحن بطاقة الكهرباء وفراغ خزان المياه، ومعها سلّة من المتطلبات المنزلية ومستلزمات خاصة بطفلي الرضيع، في حين لم يكن يتجاوز مافي جيبي الثلاثين ليرة تركية وهي لاتكفي حتى لشراء وجبة الغداء، بينما نحن بحاجة إلى حوالي 250 ليرة لإعادة شحن بطاقة الكهرباء، ما يعني أن عائلتي ستنتظر لأسبوع على الأقل من أجل تعبئة الكهرباء».
ويبلغ معدل استهلاك الأسرة من التيار الكهربائي وسطياً نحو 150 ميغا واط شهرياً، أي ما يعادل نحو 350 ليرة، حيث تقوم معظم العائلات بشحن البطاقة الالكترونية مسبقة الدفع مرتين شهرياً، بينما يبلغ المعدل الوسطي للأجور في المنطقة نحو 1000 ليرة تركية شهرياً، مايعني أن ثلث المرتب يذهب لتوفير التيار الكهربائي، وهو ما يفسّر توسّع نطاق الاحتجاجات الأخيرة.
تَضرُّر أصحاب المحال التجارية
وانعكس ارتفاع تسعيرة فاتورة الكهرباء التي بلغت 4.5 للكيلو واط التجاري والصناعي، وزيادة ساعات التقنين التي تجاوزت في بعض الأحيان العشر ساعات، على أصحاب المصانع والمحال التجارية والمشاريع الصغيرة، الذين لحقت بهم خسائر كبيرة نتيجة تلف المواد.
كما توقفت معظم المصانع عن العمل بسبب أزمة الكهرباء الأخيرة، وارتفاع تكلفة الحلول البديلة المتمثّلة بالمولدات، وهي أيضاً لا تكفي لسد الحاجة المطلوبة من الكهرباء لتشغيل جميع الآلات، الأمر الذي أدى إلى تسريح أكثر من 60 عاملاً من معمل البلاستيك في منطقة الراعي الصناعية.
أبو أحمد هو صاحب محل لبيع المواد الغذائية في مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي، أوضح في حديثه للجمهورية أن خسائره بلغت نحو 5000 ليرة تركية، في حين لا يتجاوز رأس مال دكّانه العشرة آلاف، بعد أن فسدت جميع السلع التي تحتاج إلى تبريد. يقول: «لم يعد أمام الناس سوى المظاهرات والنزول إلى الشارع، خاصة وأن عمل المجلس المحلي في المدينة صار محصوراً بتقديم “إبر بنج” للناس وتعشيمهم بالوعود بتحسن وضع الكهرباء وخفض التسعيرة، لكن أياً من هذه الوعود لم يُنفَّذ. الجميع هنا تخلّوا عن المولدات وألواح الطاقة الشمسية بعد توافر الكهرباء، لكن ومنذ شهرين تقريباً بدأت ساعات التقنين بالزيادة لتصل أحياناً إلى 12 ساعة يومياً، ما تسبب بخراب المواد المُجمَّدة والمعلبات والآيس كريم التي تحتاج إلى كهرباء دائمة لتشغيل البرادات. أما في حال إعادة العمل على المولدات فإن التكلفة سترتفع علينا، ولن نكون قادرين على العمل بسبب غلاء المحروقات».
تُفسّر هذه المعطيات الغضب الزائد خلال المظاهرات الأخيرة وما رافقها من أعمال شغب أدت إلى حرق عدة مكاتب ومقار لشركة (STE Energy) في مناطق مارع وجنديرس وعفرين، إضافة إلى اشتعال النيران داخل مبنى المجلس المحلي لمدينة عفرين، ما أدى إلى وفاة المدني هلال توفيق احتراقاً بعد أن حاصرته النيران، ومقتل متظاهر يدعى أبو خديجة الديري وإصابة العديد من المتظاهرين على يد الشرطة العسكرية.
وقال الدفاع المدني في بيان نشره السبت 4 حزيران (يونيو) الماضي، إن فرقه استجابت لحرائق مرافق عامة في مدينتي عفرين ومارع شمالي حلب، وانتشلت جثة مدني توفي حرقاً داخل مبنى المجلس المحلي لمدينة عفرين وأسعفت أربعة مصابين، اثنان أُصيبا بطلقات نارية (توفي أحدهما صباح اليوم التالي) والآخران تعرّضا لحالة اختناق.
