مَن يفتش عن فقرة حول العلاقة علمتني التجربة ألا أنسى التنويه إلى أن هذا النص لا يتضمن كل أفكاري حول النسوية والاشتراكية. هدفي منه محدد: إطلاق النقاش حول الأمور التي تفيد إعادة النظر في برنامج مبادئ حزب العمل الهولندي [الكاتبة]. بين الجنسين في منشور المبادئ القديمة ترجع المبادئ القديمة لحزب العمل الهولندي إلى عام 1959. وفي عام 1974 انطلق نقاش حول أهمية صياغة مبادئ جديدة، وحصل ذلك بالفعل في عام 1977 [المحرر]. لحزب العمل الهولندي، فلن يجد شيئاً. بل سيعثر على عبارة حول معنى الأسرة: «يعترف الحزب بالقيمة الجوهرية للزواج والأسرة بالنسبة لنمو شخصية الأفراد والمجتمع. وينبغي أن تهدف سياسات السكن الاجتماعية والضريبية والثقافية إلى حماية الأسرة وارتقائها». 

تبدو هذه الفقرة ساذجة وغير متسامحة ولا معنى لها. ساذجة، لأننا صرنا في الآونة الأخيرة ننظر إلى الأسرة كمنتِجة للشخصيات المتعنّتة والعصابية أكثر من كونها عامل تطور. وغير متسامحة، لأنها تهمل الذين لا يعيشون وفق نموذج الأب والأم والأطفال. ولا معنى لها، لأنها لا تقول شيئاً عن الطريقة التي ينبغي اعتمادها في تأسيس الأسرة والمجتمع. يبدو أن الذين صاغوا النص كانوا ينظرون إلى الأسرة كما كانت في الخمسينات، أي أن ثمة رجلاً يقوم بدور المسؤول المادي، وامرأة تأخذ على عاتقها دور العناية برفاهية أفراد الأسرة الجسدية والنفسية. ولكن بعد مرور خمسة عشر عاماً على صياغتها، أجد نفسي لا أفهم لماذا لم تعترض النساء والاشتراكيون عليها وقتئذ، فالأسرة كما نعرفها هي آخر آثار الإقطاعية المؤسسية التي ما زالت موجودة. أليس الحري بمن يدعو إلى تحقيق فرص متساوية للجميع أن يبدأ بتنحية البقايا القروسطية للمنظومة الاجتماعية؟ 

لماذا تُعتبر الأسرة إقطاعية؟ لأنها ليست مجتمعَ عملٍ يملك الأفراد البالغون فيه إمكانيات متساوية، ويقدّمون مساهمة متساوية، بل مؤسسة يبذل فيها فردٌ واحد، أي الأم، قوته العاملة مجاناً للآخرين، مقابل المأوى والطعام واللباس ودرجة معينة من الحماية. تعيش الأم ضمن نظام استغلالي واستجدائي.

من زمان كانت الأسر تضم عدة أجيال: كبار السن، والعمّات/الخالات غير المتزوجات، والأبناء الناشئين. بالنسبة لبعضهم كان سدّ الحاجة هو السبب (الجد/ة، والعمّة/الخالة الهرمة التي انضمت إلى أسرة أخيها أو أختها)، بينما طغى الاستغلال بالنسبة لآخرين (الأبناء البالغون الذين يعملون مجاناً في الشركة العائلية، والعمّة/الخالة التي مكثت كي تعتني بوالديها). أما في عصرنا الحالي، فقد انتبهنا إلى أن هذه الفئات لديها الحق في الاستقلالية. العمّات غير المتزوجات خرجن إلى العمل، حتى ولو استمرت عنايتهن بالوالدين أحياناً. وكبار السن صار لديهم راتب الشيخوخة، ولم يعودوا يسكنون عند أبنائهم. والأبناء البالغون صار لديهم الحق بأن يصنعوا مستقبلهم، وحالما يرتفع دخلهم، لن يحتاجوا للسكن في المنزل العائلي. الوحيدة التي لم يتغير وضعها هي المرأة المتزوجة.     

كيف يمكننا فهم أن لا أحد اعترض على تلك الصياغة في عام 1959؟ على الأرجح أن الجواب يكمن في ثلاثة عوامل؛ العامل الأول هو أن ثمة إجماع في هولندا حول مصير المرأة: الفتاة تعمل، والمرأة المتزوجة تمكث في المنزل. أما المرأة التي فاتها قطار الزواج فيحق لها أن تشارك ككائن اجتماعي. العامل الثاني هو أن الإقطاعية كانت قد شذّبت نفسها بعض الشيء، فتخلصت المرأة المتزوجة إلى حدٍّ ما من تبعيتها القانونية: تمّت مكافحة الأعراض والقبول بأسطورة «الشراكة»، حيث يقوم أحد الشريكين بـ«الخدمة الخارجية» والآخر بـ«الخدمة الداخلية».