التشكيك في المظاهرات
ومع الإقرار بأحقية مطالب المحتجين وإعلان مختلف الفعاليات المدنية والعسكرية وقوفها إلى جانبهم، إلّا أن الاحتجاجات لم تَخلُ من التشكيك في عفويتها والحديث عن وجود مندسين وعناصر تخريبية فيها، خاصة وأن التظاهرات جاءت بالتزامن مع حديث الجانب التركي عن عملية تركية جديدة محتملة في سوريا، وأيضاً مع حالة التصعيد بين فصائل «الجيش الوطني» وهيئة تحرير الشام.
ولكن بالإضافة إلى التشكيك ذي الدوافع السياسية، تحدّث كثيرون عن ملثمين مجهولين قاموا بأعمال تخريب أو محاولات تخريب في مظاهرات عدة فعلاً. ويؤكّد الصحفي السوري المقيم في ريف حلب مالك أبو عبيدة إنه كان هناك فعلاً عناصر تخريبية في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدينة الباب، إلا أنه في الوقت ذاته أشار إلى أن هذه العناصر كانت تتبع لفصيلٍ منضوٍ تحت راية «الجيش الوطني». يقول: «خلال الوقفة الاحتجاجية التي جرت في مدينة الباب، وصل عناصر ملثمون يقارب عددهم السبعين تقريباً بسيارات دفع رباعي وترجلوا تاركين أسلحتهم، وفور وصولهم حاولوا اقتحام مقار شركة الكهرباء والمجلس المحلي لتخريبها، حيث جرى التصادم معهم لمنعهم من القيام بأي أعمال تسيء إلى المتظاهرين بالدرجة الأولى، وأيضاً تؤدي إلى إلحاق الخسائر بالمؤسسات الحكومية، خاصة بعد محاولتهم إحراق المقار وهو الأمر الذي منع المتظاهرون حصوله، لتقتصر أعمالهم على تكسير بعض الأثاث».
يضيف أبو عبيدة: «بعد انتهائهم من عمليات التخريب قام أحد العناصر بإخبارنا أن مهمتهم انتهت، ليتبيَّنَ فيما بعد أنهم يتبعون لفصيل عسكري تابع للجيش الوطني، قام بإرسال عناصره للتخريب بسبب وجود مشاكل بينه وبين الشركة التركية التي تغذّي المنطقة».
اتفاق بانتظار التنفيذ
بالمقابل، قطعت شركة (STE Energy) التيار الكهربائي بشكل كامل عن مدن وبلدات مارع وصوران وعفرين وأخترين والأرياف التابعة لها خلال الاحتجاجات، بذريعة إجرائها إصلاحات وصيانة للشبكات المتضررة التي أحرقها «المخرّبون والارهابيون» على حد وصفها للمحتجين في بيان لها قبل أن تقوم بسحبه.
وبعد الضغوط التي تعرضت لها الشركة، واجتماع مسؤولي المجلس المحلي لمدينة عفرين وممثلين عن «لجنة ردّ الحقوق» في المدينة مع الوالي التركي في هاتاي جنوبي تركيا، بدا خطاب الشركة تجاه المستفيدين من الخدمة ودياً عبر البيانات المتتالية التي نشرتها على صفحتها في فيسبوك. و«لجنة رد الحقوق» في مدينة عفرين هي هيئة منبثقة عن الفصائل المسيطرة على عفرين، تضم ممثلين عن الفيالق الثلاثة المٌشكِّلة للجيش والشرطة العسكرية في المنطقة، مهمتها دعم قرارات المؤسسات القضائية واستقبال شكاوي الأهالي والعمل على حلها.
وقد تحدّثنا إلى النقيب أبو أيهم، نائب رئيس لجنة رد الحقوق، لأخذ مزيد من المعلومات عن الاجتماع وما بعده. وقال إنه لم يطرأ أي جديد بعد الاجتماع الأخير مع شركة الكهرباء، والذي جرى خلاله التوصل إلى اتفاق على عدة بنود تم تنفيذ معظمها، وأهمها اعتذار الشركة من أهالي المنطقة والمتظاهرين، وهو ما حصل فعلاً.
ويقول: «ننتظر التسعيرة الجديدة من قبل الشركات المغذية للمنطقة على أن تكون مخفّضة وتُراعي مستوى دخل الفرد في مدينة عفرين، إذ يتوقع أن تُخفَّضَ إلى 1.85 ليرة تركية، إضافة إلى تعويض الأهالي بمبلغ مناسب عن انقطاع التيار لمدة 15 يوماً، والعمل على إصلاح الأعطال بأقصى سرعة ممكنة وإعادة التيار الكهربائي إلى عفرين خلال يومين. لقد بلغ عدد الشكاوي ما يقارب 1200 شكوى، ولا تزال الشكاوي مستمرة باعتبارنا طرفاً وسيطاً بين الأهالي والشركة، ونحن بانتظار الأيام القادمة للحكم ودراسة الخطوات الجديدة في حال إعادة رفع تسعيرة الكهرباء».
الشركات تقول إنها متضررة أيضاً
مصطفى حنورة المدير الإداري لشركة (STE Energy)، وهي الشركة المغذية لمناطق عفرين وراجو ومعبطلي وجنديرس وشران وصوران وريفها وأخترين وريفها، أوضح في حديثه للجمهورية أن التسعيرة لازالت 2.45 ليرة تركية للكيلو واط المنزلي و 4.5 للكيلو واط التجاري والصناعي، ولم يتم رفعها حتى اللحظة.
يقول: «تنوعت الأضرار التي لحقت بالشركة بسبب الهجوم على مقراتها بين التي طالت المواد الالكترونية (أجهزة كمبيوتر وطابعات وعدادات العملة وأجهزة كشف العملة وأجهزة قراءة باركود) وبين إتلاف الأثاث من طاولات ومقاعد، بالإضافة إلى المواد التي تعود للدائرة الفنية والمستودعات (أكبال متعددة القياسات، مواد وصل، وتجهيز الشبكات والمحولات). ولا زال العمل جارياً لإعادة تجهيز المباني وتأمين الممكن من المواد المفقودة».
يضيف حنورة أنه «يوجد في العقد مواد ملزمة بالتقيد بالأسعار فعلاً، ولكن وفق جداول من هيئة وزارة الطاقة التركية مع مراعاة الظروف الاستثنائية والظروف الطارئة والقاهرة من قبيل ارتفاع أسعار موارد الطاقة في تركيا. ومع ارتفاع سعر المادة من المصدر فإننا مجبرون على رفعها». أما عن صيغة العقود الموقّعة مع المجالس المحلية يجيب حنورة: «العقود موقعة على استثمار وإعداد وتجهيز الشبكات لتقديم خدمة الطاقة الكهربائية لمدة عشر سنوات وليس احتكار كما يشاع، باعتبار أن الخدمة في نهاية العقد تعود لإدارة المجالس المحلية والمكاتب الخدمية».
عقود غير مدروسة
وتمثل الاتفاقيات الموقعة بين المجالس المحلية وشركات الكهرباء، والتي بدأت عام 2018، جذر المشكلة، خاصة وأن العقود جعلت المجالس مكبّلة ووضعتها في موقف ضعيف أمام رفع شركات الكهرباء سعر الكيلو واط الساعي، فضلاً عن البنود التي تنصّ على عدم توسّع الشبكة الكهربائية على بعد أكثر من كيلومتر من أقرب نقطة تغذية قبل انتهاء مدة العقد بسنتين، بحسب البند رقم 6 من المادة 5 في العقد الموقع بين الشركة وبين مجلس مدينة اعزاز (مطابق لما ورد في مضمون العقد مع مجلس مدينة الباب المشار إليه أعلاه)، في حين يتوقع اتساع الرقعة العمرانية مع حالة الاستقرار التي تشهدها المنطقة، وكل ذلك بحسب ورقة بحثية أصدرها مركز عمران للدراسات.
ويعتبر الباحث الاقتصادي في مركز عمران مناف قومان أن أصل الخطأ كان في قيام المجالس المحلية لمدن ومناطق ريف حلب الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة بتحويل قطاع الكهرباء إلى قطاع خاص، وتوقيع عقود مع شركات توريد خاصة بدلاً من دعمه وتمويله. يقول قومان في حديثه للجمهورية: «إن العقود الموقعة بين المجالس المحلية وشركات الكهرباء المُورِّدة تمت في حالة غير صحية، حيث كان من الأجدى لهذه المجالس قبل التوقيع أن تعمل على مذكرة تفاهم وتعرضها على لجنة من القانونيين والإداريين لمناقشة كافة البنود وجعلها تصب في صالح المواطن والمجلس. كان الأفضل للمنطقة تشكيل مظلة إدارية واحدة تمثل كافة المجالس المحلية تحت إدارة تكنوقراط يضم أشخاصاً لديهم خلفية إدارية وقانونية واستثمارية، وتشرف على إدارة الاستثمارات في المنطقة ككل، والابتعاد عن خصخصة القطاعات في المرحلة الحالية، والتوجه إلى تنفيذ المجالس للمشاريع بنفسها أو دعمها من قبل المنظمات أو الاعتماد على نموذج المشاركة بين القطاع العام والخاص، وتأسيس شركة محلية في قطاع الكهرباء، باسم “شركة الكهرباء الوطنية” مثلاً، من قبل المجالس المحلية وتسجيلها في تركيا ومن ثم التفاوض مع كلتا الشركتين لشراء حصصهما أو تقليلها للحد الأدنى، أو إعادة التفاوض مع كلتا الشركتين وكتابة عقود جديدة تضمن حقوق المواطن وتأخذ الصالح العام في الاعتبار».
يتابع قومان شرحه: «العقود بصيغتها الحالة تصبّ في مصلحة الشركات، وكان خطأ المجالس الأساسي هو خصخصة الكهرباء، بينما الأصل أن يتم دعم أسعار الكهرباء من قبل المؤسسات الحكومية أو مشاريع التعافي المبكر، كما كان في سورية سابقاً وكما هو معمول الآن في تركيا ودول أخرى كثيرة، إذ إن الشركات تهدف للربح وليس من شأنها الالتفات للمواطن وأعبائه المعيشية التي هي صلب عمل المؤسسات الحكومية».
آثار سلبية أخرى
سلّطت احتجاجات الكهرباء الأخيرة الضوء على معاناة قاطني المخيمات في أرياف حلب، حيث ترتفع أسعار المادة لما يقارب الضعف في بعضها، مثل مخميات سجو وباب السلامة قرب مدينة اعزاز، وذلك نتيجة توريدها عن طريق مكاتب وسماسرة مستقلين عن الشركات المتعاقدة. يعيدنا هذا الأمر إلى البند رقم 6 من المادة 5 في العقد الموقع بين الشركة وبين مجلس مدينة اعزاز، التي تضمنت عدم توسيع شبكة الكهرباء، ما جعل قاطني المخيمات تحت رحمة مكاتب السمسرة التي بدأت بالظهور خلال العامين الماضيين.
وأكدت مصادر خاصة للجمهورية أن استجرار الكهرباء إلى مخيمات سجو وباب السلامة يأتي عن طريق مكاتب ومندوبين يشترون المادة من خطوط المجالس المحلية، والتي بدورها تتقاضى نسبة أرباح على الخطوط التي تخدم مخيمات المنطقة، ومنها مجلس سجو وباب السلامة الذي يحصل على نسبة أرباح من عوائد الاشتراكات، الأمر الذي يساهم بارتفاع تسعيرة الكهرباء على النازحين. ويضيف المصدر الذي فضّلَ عدم إعلان هويته: «كحالة طبيعية لطريقة التخديم هذه فإن سعر الكيلو واط سيرتفع، حيث يباع داخل المخيمات بسعر مقارب للتغذية التجارية وتبلغ 4.50 ليرة للكيلو واط، ما يعني أن العائلة تدفع نحو 450 ليرة شهرياً لتأمين الكهرباء».
ويشير المصدر أيضاً إلى أن «هذه الزيادات مبنية على نسبة أرباح تضيفها المجالس المحلية، إذ إن مجلس سجو يحصل على الكهرباء من قبل المجلس المحلي لمدينة اعزاز الذي يقوم بفرض نسبة أرباح، وثم يضاعفها مجلس سجو. ومؤخراً دخلت منظمة تركية على الخط وبدأت بجباية نسب أرباح باعتبارها المسؤولة عن المنطقة، وأخيراً فإن المكاتب والسماسرة يقومون بدورهم بزيادة التسعيرة للربح، وفي النهاية فإن هذه الزيادات تُلقَى على النازح الذي يعيش في خيمة صغيرة».
وخلال تواصل الجمهورية مع قاطنين في مخيمات سجو وباب السلامة، أكدوا أنهم يحصلون على الكهرباء بسعر أربع ليرات تقريباً، إضافة إلى دفع 20 إلى 25 ليرة مقابل إعادة شحن البطاقة الكهربائية. يقول أبو عيسى أحد قاطني مخيم باب السلامة، وهو نازح من مدينة حلب، إنهم حصلوا على الكهرباء بعد دفع كامل الرسوم والاشتراكات بطريقة نظامية كما يفعل سكان مدينة اعزاز، إلا أن تسعيرة الكهرباء كانت مضاعفة: «لا يمكنك الشكوى هنا، فإذا لم يعجبك السعر سيقوم المندوبون بإزالة العداد بكل بساطة، أو قطع الخط عن المنازل التي تقوم بسحب الكهرباء بشكل مباشر من قبل مبنى المجلس أو إحدى خيام المندوب إذا كانت قريبة». «يعني يا أما تدفعوا بهاد السعر أو تعيشوا بلا كهربا» بحسب أبو عيسى.
وقد تواصلنا مع المجلس المحلي لمدينة اعزاز بريف حلب الشمالي للاستفسار عن حقيقة عمل المكاتب المسؤولة عن تخديم مناطق المخيمات التابعة لها، وحقيقة تحصيله نسباً من الاشتراكات الواصلة إلى المخيمات، إلا أننا لم نتلقَ إجابة. في حين تمكنت الجمهورية من التواصل مع أحد المكاتب الموزعة في مخيمات ريف حلب، والذي نفى بدوره قيام المكاتب بفرض رسوم تعبئة خارج نطاق شحن البطاقات الالكترونية، أو قيامهم برفع التسعيرة، وأكد أحد المسؤولين عن هذا المكتب أن «عمله ينحصر في عملية الشحن والتعبئة فقط». ويقول: «نقوم بشحن البطاقات وفق السعر الذي تحدده الشركة المتعاونة مع المجلس في المنطقة (طلب الشخص عدم نشر اسم الشركة) مقابل حصولنا على نسبة من عملية التعبئة عن كل بطاقة».
المؤسسات المحلية تتهرب
وبدا لافتاً تَهرُّبُ المجالس المحلية من تقديم تصريحات تخص قضية الكهرباء الأخيرة، فيما اقتصر ظهورها الإعلامي على بعض البيانات التي اقتصرت على الوعود بتخفيض تسعيرة الكهرباء والعمل على خفض ساعات التقنين الكهربائي بالتعاون مع شركات الكهرباء، ما زاد من نقمة الشارع السوري في أرياف حلب.
ويعتبر المدون والناشط معتز ناصر أن عقلية المجالس المحلية في التعاطي مع المشكلات لا تختلف عن عقلية النظام، ابتداء من غياب التخطيط والشفافية وعدم مشاركة الناس، وصولاً إلى الترقيع لحلّ المشكلات ثم إنكارها وتحميل الإعلام والساعين لحلها من النشطاء مسؤوليتها، ثم التهرّب من المواجهة والمصارحة والعجز التام عن أي فعل أو تصريح، مع إرجاع كل السبب إلى الجانب التركي الذي بزعمهم يسلبهم جميع الصلاحيات، ولا يسمح لهم بحرية التصرف.
يقول ناصر: «ظهرَ ضعف المجالس المحلية بوضوح خلال الأزمة الأخيرة، وهذا الضعف ناجم عن عدم شرعية وأهلية القائمين عليها باعتبارهم شخصيات وصلت إلى رئاسة وعضوية المجالس دون انتخابات، بل قامت على التعيين من جانب السلطات التركية التي كان مقياسها في الاختيار هو مدى خضوع الشخص لأوامرها. وقد جاءت تزكية الأشخاص للمناصب عَبرَ محاصصات عشائرية وعائلية ومناطقية وفصائلية، وبالتالي فإن آخر ما يتم النظر له في هذه الحالة هو كفاءة الشخص، بل يتم التركيز على كونه متحيزاً للفئة التي وضعته ليسيّر لها مصالحها الخاصة على حساب الصالح العام».
ويضيف: «من المفترض أن تقوم المكاتب القانونية في المجالس المحلية بمهمة التحرك ومعالجة الأمر، إلا أنها أثبتت أن دورها يقتصر على تقنين وترقيع كل تجاوز وحالة فساد تقوم بها المجالس، ولو كانت فعلاً مكاتب مهنية أو لديها شرعية وطنية لكانت هي السباقة في لجم جشع شركات الكهرباء، وإلزامها بعقود تحقق مصلحة الطرفين وتراعي الصالح العام».
وعن الحلول الممكنة يرى ناصر أن «أهمها هو إنهاء مهزلة المجالس المحلية غير الشرعية، عبر حلّها وإقامة انتخابات شعبية مع فرض تتبيعها لمجلس محافظة حلب الحرة، وكف يد الموظفين الأجانب المتسلطين على قرارات المجالس السورية، والذين يقبضون مرتبات ضخمة من أموال السوريين، ويأتي ذلك مع إيجاد آليات واضحة للشفافية والمساءلة لمتابعة عمل المجالس». ويشير إلى أن «هذه الأزمة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة ولا الأشد، إذ أن استمرار السياسة القاصرة غير الرشيدة في تدمير الشمال المحرّر، ومحاربة الناس في لقمة عيشهم، لن تنتج إلا ألغاماً ستنفجر بأقل احتكاك أو تأثير، وسيكون انفجارها عاصفاً لن يُسمَع فيه لا صوت العقل ولا الحكمة».
حلول الحكومة المؤقتة
في محاولة الجمهورية للبحث عن توضيحات حول دور الحكومة المؤقتة فيما يخص عقود الكهرباء، قال مدير دائرة المجالس المحلية في وزارة الإدارة المحلية التابع للحكومة السورية المؤقتة محمد جلّو: «إن المكتب لا يمتلك أي دور فيما يخص ملف الكهرباء في ريف حلب». وهو أمرٌ أكدته عدة مصادر داخل الحكومة السورية المؤقتة، والتي أشارت أيضاً إلى أن الملف خاص بالمجالس المحلية التي قامت بتوقيع العقود مع الشركات بوساطة الولايات التركية التي قامت بتسهيل الأمر.
في حين أكد وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم مصري، أن الحكومة تعمل على مشروع خاص بتوريد الطاقة الكهربائية من خلال الطاقة البديلة إلى أرياف حلب وهو حالياً قيد الدراسة: «لقد تم رفعه إلى رئاسة الحكومة، ومن المقرر أن يولد 2.5 ميغا واط بتكلفة تصل إلى أربعة مليون يورو، وهذا المشروع قادرٌ على تغطية احتياجات المؤسسات الخدمية من أفران ومشافٍ ومدارس وغيرها، إضافة إلى تغذية المجالس المحلية في أرياف حلب».
يضيف مصري: «في حال كان هناك فائض، فسيتم طرحه لتغذية الكهرباء المنزلية بسعر التكلفة، الأمر الذي يساهم في تخفيف الأعباء على السكان ويعالج جزءاً من مشكلة ارتفاع أسعار الكهرباء في المنطقة. مشيراً إلى أن المشروع تم طرحه أصلاً بقدرة توليد 4 ميغا، إلا أن التكلفة المرتفعة التي تصل إلى نحو ستة مليون يورو تشكل عائقاً أمام الموافقة عليه، وهو ما دفعنا إلى تقديم مشروع بقدرة أقل».
لكن مشروع الحكومة المؤقتة يظل بعيداً عن الواقع، خاصة وأن تكلفته تقترب من حجم التكلفة لمشاريع استجرار الكهرباء من قبل الشركات الخاصة، مع تفاوت كبير في حجم التوليد والتغذية، إذ أن شركات الكهرباء تقدم مشاريعها بقدرة توليد تصل إلى 30 ميغا واط وبتكلفة 7 ملايين دولار، فضلاً عن عودة البنية التحتية إلى مَلَاك المجالس بعد انتهاء العقود مع شركات الكهرباء.
سلّطت أزمة الكهرباء الأخيرة الضوءَ على المشكلات التي تعاني منها أرياف حلب الشمالية والشرقية، وفي مقدمتها الدور المبالغ فيه الذي تلعبه المجالس المحلية بشكل مستقلّ، وسيطرتها على المشاريع الخدمية ومشاريع التعافي المبكر. ويعتبر العديد من الاقتصاديين ممّن تواصلت معهم الجمهورية، ومنهم مناف قومان الباحث في مركز عمران، أن حلّ مشكلة الكهرباء وغيرها من الأزمات التي تعيشها أرياف حلب يتمثّلُ في «تجمّع المجالس المحلية تحت مظلة إدارية واحدة، وعلى أن اعتبار الحكومة السورية المؤقتة جسمٌ شرعي وتنفيذي، فإنه يمكن لها أن تتولى تنفيذ الاستثمارات الكبيرة والاستراتيجية وتوقيع العقود وفضّ العروض».
لكن حتى هذا الحل يبدو بعيداً في ظل ضعف الحكومة السورية المؤقتة وفوضى السلطة التي تعيشها المنطقة، ما يعني تفاقم الأزمات التي يعاني منها السكان، إذ تشير جميع المعطيات إلى أن الاحتجاجات لن تكون الأخيرة في ظل أزمات أخرى عميقة تعاني منها المنطقة.